news-details

ملاحظتان في زمن الكورونا | محمد بركة

الاولى:  كلنا يعلم ان انتشار  فيروس كورونا يشكل خطرا على حياة وصحة الناس. حسب روايات المصابين فلا احد يعرف حجم الالام الهائل والمعاناة الفظيعة، من جراء الاصابة مثلهم. لذلك دعواتنا المتكررة للالتزام بالتعليمات الصحية هو امر لا جدال فيه وعلى الجميع الالتزام.

الثانية: نحن لا نعلم بالكامل حتى الآن، حجم الاثار الاجتماعية والاقتصادية والبنيوية التي خلّفها وسيخلّفها انتشار هذا الفيروس.لكن واضح حتى الآن ان نسب الفقر والبطالة ستتزايد وان الدمار سيلحق بالطبقات الوسطى ،وهيمنة وتغوُّل الاحتكارات الرأسمالية النيو ليبرالية الكبرى ستتعمق على صعيد الاقتصادات القومية المحلية وعلى صعيد الاقتصاد العالمي .

هذا الواقع قد يعيد انتاج مجتمع العبيد والاسياد بشكل "عصري" وجديد مع تطويع الامكانيات الاعلامية الهائلة العابرة للقارات لخدمة المشروع الجديد و"إقناع" السواد الاعظم من البشر بان ذلك في صالحهم.

تعويد الناس على الاغلاق ( منع التجول)، وتحويل ادارة الازمة الى مؤسسات عسكرية ومخابراتية، وانتهاك خصوصية البشر، وجعل التعقُّب امرا مألوفا  ،وفرض الغرامات الباهظة على من لا يجد قوتا في بيته، ورفع منسوب الاعتماد عل  الصدقة ( من الدولة او من مؤسسات المجتمع المدني)  وتغريب الناس عن بعضهم البعض (حتى في اطار الخلية العائلية الواحدة) .

كل ذلك الى جانب الآثار الكارثية على اجهزة التعليم وما يسمى التعليم عن بعد سيقود بالتالي الى تفكيك قوى التغيير والثورة الاجتماعية وسيقود الى تعليم داجن يجري فيه برمجة العقول في صالح الطبقة المهيمنة.

ان مجرد الاصرار الرسمي في كل لغات العالم على اعتماد مصطلح " التباعد الاجتماعي" وليس "التباعد الجسدي" يحمل دلالات واشية بمقاصد تلك القوى المهيمنة على الاقتصاد وعلى الاعلام وعلى الحكومات.

ثمة ضرورة لإعتماد رؤى اجتماعية انسانية في  اطار العاملين في المهن الصحية لوضع الرؤية المهنية في الاطار الانساني العام وليس في اطار ترويض الطب لخدمة النظام.

في واقعنا الفلسطيني في كل فلسطين التاريخية يصبح نصب حاجز اسمنتية  في مختلف الاماكن إجراءً احترازياً وليس ،كما هو، ممارسةً قمعيةً.

في واقعنا الفلسطيني ايضا يجب ان نكون على مستوى عالٍ من اليقظة خشية ان يجري  استغلال الجائحة وتنفيذ  مخططات قديمة وحديثة للاجهاز على قضية شعبنا (بدوافع انسانية طبعا!!!) وبالاخص قضية اللاجئين في المساحة ما بين مشاريع التوطين القديمة وصفقة القرن الحديثة.

قد يعتقد البعض وخاصة المتحمسون ، من حيث يدرون ومن حيث لا يدرون، للنظام العالمي الجديد ونهاية الايديولوجيا وتسفيه العمل السياسي  والاحزاب واعتماد منظمات المجتمع "المدني" ،ان ما ورد اعلاه يدخل في باب نظرية المؤامرة.

لكننا تعلمنا عبر تجارب التاريخ ان قوى الهيمنة والطغيان استغلت كل ازمة او كارثة لإعادة ترتيب الاوراق في صالحها.

طالما يمرض الناس ويموتون، لا مناص من التزام المحاذير.

طالما كانت القراءة المستقبلية  تستوجب استقراء الاخطار فلا مناص من استنهاض القوى المتحيزة للانسان وللانسانية ، ولا غضاضة أبداً  أبداً ،في استرجاع الزخم الحقيقي الانساني لقضية الثورة.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب