news-details

معليا - مركز للسياحة يجب تطويره| إلياس أبو عقصة

برز بشكل واضح هذا الموسم تدفق الزوار إلى معليا، عربًا ويهودًا، رغم جائحة الكورونا، فمنذ أوائل شهر كانون أول وفرق الزوار لم تتوقف، أكثر من ألف سائح دخلوا إلى القرية، وخاصة في الاسبوعين الاخيرين، قبل عيد الميلاد، للتمتع بأضواء وزينة عيد الميلاد، حيث بدت القرية كحديقة مزينة مزركشة، في البيوت والساحات والشوارع. الفرق والعائلات الضيوف تجولوا في القرية مع مرشديهم أو مع مرشدين محليين أو لوحدهم.

قد يقول قائل... حسنًا، ما الجديد؟! ولماذا معليا؟!

صراحة، أقول أن لقرية معليا ميزات خاصة في المجال السياحي، فلها تاريخ عريق يربو عن ألف سنة، قصة سكانها وأهلها الحاليين مثيرة للاهتمام، الأمر غير مفهوم ضمنا، كون كل سكانها مسيحيين روم ملكيين كاثوليك، بينما حافظت على كنيستها الأورثودوكسية الشرقية، فيها العديد من المواقع الأثرية والتاريخية؛ قلعة الملك، معاصر العنب، قبور بيزنطية، مجمع ماء تحت الأرض منحوت بالصخر بمقياس حوالي مئة متر مربع، وله سقف صخري يقف على خمسة أعمدة، وكل هذا منحوت يدويا بالصخر من الفترة البيزنطية، وهو الأكبر في البلاد بهذا الشكل، مساطب فسيفساء لكنيسة بيزنطية، معصرة العنب (مصنع) الأكبر في البلاد وربما في الشرق الأوسط من الفترة الصليبة.

في القرية العديد من المرافق السياحية، صناعة العرق والنبيذ والأجبان، ورب الخروب ومعاصر الزيتون القديمة وغيرها، فيها الكثير من المطاعم الراقية، والأهم أن العديد من البيوت القديمة قد أعيد ترميمها للسكن والسياحة، والعديد من غرف الضيافة، وموقع القرية الجغرافي ومجالها الطبيعي بين الجبال والأودية، وزيتونها الرومي والطبيعة الخلابة، وبالأساس سكانها الطيبون المضيافون وحسن استقبالهم للضيوف، يجعلها منارة للسياحة والزوار.

ما يلفت النظر، اهتمام أهل البلد ومبادرتهم الشخصية وعلى حسابهم الخاص، يمولون تلك المشاريع السياحية المهمة، كذلك توجه الأهالي واهتمامهم بالآثار. فمثلًا، الأخ ايليا عراف أفرغ غرفتين في بيته ودعا مسؤولي الآثار للتنقيب داخلهما، حيث كان يعرف أن تحت الغرف يوجد فسيفساء، والأخت سلمى عساف وأولادها رمموا ثلاثة بيوت قديمة مهدمة، لتصبح أخيرا من أشهر المطاعم في البلاد، شاتو دي روا، وتحته وجدت معصرة العنب الصليبية.

يمكن إضافة عدة أسماء أخرى تعمل في مجال السياحة أو الاقتصاد السياحي (لتكن فترة الكورونا عابرة، كي نعود إلى حياتنا الطبيعية).

الناس معطاءة والمبادرون كثر، والاهتمام بالسياحة ومرافقها يزداد يوميا. عندنا كنز كبير، ومرافق عديدة، و"الحبل عالجرار"... فماذا ينقصنا؟

على هذه الخلفية، نشر العديد من المقالات والتقارير السياحية في الصحف العبرية والتلفزيون (قناة 12 وكان وهلا) عن معليا، لكن كل هذا لا يكفي إن لم يشارك المجلس المحلي ويأخذ دوره الطبيعي في هذا المجال. لقد قام المجلس ولسنوات عدة بنشاطات فنية اجتماعية سياحية كبيرة، وكانت ناجحة جدًا. أذكر مهرجانات الربيع ومهرجانات الميلاد، المشروع الرياضي كريسماس ران ومهرجانات النبيذ والزيتون، وغيرها، وما رافقها من روافع وفوائد اقتصادية للناس. لكن المجلس شبه مغيب عن القطاع السياحي اليومي، وهذا الأمر ليس على أجندته ولا في برنامجه ولا ضمن مجال اهتمااته، لقد حاولت العديد من المرات لدفع المجلس وإثارة اهتمامه، لكن للأسف دون جدوى. لماذا لا توجد لجنة سياحة؟ هذه اللجنة ممكن أن تضع البرامج السياحية وتطور المرافق العامة السياحية، منها على سبيل المثال: إصدار كراس سياحي عن القرية، وإصدار خارطة سياحية، وتطوير برنامج محوسب، وإقامة موقع سياحي في الإنترنت، وتسمية الشوارع وإدخالها إلى الحاسوب، وإدخالها إلى تطبيق "ويز"... هل يعقل أن تبقى الخارطة الحالية بدون حتلنة منذ عام 2002 مع أسماء مثل كرم غظبة والسنسول وخلة اسعد شريح، والجناوية ورباع صالح ويوسف نصير، وباب النصب وباب السياقل والجملون، والعشرات من الأسماء التي لا يعرفها اهل البلد وخاصة الأجيال الصاعدة؟ ما المانع من تسمية الشوارع بأسماء تشرفنا ونعتز بها في خارطة حديثة تتلاءم مع تطور وسائل التواصل والانترنت وتطبيق "ويز"؟

ما العائق أمام إصدار رخصة لفتح مجمع المياه البيزنطي وبناء بيت درج آمن للنزول إليه في حارة المغارة؟! هذا الأمر الذي نطالب فيه منذ سنوات عديدة، أليس في الامر ما هو سياحي وثقافي وأثري؟ خاصة وأن سلطة الآثار تعهدت بالمساهمة المالية والإدارية العملية للمشروع بالتنسيق مع مدرسة نوتردام والمجلس المحلي.

ألا يمكن وضع لافتات سياحية ومعلوماتية وإرشادية والإشارة إلى المواقع في بعض النقاط والشوارع؟

هناك الكثير من العمل والتخطيط، وعليه أدعو المجلس المحلي لأخذ دوره الطبيعي في هذا المجال، وليبدأ بإقامة لجنة سياحة تهتم بالتخطيط والبرمجة.

أقول هذا وأكرر أن السياحة باب عريض، انفتح في البلاد عامة وفي معليا خاصة، والسياحة هي صناعة وباب رزق أيضًا، عدا عن تأثيرها الاجتماعي والثقافي، علينا تطويرها واستغلالها بقوة أكبر، فالفائدة للناس، لكل الناس، ومعليا تستحق أكثر من ذلك.

كلي أمل أن تلقى رسالتي هذه آذانا صاغية.

 

 

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب