news-details

17 تشرين الأول اليوم العالمي لمكافحة الفقر: 3,4  مليار إنسان في العالم يقمعهم الإفقار

 لبنان أولًا

عندما خرج الشعب اللبناني للتظاهر يوم الخميس السابع عشر من تشرين أول الحالي، ضد السياسة الحكومية وما حملته من فساد وفقر وغيرها من التبعات للمواطن اللبناني، كان العالم في هذا اليوم يحيي اليوم العالمي لمكافحة الفقر، لا ندري إن كان الحراك الشعبي اللبناني خُطط له للإنطلاق في هذه الذكرى أم أنها صدفه،على كل حال في تلك الحالتين صرخة الشعب اللبناني كانت صرخة صادقة، ضد الفقر ومن أجل العدالة الإجتماعية وضد الفساد والسلطة الفاسدة ومن أجل العيش الكريم وإنهاء سلطة المحاصصه الطائفية، ومن أجل توفير فرص عمل لشباب لبنان - اهل لبنان، ما جرى في لبنان يتناسق مع مخلفات السياسات الرأسمالية التي تؤدي الى إغناء طبقة لا تتعدى الـ 1% من سكان البلاد على حساب ال -  99 % من السكان.

 

الإنطلاق من ساحة تروكاديرو في باريس

المبادرة لـ "اليوم العالمي لمكافحة الفقر"، مبادرة قام بها في 17 من تشرين أول /أكتوبر سنة 1987، جوزيف فريزنسكي مؤسس منظمة ATD العالم الرابع وملايين من اﻷشخاص ينتمون إلى طبقات إجتماعية مختلفة. حيث تظاهروا في ساحة  تروكاديروفي باريس، التي وقِّع بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948.  وقام جوزيف فريزنسكي بإفتتاح لوحة خصصت لتكريم ضحايا الفقر المدقع (النصب التذكاري لضحايا الفقر). كُتب عليها: "إجتمع في سنة 1987 مدافعوا حقوق اﻹنسان ومواطنون أتوا من بلدان مختلفة حول العالم. وقاموا بتكريم ضحايا الجوع والتهميش والعنف. كما أكدوا أيضا  قناعتهم على أن العيش في الفقر والبؤس لا يعتبر شيئا حتميا. وأكدوا كذلك تضامنهم مع اﻷشخاص الذين يعملون على مكافحة الفقر في العالم. أينما وجد أناس حكم عليهم العيش بالبؤس  تكون هنالك حقوق الإنسان منتهكة. والتعاون لاحترامها هو واجب مقدس".

بعد هذه الحملة قامت الامم المتحدة بتبني هذا اليوم وفي تاريخ 22/1/1992 على أن يكون يوم ال  17 من تشرين أول /أكتوبر من كل عام هو "اليوم العالمي لمكافحة الفقر" تقام فيه فعاليات تهدف الى "إعلاء صوت اﻷشخاص الذين يعيشون الفقر المُدقِع، لكي يتمكن هؤلاء اﻷشخاص الذين يعيشون حياة صعبة من أخذ الكلمة، والتعبير عن الظروف المأساوية التي يعيشونها والتعبير عن كفاحهم اليومي وكذلك عن اﻷشياء التي يتمنونها". 

 

شعار هذا العام: أنقذوا ضحايا الفقر

وفق المعطيات الدولية بالنسبة للفقر في العالم،  أشارت دراسة قام بها خبراء البنك الدولي أن هناك  3,4  مليار شخص في العالم يعانون من الفقر بدخل يومي 3.20 دولار لليوم، منهم  783 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر الدولي المحدد ب 9.1 دولارا يوميا (دولارات الولايات المتحدة) أي في فقر مُدقِع. يكفي أن نذكر هنا أن 42% من سكان أفريقيا وجنوب الصحراء يعيشون في فقرمُدقِع.

وتتوقع الامم المتحدة الى ان عدد الاطفال الذين يعيشون في فقر مُدقِع سوف يصل خلال العقد القريب الى 167مليون طفل في العالم، وفي تصريح للامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش بهذه المناسبة قال فيه: "يقع القضاء على الفقر المُدقِع في صميم الجهود العالمية الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وبناء مستقبل مستدام للجميع. ولكن النجاح في عدم ترك أحد خلف الركب سيظل بعيد المنال إذا لم نستهدف مَن هم أكثر تأخرا عن الركب أولًا. ويركز احتفال هذا العام علي موضوع "العمل معا لتمكين الأطفال وأسرهم ومجتمعاتهم المحلية من القضاء علي الفقر"، في سياق احتفالنا بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.

فاحتمال عيش الأطفال في فقر مدقع يزيد عن احتمال عيش البالغين فيه بمقدار الضعف. والفقر يحكم على العديد من الأطفال بالعيش محرومين مدى الحياة ويديم انتقال الحرمان من جيل إلى آخر. وسيعاني أطفال اليوم أيضا من العواقب المدمرة لتغير المناخ إذا لم نرفع الآن من مستوى الطموح". وأضاف في نهاية كلمته او رسالته: "ويتمثل أحد السبل الرئيسية للقضاء علي الفقر لدى الأطفال في التصدي لفقر الأسر المعيشية، الذي يشكل في كثير من الأحيان المصدر الذي ينبع منه ذلك الفقر. ويجب أن تكون إتاحة إمكانية الحصول علي الخدمات الاجتماعية الجيدة النوعية إحدى الأولويات، ومع ذلك فإن ثلثي الأطفال تقريبا يفتقرون حاليا إلى التغطية بمظلة الحماية الاجتماعية. ولا غنى أيضا عن السياسات التي تركز على الأسرة، بما في ذلك ترتيبات العمل المرنة وإجازة الأبوين ودعم رعاية الأطفال. دعونا في هذا اليوم الدولي نلتزمْ مجددا بتحقيق الهدف 1 من التنمية المستدامة وبتحقيق عولمة عادلة تعمل لصالح جميع الأطفال وأسرهم ومجتمعاتهم."

 

 العالم العربي معطيات منقوصة

تشير مختلف الدراسات المتعلقة بوضع الفقر في العالم العربي الى أنها لم تتمكن من الحصول على معطيات مسنودة ودقيقة بالنسبة لقضية الفقر، بسبب ما "تشهد المنطقة العربية اليوم مرحلة استثنائية تكتنفها تحديات جسام على كافة الصعد. فقد أسفرت الصراعات المسلحة عن كلفة إنسانية ضخمة، وحالات لجوء ونزوح بأعداد غير مسبوقة داخل المنطقة وخارجها، حتى صار نحو نصف اللاجئين العالم عربًا". كما جاء في مقدمة دراسة لـ "اليونسيف" و"الاسكوا" أجريت عام 2017 تحت عنوان: "التقرير العربي حول الفقر المتعدد األابعاد"  حيث :"يضع التقرير قاعدة موضوعية وفنية للانطلاق نحو القضاء على الفقر متعدد ألأبعاد بما يعزز الجهود العربية الرامية إلى تحقيق خطة التنمية المستدامة 2030" .

تظهر نتائج الدراسة أن من " بين 286 مليون شخص يعيشون في البلدان العشرة التي شملها التحليل يندرج 116,1 مليون نسمة (40,6 في المائة) تحت تصنيف "الأسر الفقيرة"، وضمن هؤلاء، يعيش 38,2 مليون (13,4 في المائة ) في فقر مُدقِع. كما تكشف الدراسة أن أوجه الحرمان الرئيسية التي تتطلب اهتماما في المنطقة هي التعليم، بما في ذلك التعليم المدرسي للأطفال ومستوى التعليم لمن تجاوز سن الإلتحاق بالمدرسة. وبينما يعيش أقل من نصف سكان المنطقة، أي نحو 48 في المائة، في المناطق الريفية، نجد أن هؤلاء يمثلون 83 في المائة من السكان الواقعين بالفعل في الفقر المُدقِع و67 في المائة من السكان الفقراء. وتؤكد هذه البيانات الحاجة ُ إلى التوجيه التنموي للعمل بما يلائم احتياجات كل منطقة جغرافية. ويتضمن قسم التوصيات المتعلقة بالسياسة العامة في هذا التقرير أمثلة على هذا العمل التنموي المقترح".

وعلى ما يبدو فإن وضع العالم العربي سيبقى بائسًا في هذا المجال - الفقر - إلا إذا حدثت استفاقة ثورية حقيقية ضد النُهُج الحاكمة اليوم والتي تقوم بإهدار خيرات ومدخولات الدول في مسارات لا تعود بالفائدة على المواطن العربي من أجل خروجه من دائرة الفقر.

 

اليوم العالمي فرصة هامة للتجنيد العالمي  

كما هو معروف فإن الفقر يُعتبر إنتهاكًا فاضحًا لحقوق الإنسان، خاصة وأن العيش في الفقر لا يُعتبر قضية حتمية، وهو ناتج عن نُهُج اقتصادية غير عادلة، وسياسات دولية ترعى وتحمي قوى رأس المال وتزيد من ثرواتها من جهة، بالمقابل تزيد من وتيرة الفقر والفاقة للشعوب من جهة أُخرى، لذلك لا بد من تغيير هذه السياسات والثورة عليها ومحاربتها كي نستطيع التغلب على ظاهرة الفقر والانتصار للفقراء، ولهذا يهدف إحياء اليوم العالمي لمكافحة الفقر، لتعبئة المواطنين والشعوب لا بل والمسؤولين الحكوميين وغيرهم من الفاعلين من أجل القضاء على هذه المُعضلة الخطيرة لحاضر ومسقبل الشعوب في عالمنا.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب