news-details

أول أيار: مَشاهِد، آمال، وملاحظات| محمد نفاع

(1)

من أبرز المناسبات النضالية في شهر أيار – يوم العمال العالمي، والتاسع من أيار يوم النصر على النازية. أما بالنسبة لشعبنا العربي الفلسطيني فهو يوم النكبة، لو كانت قيَم وأممية ومبادئ أول أيار هي السائدة في تلك الأيام، فهل كان يمكن أن تحدث النكبة؟! والتي سببها الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية!!

(2)

عندما كان يتشدق الفوهرر أدولف هتلر بأنه في الطريق الى احتلال موسكو، جرت في الساحة الحمراء مسيرة ومظاهرة ضخمة تكلم فيها ستالين، وتدحرجت كالرعد – هورا... كان ذلك في الأول من أيار فجنّ جنون هتلر، وأوقف الزحف، خاصة بعد معارك ستالنغراد وقوس كورسك وبدأ دحر النازية الى برلين.

(3)

عندما كان لينين وعدد من الروس والبولونيين في المنفى عند نهر شوش في قرية شوشينسكابا، جرى هناك احتفال بالأول من أيار في يوم مشمس. بينما كانت جبال سايان في الشرق مكللة بالثلوج، كان لينين متأكدًا من نجاح الثورة التي أعدّ لها، بالرغم من كل الصعوبات والبطش القيصري من آل رومانوف، ويعرف التاريخ مصير آل البوربون في فرنسا، وآل هوهِنْزلْدن والهابسبورغ في أوروبا.

(4)

أما الانصار السوفييت الذين عملوا وراء خطوط المحتلين النازيين بمئات الكيلومترات، فقد استثمروا الأول من أيار، لإنزال أقوى الضربات بالمحتلين، تفجير قطارات العتاد والأسلحة، هدم جسور، قتل أكثر ما يمكن من المحتلين، كذلك استثمروا هذا اليوم لانضمام الكثير من الأنصار إلى صفوف الحزب البلشفي، كان الأنصار بقيادة ميدفيويف وكوفباك وكوزنتشوف، من كتاب: "مطلوب حَيا". كان الأنصار اول من وصل الى مقر هتلر، وكان الفوهرر قد عقد قرانه على صديقته إيفا براون، ثم أطلق النار على كلبته وعلى نفسه وانتحرت زوجته إيفا.

وساهم رجال بانفيلوف والقائد ماميش أوغلى في ايقاف الزحف على موسكو.

(5)

عندما غادر لينين شاطئ بحيرة رازليف ليقوم بدور وقّاد في القطار، رافقه سفردلوف وهو من أخلص الشيوعيين، والذي توفي في ريعان الشباب بسبب الارهاق وسوء التغذية، وكذلك رافقه ستالين، وفي الطريق كانت سُحب الدخان الخانق تتصاعد من احتراق الفحم النباتي عند المستنقعات، ولو حدث انفجار لكانت الكارثة، لكن ستالين حمل لينين على أكتافه حتى ابتعدوا عن الخطر، كان ذلك زمن حكومة كيرنسكي، ومع ان سفردلوف مرض مرضًا مُعديًا ونصحوا لينين بعدم زيارته، إلا انه رفض رغم الخطر، بعدها توفي سفردلوف، وهناك محطة مِترو في موسكو على اسمه: سفِردلوفا.

(6)

سنة 1971 حالفنا الحظ، الرفاق: نصري المُر، وعبدالله زقوت، وسخي جريس وسميح القاسم، ومحمد ابو اصبع، وحسين أبو أسعد، وبنيامين منتْسر، وعمر السعدي ومحمد نفاع، لنحضر يوم أول أيار في الساحة الحمراء، روافد من العمال والمحاربين القدامى والجيش الأحمر، تصبّ في الساحة الحمراء، وتتدحرج كالرعد هتافات الـ: هورا... را...را..

(7)

كتب الكثير عن أول أيار سنة 58، لكن التكرار لا يفقد ذلك اليوم قيمته النضالية الهائلة في الناصرة.

بعدها صرنا نحضر مظاهرات ومهرجانات الأول من أيار في الناصرة، باشتراك الألوف المؤلفة، وهتاف: "أيار نرفع رايتك، بالمطرقة والمنجل" وجورج الدحبورة يرقص بالسيف ويعقوب السمعان – الصيني – يُطبلخ، ويا نعمك ان كان الخطيب إميل حبيبي، او توفيق زياد، وشعر عصام العباسي وسميح القاسم، وسالم جبران، اما محمود درويش فقد غادر أرض الوطن.

 

(8)

بعدها صارت تعقد المهرجانات في عدد من مناطق الحزب ومنها منطقة عكا، في ساحة أول أيار، وصوت جمال موسى يجلجل، كنا ونحن في الشبيبة الشيوعية نشارك صباحًا في مظاهرة تل أبيب، ونعود بعد الظهر الى كفر ياسيف، وتُلقى كلمات من العمال والعاملات والشِعر، وأذكر قصيدة للرفيق نايف سليم: أنا الجذر الذي ما زال حيًّا..

وكذلك تحية الشبيبة الشيوعية، في احدى سنوات السبعين، جاء مدير بوليس عكا، لوّذ في مكان قريب، وعندما رأى أكثر من ألفي طفل من أبناء الكادحين – الطلائع – لم يعد يحتمل فغادر المكان مقهورًا.

(9)

هذه السنة يصادف الأول من أيار يوم السبت، مسيرة ومظاهرة أول أيار يجب ان تكون بالضبط في الأول من أيار وليس قبل يوم أو يومين أبدًا، أول أيار يوم نضالي، وقيمته ان يشارك المحتفلون في هذا اليوم بالذات، وليس لاعتبارات محلية ابدًا، العمال والموظفون والطلاب، آمل ان نتغلب على التلاعب بهذا اليوم، وليكن أول أيار في أول أيار.

والسؤال لماذا لا يشارك جمهور واسع وعريض من ابناء شعبنا في هذا النشاط، وقد حقق نضال العمال العديد من المطالب من حيث تحديد ساعات العمل والأجور..، فهو ليس عيد الشيوعيين، وعلى حزبنا الشيوعي العريق والباقي أن يحشد كل قواه مع الشبيبة الشيوعية لتوسيع المشاركة وهو قادر على ذلك بالرغم من قسوة الظروف، لا توجد حركة سياسية فكرية طبقية اجتماعية أخلص من الحركة الشيوعية، في قضايا النضال ضد الاستغلال والاضطهاد والتمييز وحق المرأة، والموقف المبدئي الذي لا يتزعزع لحق شعبنا العربي الفلسطيني.

نشاهد في التلفزيون مسيرات ومهرجانات الأول من أيار والرايات الحمر في كل بقاع العالم، من أقصى منطقة مأهولة من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب، ونسمع نشيد الأممية بلغات الكرة الأرضية:

 

هُبوا ضحايا الاضطهاد

  ضحايا جوع الاضطرار

بركان الفكر في اتقاد

 هذا آخر انفجار

هُبوا نمح كل ما مرّا   

هبوا حطموا القيود  

وابنوا الكون جديدا حُرا

  وكونوا أنتم الوجود

بجموع قوية، هبوا لاح الظفر

  غدُ الأممية سيشمل البشر

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب