news-details

وداعا شيخ الممثلين الفلسطينيين طارق قبطي | عبد الخالق اسدي

قبل ان يكون طارق قبطي ممثلا مسرحيا مشهورا محليا وعالميا فهو زميلي في الدراسة في دار المعلمين العرب في يافا من العام 1962 لمدة سنتين.. باعدتنا الأيام الى ان قمت بمبادرة شخصية بمساعدة زميلي وصديقي الأستاذ فلاح عودة للقاء الاخوة خريجي دار المعلمين للعام 1964 وكان ان التقينا بعد 53 عاما في قاعة قصر الباشا للأفراح في دير الأسد في 3/11/2017 وكان طارق من الحاضرين.
ولد طارق قبطي في مدينة الناصرة 20/8/1944، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في المدرسة المعمدانية في الناصرة وتخرج منها. انتقل للتعليم في دار المعلمين العرب في يافا من سنة 1962 -- 1964. متزوج من السيدة ناديا بواردي ورزقا بأولادهم اياس وايناس وعبير. عمل في سلك التعليم من الستينيات الى الثمانينيات من القرن الماضي وتزامن حبه للمسرح مع عمله في التعليم، فكانت بدايته المسرحية في منتصف الستينيات بعد تخرجه من دار المعلمين.
تعامل طارق مع التعليم على انه نوع من أنواع الفنون وقدم نموذجا من التعليم الشمولي الذي يربط الطلاب بمجتمعهم وقضاياهم. عمل بعد تخرجه من دار المعلمين في المدرسة الابتدائية في قرية البير المكسور وانتقل بعدها ليعلم اللغة العبرية والجغرافيا في المدرسة الإعدادية "أ" في الناصرة وخرج للتقاعد المبكر عام 1988. تعرض الأستاذ طارق اثناء تعليمه للمضايقات والرقابة لمواقفه الوطنية وخصوصا بعد انتخاب توفيق زياد لرئاسة بلدية الناصرة، حيث نشط طارق في صفوف جبهة الناصرة الديموقراطية للسلام والمساواة، وشارك في معظم الأنشطة السياسية والوطنية في المدينة وخارجها. قدم عددا من الاعمال الفنية لأحياء مناسبات وطنية وساهم في صقل الوعي الجمعي الوطني. وقد عرف بتشجيعه لطلابه على الاهتمام بالمسرح والادب والفن والسياسة وكان يقدم لطلابه كتبا وروايات ونصوصا لكتّاب فلسطينيين وعالميين مثل اعمال غسان كنفاني وبريخت. كان أستاذا محبوبا وقريبا من طلابه كما كان طالبا محبوبا في دار المعلمين قريبا من زملائه نشيطا ظريفا ضاحكا مبتسما، كله حركة ونشاط ادب واخلاق. أمضى طارق أكثر من نصف قرن مع المسرح وبصحبته ولم ينفصل المسرح عن السياسة لديه منذ بدياته المسرحية في منتصف الستينيات.
ساهم مع زملاء آخرين في انشاء مسارح محلية وإنتاج اعمال مسرحية محلية في الناصرة ومن المسرحيات التي شارك فيها "رجال في الشمس" عام 1976على مسرح بيت الصداقة التي منعت الرقابة الإسرائيلية عرضها، ومسرحية "الاعمى والاطرش" والمسرحيتان لغسان كنفاني. غاب عن المسرح في فترة السبعينيات لأسباب مختلفة وكانت فترة قاسية. عمل محررا في صحيفة الصنارة وعمل في مكاتب التسويق لفترات قصيرة في التحرير والترجمة. في العام 2002 عاد قبطي لحياة المسرح حيث عرض عليه الفنان محمد بكري دورا في مسرحية "مشهد من الخريف" تأليف ارثر ميلر وهي من اخراج محمد بكري وكانت هذه الدعوة بث الحياة من جديد في روح قبطي وعودته الى الفن والتمثيل.
 يعد قبطي من الفنانين المنحازين الى القيم والفن والإنسانية والمسرح وقالت عنه ابنته "لقد زرع في ابنتيه وابنه حب الوطن في عمر صغير جدا فكانت الرحلات التي يصحبهم فيها الى القرى المهجرة ومعالم تاريخية تعلموا منها الكرامة والعدل والتمسك بالحقوق". كان ملاحقا من السلطة لاشتراكه بالمظاهرات في مجزرة صبرا وشتيلا والانتفاضة الأولى والثانية واطلق عليه الرصاص المطاطي ولم تتمكن عائلته من اسعافه لان الشرطة أغلقت الطريق امامهم. كانت ابنته تقول: "ابي كان يتنفس الفن والسينما، كانا بمثابة الهواء الذي يبقيه على قيد الحياة". ستبقى ذكرى طارق قبطي ومسيرته خالدة في الوجدان والذاكرة الفلسطينية. وداعا يا شيخ الممثلين رحمك الله واسكنك فسيح جناته.
وفاء للزمالة: أبو رامي عبد الخالق اسدي 6/6/2022 

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب