news-details

معلمتي عايدة حوراني - نصر الله وداعًا | شرف حسان

بعض المعلمين/ات يتركون أثرًا كبيرًا على طلابهم رغم مرور السنين فيبقون أحياء في الذاكرة حتى لو فارقوا الحياة. المعلمة عايدة حوراني نصر الله هي واحدة من هؤلاء. 
لقد وضعت التربية قبل التعليم فكان كل لقاء معها يتطرق لقضايا الساعة الملتهبة مسخرة نصوص الأدب لحث الطلبة على التفكير النقدي وفحص أوضاعنا والعمل على تغييرها. لقد أثارت حب استطلاع الطلبة مستفزة رغبتهم في المعرفة حول القضايا المتنوعة التي اشغلتنا كفلسطينيين.

أذكر حركاتها وشجاعتها. فكانت تعتلي منصة الصباح خصوصا في مناسبات كانت تبادر لها مجالس الطلاب في المدرسة فتأخذ السماعة وتتحدث أمام الطلبة بإسهاب حولها. وكانت المناسبات والأحداث حينها كثيرة فصادفت فترة تعليمي الثانوي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي أحداثا هامة كالانتفاضة الأولى والمجزرة بحق العمال الفلسطينيين في "ريشون ليتسيون"  واستشهاد ابن طمرة الشهيد عدنان خلف مع عدد كبير من الشهداء في المسجد الأقصى وغيرها. والحقيقة أن الأحداث دائما موجودة ولكن مدارسنا ومجتمعنا يحتاج إلى مثل عايدة نصر الله كي تعطي معنى لهذه الأحداث وأثرها علينا وتحرر وعينا من اللامبالاة وقيم ثقافة الاستهلاك وتذكرنا بمن نحن وبقضايانا الرئيسية الجماعية.

كانت حصصها غنية بالأفكار والنقد ومعالجة أسئلة كبرى تتعدى مادة التدريس التقليدية. فكانت تقدم نماذجًا كيف يمكن ان تحول أي نص إلى مادة حية مرتبطة بكل ما يحيط بنا.

كنت ألتقي بها في مظاهرات ومناسبات سياسية مختلفة فكانت مثالا للمثقف العضوي الذي يحمل موقفًا ملتزمًا ويرى العلاقة بين جميع القضايا ويربط ما بين الثقافة والفكر والعمل وكان همها الوحيد المساهمة في العطاء. انتمائها السياسي للحزب الشيوعي وللجبهة كان تعبيرًا عن القيم الانسانية التي أمنت بها وعن انتمائها الوطني ورغبتها في النشاط والعمل. 

كانت تتصل بي من فترة لأخرى فنتحدث حول قضايا التربية والتعليم والأوضاع السياسية ونتذكر معًا مواقف من فترة المدرسة وغيرها. كانت تسأل عن أخبار الكثير من الطلاب والزملاء فتتمنى الخير للجميع.  

لقد أخلصت لشعبها ولطلابها ولبلدها الثاني -طمرة الذي علمت به على مدار سنين طويلة فكانت تعتبر نفسها ابنة لهذا البلد وبادلها طلابها وأهاليهم وزملائها في العمل نفس الشعور.   

مع رحيلها أشعر بمرارة وتقصير. كنت أخطط لزيارتها مؤخرًا وللأسف سبقني الموت اليها. 

ستبقى ذكراك معلمتي خالدة في قلوبنا وذاكرتنا. 

رحمها الله وأحر التعازي للعائلة – أبو ناصر وناصر وندى ونجوان ونادرة وإلى جميع الرفاق والأصدقاء والاقارب والزملاء ومحبي المعلمة عايدة.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب