news-details

الانتخابات الاسرائيلية في ميزان القديم والجديد

لكل معركة انتخابية في اسرائيل طابعها ولونها، قديمها وجديدها، وفي العديد من الحالات تطفو فوق سطح الأحداث وتبرز من داخل التنافس الحزبي المفاجآت التي لم يتوقعها أحد.

من هذه المفاجآت أحياناً وبعد اغلاق ملف الانتخابات تشكيل حكومة جديدة تكون استمرارا للحكومة القديمة – كما يتوقع نتنياهو الآن – أو تقلب الخارطة السياسية واقامة حكومة من أحزاب معادية سياسيا للأحزاب التي شكلت الحكومة القديمة.

الجديد في طابع هذه المعركة الانتخابية هو الحمى الهستيرية العنصرية التي يعيشها رئيس الحكومة الحالية بنيامين نتنياهو، أنه مصاب بحالة هلع وخوف من الفشل، لا يتصور أنه لن يعود الى تشكيل حكومة جديدة عليها لمساته وبصماته وشعاراته، لأن هذا بالنسبة له ليس فقط نهاية لحياته السياسية، بل تدميرا وتحطيما لكل النجاحات السياسية التي استطاع بناءها بكافة الطرق القانونية وغير القانونية.

هذه الانتخابات بالنسبة له تحمل صرخة هاملت شكسبير (أكون أو لا أكون) أي النتيجة موت أو حياة، لأنه  يعرف ماذا فعل ويعرف ماذا ينتظره!! يعرف قبل غيره أن  بدلة السجن الرمادية التي انتظرت كتساف وهيرشزون ودرعي في يوم من الأيام تنتظره، يعرف بأنه سوف يهوى داخل ظلمات التاريخ، سيفقد بريقه ومصداقيته لأنه يعتبر نفسه الرجل الأول في تاريخ هذه الدولة الأسود.

من أجل ذلك هو يفعل كل شيء، يتصرف كالحصان الجريح الجامح في ميدان السباق، انه لا يتوانى عن التصريح والالتفاف خاصة وان غالبية ثقل السلطة في حضنه  والوزارات رهن اشارته وأهمها وزارة الأمن، أما وزارة المالية فالوزير مجرد العوبة بيده.

همه الوحيد الآن أن يثبت لمؤيديه ومعظم الطبقات الشعبية الاسرائيلية – خاصة الطبقات دون المتوسطة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا – أنه لن يتراجع عن سياسة الاستيطان وانه مستمر في سياسته العدوانية ضد ايران وسوريا وان الحصار المفروض على غزة سيبقى قائما، كما انه مستمر في وعوده بعدم قيام دولة فلسطينية وان سياسة تهويد القدس مستمرة.

هذا هو نهجه المعروف، لكن في الأيام الأخيرة عندما شعر بأن الاستطلاعات غير مطمئنة وليست لصالحه ضاعف من وتيرة عدوانه على مواقع في دول محور المقاومة، بالإضافة الى العدوان شبه اليومي على قطاع غزة وسوريا، وقد  طالت يد العدوان أيضا الأراضي العراقية والضاحية الجنوبية في بيروت.

بهذا العدوان المتفرع الى كل الجهات، يتاجر نتنياهو  بدماء ضحايا عدوانه من العرب، وفي نفس الوقت هو يقامر بدماء الضحايا اليهود الذين يقتلون كل اسبوع تقريبا في أراضي السلطة بسبب استمرار الاحتلال، ويقامر بدماء كل مواطني الدولة لأن ردود الفعل من الدول التي يتم الاعتداء عليها لا بد أنها قادمة، كما عودتنا المقاومة اللبنانية في السنوات الماضية.

 لذلك نتنياهو وزمرته  من رؤوس اليمين الفاشي سيقودون البلاد الى داخل نفق مظلم لا أحد يعرف أين نهايته. الجديد في هذه الانتخابات وهناك من اعتبرها تحولا دراماتيكيا في حياة عرب الداخل الفلسطيني، ليس فقط زيادة عدد الأحزاب العربية، مع أن ساحتنا متخمة بكثرة الاحزاب، انما ما اعلن عنه النائب أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة لصحيفة " يديعوت احرنوت " نعرف بأن هذه الصحيفة تمتاز بكسب ما يعرف بالسبق الصحفي لأسباب عديدة، وهي حقيقية  فازت بهذا السبق الصحفي من النائب أيمن عودة، عندما أجاب على سؤال الصحفي  أهرون برنيع بالفم المليان ودون تردد برأيه الذي كشف عن حكمة وحنكة وعقلانية، لقد هز تصريحه المجتمع الاسرائيلي و اربك الأحزاب اليهودية وأيضاً اربك نتنياهو والذين يهللون ويطبلون له.

الحكمة في هذا التصريح هو أنه ضرب اليمين السياسي الذي يقوده غنيتس باليمين الفاشي الذي يقوده نتنياهو، ومن وجهة نظري بأننا وصلنا الى وضع في اسرائيل يؤكد أن اليمين الوسط مع اليسار هي القوة الوحيدة القادرة على كسر شوكة اليمين الفاشي بقيادة نتنياهو ومن حوله.

اذا صعدنا في قطار اليمين الوسط مع اليسار نستطيع ان نشارك في توجيه القاطرة، وقادرون على ابعادها عن سياسة الصلف والتنكر للسلام، نستطيع ان نكون عامل قوة وضاغط لنيل حقوقنا واسقاط كل القوانين التي ابتدعها نتنياهو ضد المواطنين العرب.

ان ما طالب به النائب ايمن عودة  لا يعتبر تراجعا ونزولا عن سلالم ومقاييس الوطنية، لا يوجد أي شيء نخشاه ان صعدنا في هذا القطار، والعكس هو الصحيح، فانه يزيد من قوتنا ويعتبر صفعة في وجه اليمين الفاشي الذي يصر على اعتبارنا ارهابيين.

هذا هو الخيار الأفضل لكافة الجماهير العربية التي تنتظر في كل معركة انتخابية التغيير لم ولن نرى هذا التغيير السياسي الذي  يمنحنا حقوقنا، إلا اذا فرضنا نحن هذا التغيير.

اذا استجاب الائتلاف الذي اشار اليه النائب ايمن عودة لمعظم مطالبه، فان الخارطة السياسية في اسرائيل سوف تتغير، وسوف يصبح اليمين هامشيا لا قيمة له، يدور حول نفسه، لأن روح هذا اليمين أصبحت قوية بفضل الخطوات التعجيزية والعنصرية التي اقدم عليها ضد المواطنين العرب، من مصادرة للأراضي وهدم البيوت ورفض الاعتراف بالقرى غير المعترف بها، وقانون القومية العنصري، وتحريف مناهج التدريس لتعميق الاسرلة بين المواطنين العرب ورفضه السماح باقامة جامعة للمواطنين العرب ووقف كل الملاحقات والترهيب ضد القوى الرافضة لسياسة اسرائيل.

هذا هو الوقود والزيت الذي يشحن قوى اليمين في اسرائيل، بالإضافة الى امور كثيرة سياسية وغير سياسية، نقول لكل الأخوة الذين رفضوا تصريح أيمن عودة، نسأل ما هو البديل؟ الأمر يتطلب طرح امور موضوعية ومنطقية بدلا من التهجم والتعنيف والتخوين، نعم لا ننكر دور وأهمية المعارضة، لكن يبقى الأخذ بعجلة التأثير أفضل من المعارضة المحاصرة.

اقول لزملائي السابقين في حزب التجمع الذين رفضوا وعارضوا طرح النائب أيمن عودة، لا مانع من المعارضة والنقاش لكن أذكركم بدعمنا الكامل لعزمي بشارة عندما رشح نفسه لرئاسة الحكومة، وعندما عارض هذا الترشيح البعض، كان الجواب بأن الهدف من الترشح هو خلق عامل ضاغط على ايهود براك، وان عزمي بشارة سوف ينسحب في الدقيقة الأخيرة، مقابل شروط تخدم المواطنين العرب، لكن أحدا حتى الآن لم يعرف ما هي المكاسب التي حصل عليها عزمي بشارة مقابل انسحابه. لأنه اتضح أنه أراد تلميع نفسه أكثر من خدمته للجماهير العربية.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب