news-details

"الغضب" كتاب آخر لبوب وودوارد حول تحليل شخصية ترامب السياسية| ليانا خوري

 نشر الصحفي والمؤلّف الأمريكي الشهير بوب وودوارد في بداية الأسبوع الماضي كتابه الجديد تحت عنوان "الغضب"، ويأتي هذا العنوان اقتباسًا لجزء من مقابلة اجراها وودوارد مع دونالد ترامب في عام 2016.

هذا الكتاب هو تتمّة لكتاب "الخوف" الذي نشر في عام 2018.وذلك استنادًا الى مئات الساعات من المقابلات ومصادر مباشرة ومذكرات لاجتماعات ويوميات شخصية عن فترة رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة الامريكيّة.

يتضمن الكتاب المكوّن من 392 صفحة ادعاءات وتصريحات خطيرة من ضمنها معرفة ترامب بخطورة فيروس كورونا، واختياره التقليل من شأنه عمدًا، مما يعرض حياة الملايين للخطر، بالإضافة لموقف ترامب المتطرف ضد القضية الفلسطينية وكذب ترامب المستمر وتستّره تحت شخصيّة "الأبله العنصري".

ويقول وودوارد إن ترامب ينصاع بل ويدعم الدعايات الكاذبة "البروبغندا" ويظهر لنا كشخص يعاني من مشكلة جديّة في التمييز بين الدعاية والخيال الحزبي وبين الواقع.

لا شك أنّ غالبيّة أقسام الكتاب مهمة الا أن أكثر أقسام الكتاب إثارة هي كشف أحد الأسباب لتغيير ترامب السياسة الأمريكية تجاه الفلسطينيين بعد أن أطلعه بنيامين نتنياهو على شريط فيديو مفبرك بشكل واضح وفظ لمحمود عباس يأمر الفلسطينيين بارتكاب جرائم قتل بحق المدنيين والأطفال.

ويوضح وودوارد في كتابه أنّه في الوقت الذي بدأ فيه ترامب يشكك في نتنياهو ويتساءل عما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي هو العقبة الحقيقية أمام السلام مع الفلسطينيين.

ولكن، كما كشف وودوارد، تغيرت لهجة ترامب بشكل ملحوظ بعد زيارته الأولى لإسرائيل كرئيس للولايات المتحدة في شهر أيار من عام 2017.

وخلال اجتماع مع نتنياهو في تل أبيب، سحب كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر وزير الخارجية آنذاك ريكس تيلرسون إلى اجتماع لأن ترامب كان غاضبًا من مقطع فيديو عرضه عليه نتنياهو.

"شاهد هذا! هذا لا يصدق!" قال ترامب لتيلرسون، قبل أن يأمر الموظفين بتشغيل ما يعتقد السيد تيلرسون أنه شريط فيديو ملفق بشكل فاضح لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وهو يدلي ببيانات تحريضية.

أظهر مقطع الفيديو، الذي يعتقد تيلرسون أنه إما مزيف أو تم التلاعب به، أن عباس يأمر بقتل الأطفال من خلال تجميع كلمات وجمل خارج السياق معًا.

"وهذا هو الرجل الذي تريد مساعدته؟" سأل نتنياهو السيد ترامب.

وعندما غادر نتنياهو المتهم، بالفساد، الغرفة ، قال تيلرسون لترامب: "سيدي الرئيس ، هل تدرك أن الأمر برمته كان ملفقًا؟"

أجاب ترامب: "حسنًا، إنها ليست ملفقة". "لقد وضعوا الرجل على شريط يقول ذلك."

في اليوم التالي، هاجم ترامب عباس بشكل خاص خلال اجتماع الاثنان في بيت لحم، واصفًا إياه بـ "الكذاب" و "القاتل" الذي "خدعه" للاعتقاد بأنه يمكن الوثوق برئيس فلسطيني منذ فترة طويلة. في العام التالي، ألغى ترامب جميع المساعدات الأمريكية تقريبًا للأراضي الفلسطينية المحتلّة وأمر بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن العاصمة.

يذكر أن كتاب بوب وودوارد "الغضب"، اعتمد فيه على ما استمده من معلومات جمعها من مئات الساعات من المقابلات مع ترامب، بما في ذلك 18 مقابلة معه استمرت 9 ساعات، بالإضافة لمراسلات ووثائق سرية.

كما أن الكتاب الذي نشر يوم 15 سبتمبر الحالي، يقدّم تفاصيل عن الرئيس الأميركي وبعض كبار مساعديه، ويختتم بتقييم وودوارد لترامب على أنه ليس الرجل المناسب للمنصب الذي يشغله.

من الواضح شعور ترامب بالقلق طوال المقابلات التي اجريت مع وودوارد بشأن الكيفية التي ستُعرَض صورته من خلالها في الكتاب. وفي بعض الأحيان كان يضغط على وودوارد قائلًا: "سيكون شرفًا لي أن أحصل على كتاب جيد منك".

بيد أنه كان متشككًا في معظم الأحيان، وقال لوودوارد في إحدى المقابلات: "أنت ستخدعني على الأرجح. كما تعلم، لأن هذا هو ما يحدث فعلًا: وفي مقابلة أخرى قال: "في النهاية، أنت ستكتب على الأرجح كتابًا رديئًا. ولكن ماذا يمكنني أن أقول؟".

في نهاية الكتاب يلخّص موقفه من سلوك ترامب بجملة ويقول إنّ التّاريخ سوف يثبت أنّ ترامب لم يكن الرّجل المناسب للمنصب.

إن أهمية هذا الكتاب لا تكمن فقط "بفضح" لا اخلاقية ترامب السياسية والاجتماعية والتّأكيد على عدم ملاءمة ترامب لمنصبه الحالي، أو حتى اظهار عقد ترامب النفسية. فمن الممكن أن تكون مفهومة ضمنًا للعديد من القراء، ولكن كتابا كهذا يكشف تكتيكات ترامب وتستره تحت شخصيّة "الأبله" لتحقيق مخططات خبيثة بغير ما يحوي للعلن وحتى لوودوارد نفسه.

هذا الكتاب يؤرخ ويؤرشف "انجازات" ترامب الخطيرة في السنوات القليلة الماضية.

إنّ هذه المقابلات تكشف طبيعة ترامب المتعمدة والراغبة في الأكاذيب. فعلى عكس معظم التسجيلات عن ترامب، يخبرنا وودوارد شيئا جديدًا عنه، بدلا من مجرد تأكيد ما نعتقد أننا نعرفه بالفعل.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب