news-details

إنّها واللهِ تثبّتُ العقلَ فتعلَّموها وعلِّموها النّاس! | أسعد موسى عودة

كان عهدي بيني وبيني أن أعود إليكم ومنكم حالما أضع عنّي وِزْرَ مشروعات عملاقة لا يعلم سرّها إلّا الله وأنا؛ فما الّذي – يا هل تُرى – أعادني الآن؟ إنّه – سيّداتي آنساتي سادتي – مقال صِحافيّ تقريريّ قصير قرأته، تَوًّا، جاء تحت عُنوان "دراسة تكشف ’أسرارًا مثيرة’ بشأن أدمغة النّاطقين بالعربيّة"، فأشعل فيّ ما لطالما حضضتُ وحرّضتُ عليه، فيما أنا أخربش وأخرمش منذ أزيدَ من عَقديْن من عمر ابن الإنسان، ألا وهو عبادة أمّنا العربيّة بعد عبادة الله سبحانه، والإيمان بقواعدها بعد الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله؛ فهي حاضنة الثّقافة والحضارة، وهي حامية الدّين، وهي رِباط العرب البائدة والعاربة والمستعربين، وهي القاعدة الّتي تُبنى عليها إستراتيجيّات تعلّم شتّى العلوم وشتّى اللّغات؛ ولغتك هي وجهك وسَحْنتك، فإمّا أن ترتقي بها إلى أعلى علّيّين، وإمّا أن تنحطّ بها إلى أسفل سافلين.

ومُفاد المقال – يا إخوان – أنّ العلماء الألمان قالوا إنّ اللّغة الأمّ لكلّ إنسان تؤثّر في طريقة تشابك مناطق الدّماغ، وإنّها السّرّ الكامن من وراء الطّريقة الّتي يفكّر بها البشر. وأنّ دراسة حديثة أكّد العلماء فيها – ومن خلال مسح خاصّ بالتّصوير بالرّنين المِغناطيسيّ – أنّ أدمغة المتحدّثين باللّغة العربيّة تختلف عن أدمغة الآخرين المتحدّثين بلغات أخرى، حيث تحتاج اللّغة العربيّة إلى إنصات وتركيز كبيريْن بين المتحدّث والمستمع، ما يعني أنّ المتحدّثين باللّغة العربيّة تعمل أدمغتهم بطريقة أكثر تعقيدًا، إذ وجد العلماء ارتباطًا لديهم – دون غيرهم – بين نصفيِ الدّماغ الأيمن والأيسر، وأنّ هناك ارتباطًا كذلك بين الأجزاء الجانبيّة من الدّماغ، الجزء الصُّدْغيّ؛ وفي الجزء الأوسط منه، الجزء الجداريّ، وهي المناطق الدّماغيّة المسؤولة عن نطق الكلمات وفهم معنى اللّغة المنطوقة.

وكم نوّهنا – أيّها الأعزّة – بأنّ اللّغة العربيّة – دون سائر اللّغات – لا سبيل إلى إدراك معناها من دون إدراك مبناها، وهي عمليّة ذهنيّة بالغة التّعقيد، تساهم أيّما مساهمة في شحن الّدوائر الكهرَبائيّة في الدّماغ، وفي إكسابنا القدرة على الاستيعاب والتّفكير، وفي الحفاظ على يقظة الدّماغ وشحذ خلاياه ووقايتها من التّلف، وصونه من الخَراب والخَرَف. ألا هل بلّغت؟ اللّهمّ فاشهدْ!         

//الرّجُلُ أشياءُ ثلاثةٌ أو أربعةٌ!

الرّجُلُ أشياءُ ثلاثةٌ أو أربعةٌ: شرفُه وكرمُه وفُحولتُه أو كظمُه غيظَه.. وكلّ ما تبقّى في هذا السّياق والسّباق ما هو إلّا مُضافات أو مكمّلات، كالمُضافات أو المكمّلات الغذائيّة أو كأصباغ الطّعام، فهي ليست شروطًا كافية أو ضروريّة لاكتمال الرّجولة.. ومن يدرك حقيقة تلكم المكوّنات الثّلاثة أو الأربعة أعلاه لخلطة الرّجولة تلك يدرك وعورة المسألة؛ فكلمة "شرف"، مثلًا، بات صعبًا جدًّا أن نجدها "في الطّبعات الجديدة من المعاجم".. فأدِم علينا – يا الله – نعمة الرّجولة تلك، شرفًا وكرمًا وفحُولة أو كظمَ غيظ..

//كم لا يُحبّ صديقي!

صديقيَ الّذي من الّذين يعتقدون حتّى النّخاع أنّ خلاصنا من مُوبِقات حياتنا كافّةً مردُّه، أزلًا وأبدًا وسَرْمدًا، إلى عظيمين، هما الحبّ والجمال.. كم لا يُحبّ أن يختلس النّاس النّظر إلى "ماركات" بلوزاته الصّيفيّة، وهو الحريص على ألّا يظهر إلّا بلباس التّواضع بدون التّفريط بجودة الأشياء؛ فليس لديه – كما قال لي – فائض من المال ليُراهن به على شراء أيّ شيء رخيص.. فذلك سيكلّفه، لاحقًا، غاليًا، كما قال.. فهو ينتقي من الأشياء جيّدها وأوسطها، وحين يجنح إلى شراء "الماركات" الّتي فُطم عنها منذ زمن بعيد، بفضل الله وأمّه وأبيه، كما قال لي.. لا يكون ذلك إلّا من خلال فرصة تجاريّة سانحة (حملة تنزيل مُجدِية). وأوصاني بأن أنادي باسمه: يا من لا أحبّ أن تسترعي انتباهكم هذه العلامات التّجاريّة\"الماركات"، لا تكلّفوا أنفسكم عناء اختلاس النّظر إليها، بغير قصد منكم، طبعًا.. فذلك يزعجني، كما أنّه لن يوصلكم إلى أيّ استنتاجات حقيقيّة..

أرجو أن أكون قد بلّغت رسالتك، صديقي..

وعساني أن أعود إليكم عمّا قريب وسؤالات صديقيَ اللّغويّة والأدبيّة الذّكيّة.. وشيئًا أو بعضَ شيءٍ من إشراقات عشقيَ العربيّة..

ولِي عودة منكم إليكم أيّها الأعزّة – إن شاء ربّ العزّة – للحديث، أبدًا، عن لُغتنا ونحْن.

الكبابير \ حيفا

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب