news-details

وداعًا أيها الراحل الباقي.. إدوار منصور| مليح الكوكاني

أسبوع على رحيل ابن هذا الشعب في أبو سنان، سافر في رحلة اللاعودة، وهو في عز العطاء والحب والحياة ما استطاع إلى ذلك سبيلا. أبو جورج فالحقيقة والغياب مجرد كابوس غير قابل للاستيعاب، لكن الدموع والألم واللوعة والحسرة، يقولان إن الرفيق إدوار منصور قد ترجل عن صهوة الحياة، بعيدًا عن ملاقاة أعضاء الحزب والجبهة، بعيدًا عن العائلة والأهل والأصدقاء والمعارف وكل من عرفه من قريب أو بعيد، إذ لم يكن لإدوارنا الغالي أية معاناة أو مشاكل صحية، كان سليمًا معافى، يتمتع بنشاط وحيوية شبابية، كان حاضرًا متواجدًا حيث يجب أن يكون، باكرًا في ساحات الشرف في تحصيل لقمة العيش لأسرته لشريكة حياته زهيرة (أم جورج) التي أحبها وبادلته الحب بالحب على الحلوة والمرة، لابنه الممرض الناجح جورج ولعروس المستقبل جوانا خفيفة الظل، رحل أبو جورج إدوار منصور، الإنسان الودود المبتسم ذو المواقف الصلبة، رحل وهو يحضر ويفكر بأهمية وضرورة الاختلاط بالناس ودخول بيوتهم من أهل وأصدقاء وكذلك العمال والحرفيين وكل فئات المجتمع، ولأن أبا جورج يمتاز بمهنية عالية في الدقة والإخلاص نال احترام جميع من عرفه.

نما وترعرع الراحل المعطاء، في بيت كادح يميزه الإحساس والانتماء العميق للشغيلة وجمهور الأجيرين، وكما يقول المثل، "إن ثلثي الولد لخالو" فقد سار على الطريق الكفاحي الشيوعي والوطني لمسيرة جده نمر شاهين وأخواله ناهي حبيب وهيب وحسيب وغيرهم. تكونت أسرة الفقيد من والده ووالدته وأخواته الأربع إلى جانب أخيه ربيع. هؤلاء شكلوا ما يسمى الخلية الشيوعية الجبهوية كأسرة كفاحية وطنية لها رصيدها وحضورها العام في مسيرة جبهة أبو سنان الديمقراطية، وجميعهم نشأوا وترعرعوا في منظمة أبناء الكادحين، ثم في صفوف الشبيبة الشيوعية ثم إلى الحزب والجبهة، إلى أن أصبح راحلنا أبو جورج واحدًا من فرسان الكفاح وقادة الشبيبة في أبو سنان، إذ كان يأخذ على عاتقه الكثير من المهام والمسؤوليات الحزبية والإدارية ذات الوجهة العملية، مثل أهمية توزيع صحافه الحزب "الاتحاد" و"الغد" وغيرهما، والتحضير المبرمج للمشاركة في توزيع صحافة الحزب في القرى البيضاء مثل دنون جت العرامشه ويانوح، كان مثاليًّا بارزًا موهوبًا يقف في رأس المجندين والمشاركين لمخيمات العمل التطوعي في الناصرة ومنطقه عكا، ولأن نشاطه وحضوره وتواجده الدائم بين الناس والناخبين، فقد كان له أثر كبير في العمل الانتخابي البرلماني والمحلي، لما يتمتع به من بساطة ومكانة واحترام لدى فئات عمالية وشعبية رأت فيه العنوان لقضاياهم السياسية والطبقية، إذ امتاز رفيقنا الغالي إدوار منصور بمزايا ومواقف كفاحية ملتزمة، إلى جانب كونه يتمتع بمصداقية ومحبة بين جيرانه وعموم أهالي بلده، فهو يتربع على عرش الفكاهة الشعبية اللاذعة والساخرة، ومجالسته كان يخيم عليها روح الدعابة التي  تتسم  بالبساطة الشعبية، ولأن شخصيته المحبوبة لها جاذبيتها ومقبولة لدى أوسع فئات الناس من كافة الأعمار، إذ كان أبو جورج لا يحب الحديث عن نفسه، لكنه كان شديد الملاحظة والفطنة مرهف الأحاسيس ذا بصيرة نافذة.

أخي ورفيقي وحبيبي وعزيزي إدوار منصور (أبو جورج) الغالي: غادرتنا في منتصف الطريق، ونحن أحوج ما نكون إليك، في هذا الزمن الكالح والمغبر. رحلت عشية حلول الشهر المبارك رمضان الكريم، وقبل أيام معدودة من عيد الأم ويوم الأرض الخالد، فقد غيبك الموت ونحن في أول الربيع وأنت تحب الربيع الذي فيه تكتسي الأرض وتلبس الطبيعة ثوبها الأخضر اليانع، أبا جورج كانت هذه المناسبات والطقوس تنتظرنا من عام لآخر، وها أنت تترجل عن صهوة الحياة والعطاء وتغادرنا بهدوء وصمت حزينين قبل أن نفرح لفرح جوانا وجورج. نم يا عزيزي ويا رفيقي نومتك الأبدية، فرحيلك يؤلمنا كثيرًا وغيابك يفجعنا، أما نسيانك فغير وارد في برنامجنا، أما حضورك وتواجدك فهو باق معنا. كما أن ذكرياتك وأمسياتك وكلماتك ومشاركتك..ستبقى زوادة الطريق مهما تعاقبت الأيام والسنين.

لروحك إدوار منصور ألف سلام.

(أبو سنان)

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب