news-details

أهمية توسيع قاعدة النضال ضد الامبريالية

لا شك بأننا نعيش عصر التغييرات السريعة والعميقة وعصر الارهاب الامبريالي الرسمي على مستوى عالمي، وبعد فشل تجربة بناء صيغة الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي اصبح الاتجاه الرئيسي في تطور هذه المرحلة متوقف الى حد كبير وفي الغالبية الساحقة من دول العالم يخضع ليس لمصالح الشعوب بأسرها، بل يخضع لمصالح حفنة من كبار اصحاب رأس المال وخاصة شركات النفط وصناعة السلاح والشركات عابرة القارات.

ومصالح طبقة رأس المال حولت حكومات ومؤسسات المجتمع الامبريالي الغربي وخاصة الامريكي الى عنصر الضمان والعنصر الفاعل للجرائم الكبرى التي ترتكبها الامبريالية العالمية ضد العديد من شعوب العالم خاصة في الشرق الاوسط وامريكا الجنوبية، وطبقة رأس المال العالمي تسعى بكل الوسائل السياسية والاعلامية والاقتصادية والعسكرية الى فرض الهيمنة المطلقة لهذه الطبقة على كل شعوب العالم، وحتى الكنيسة في الغرب الامبريالي وخاصة في الولايات المتحدة ومن خلال كهنة الحرب المحافظين الجدد والصهيونية المسيحية في امريكا يشنون الحرب بالتعاون مع وكالة الاستخبارات الامريكية ضد لاهوت التحرير في امريكا اللاتينية وضد محور المقاومة عامة وضد الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني، وذلك لأن الحركات المبشرة بالامل والعدالة مثل لاهوت التحرير ومحور المقاومة في عصرنا الحالي يعتبران تهديد لمصالح طبقة رأس المال على مستوى عالمي، ولذلك تخوض الولايات المتحدة سياسات الارهاب الاقتصادي والسياسي والعسكري في امريكا اللاتينية والشرق الاوسط وامتدت هذه السياسات الارهابية لتشمل آسيا وافريقيا.

بالاضافة الى ذلك تقوم الشركات متعددة الجنسيات، وهي شركات اجنبية داخل حدود الدول الوطنية، كما يحدث في السعودية ودول الخليج – بتنظيم عملية نهب وقرصنة ليس فقط على المستوى القومي ولكن ايضا على مستوى عالمي معتمدة على الولايات المتحدة وباقي الدول الامبريالية، التي تقوم بفرض وتوجيه سياسات واقتصاد هذه الدول لخدمة طبقة رأس المال العالمي، وتلجأ في الكثير من الاحداث الى آلتها العسكرية كما كان الحال في غواتيمالا وفيتنام وما حصل في العراق وما يجري الآن ضد ايران بهدف اخضاعها للهيمنة والسيطرة الامبريالية الامريكية.

ومن ناحية تاريخية نستطيع ان نقول بان تنمية الغرب كان شرطها الاساسي هو نهب القارات الثلاث واستنزاف ثرواتها لصالح اوروبا وامريكا الشمالية، فالاستعمار هو الذي ادى الى تخلف الدول التي نطلق عليها اليوم اسم الدول النامية، ومن هنا نستطيع ان نقول بان تخلف بعض البلدان هو تعبير عن استغلال دول رأس المال لهذه الدول، بمعنى آخر فالتنمية والتخلف هما مكونان لنظام واحد ألا وهو النظام الرأسمالي الامبريالية، ومن ناحية نظرية هذه هي العلاقة الجدلية التي تربط بين تطور طبقة رأس المال العالمي وبين التخلف والازمات الاقتصادية التي تعاني منها دول العالم الثالث من امريكا اللاتينية الى افريقيا وآسيا، بما في ذلك دول الشرق الاوسط والتي لو كانت دول حرة لا تهيمن عليها دول رأس المال العالم وخاصة الولايات المتحدة، لكانت من اغنى واكثر دول العالم تطورا بفضل مليارات الدولارات من عائدات النفط والتي لو لم تنهبها الولايات المتحدة من خلال خلق الصراعات في المنطقة وافتعال الحروب كما حصل في العراق واختلاق المواجهة الآن مع ايران، لكان تم استغلالها في تنمية اقتصاد ومؤسسات دول الشرق لمصلحة شعوبه ولأصبح مستوى تطور هذه الشعوب افضل من سويسرا وامريكا.

ان اسطورة النهضة الاوروبية التي تخفي وراءها زوال صفة الانسانية، ادت في الواقع الى سيطرة السوق والى تقديس وهيمنة طبقة رأس المال وانقسام العالم عن طريق النهب الاستعماري والاستقطاب المتزايد، حتى في اوروبا الى قسمين من يملك ومن لا يملك، وهذا الانقسام ادى الى تدمير الارادة الجماعية الانسانية من اجل بناء مجتمع المستقبل - مملكة الحرية على الارض، حيث ادى الى تعميق الصراع الطبقي داخل دول رأس المال وايضا ادى الى النقمة والكراهية تجاه الامم الظالمة وخاصة الآن ضد الولايات المتحدة. 

في كتاب لينين "ضد الجمود العقائدي والانعزالية في الحركة العمالية ص 160" كتب لينين ما يلي: "ظلم الدول الامبريالية للاقوام المستضعفة والمستعمرة خلال القرون لم يترك في جماهير الكادحين في هذه البلدان المظلومة النقمة وحسب، انما ترك فيها ايضا عدم الثقة حيال الامم الظالمة بوجه عام وبما في ذلك بروليتاريا هذه الامم".

ويضيف لينين قائلا: "ومن جهة اخرى، بمقدار تأخر البلاد تكون متانة الانتاج الزراعي الصغير والعلاقات البطريركية والعزلة عن العمران، مما يضفي القوة والرسوخ على الاوهام البرجوازية الصغيرة والعميقة جدا، نعني اوهام الانانية القومية وضيق الافق القومي، ولما كان زوال هذه الاوهام امرا لا يمكن الا بعد زوال الامبريالية والرأسمالية في البلدان المتقدمة، وبعد حدوث تغير جذري في جميع أسس الحياة الاقتصادية للبلدان المتأخرة ، فلا مناص من ان يكون اضمحلال هذه الاوهام بطيئا جدا، وهذا يلزم البروليتاريا الشيوعية الواعية في جميع البلدان بان تبدي بالغ الانتباه حيال بقايا الشعور القومي في البلدان والاقوام التي رزحت اطول فترة تحت نير الظلم، كما يلزمها بالإقدام على بعض التساهلات بقصد تعجيل تلاشي الريبة المذكورة والاوهام المذكورة، فبدون النزوع الطوعي الى التحالف والوحدة من جانب جميع الكادحين في جميع البلدان والامم بالعالم كله، لا يمكن لقضية الانتصار على الرأسمالية ان تنتهي الى النجاح".

وهذا ما نراه في عالمنا العربي من هيمنة وسيطرة العلاقات البطريركية والتمزق الطائفي وهيمنة الاوهام الدينية والتعصب الديني والانانية، وخيانة الوطن والعمالة، والعزلة والفراغ الفكري. لذلك برأيي المهمة الاساسية في الظروف الراهنة لجميع الوطنيين والشيوعيين قبل كل شيء وفوق كل شيء ان يضعوا في مركز عملهم وجهدهم ونشاطهم النضال الكفاحي المثابر ضد طبقة رأس المال العالمي والكومبرادوري (الوسيط) وضد كل اشكال التمييز العنصري والقومي وضد كل اشكال الاحتلال، وفي اسرائيل ضد الاستيطان والاحتلال ومن اجل حل عادل لقضية فلسطين العادلة، وكذلك مهم جدا العمل داخل المجتمع الاسرائيلي على توسيع قاعدة النضال الطبقي اليهودي العربي وتوسيع قاعدة النضال من اجل السلام العادل في المنطقة لا بالقول بل بالفعل.

وهنا لا بد ان اذكر بان فلسفة فيخت كانت هي مصدر الفلسفة الحديثة "للفعل" التي قال عنها ماركس "انها النظرية الالمانية للثورة الفرنسية"، ولقد استمد ماركس فلسفته عن الفعل في بادئ الامر من تلك الفلسفة أي فلسفة فيخت وأضفى عليها الصيغة الشهيرة في فرضيته الحادية عشر عن فورباخ الصادرة عام 1844م والقائلة بان "كل ما قام به الفلاسفة حتى الآن تغيير هذا العالم".

لذلك علينا ان نتعمق في دراسة وممارسة الفكر الماركسي وممارسة النضال المثابر وتوسيع قاعدة هذا النضال هنا في اسرائيل وعلى مستوى عالمي من اجل القضاء على الهيمنة الامبريالية الامريكية على شعوب منطقة الشرق الاوسط وعالميا، ومن اجل بناء مجتمع حرية الانسان والانسانية.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب