news-details

الباستيل سينتظر

(الباستيل ليس في شارع بلفور والسور الواقي للديمقراطية ليس في المحكمة العليا. الباستيل هو السيطرة العنيفة على ملايين الناس، وهذا الباستيل لا أحد يطالب باسقاطه. كل ما بقي هو العاب ديمقراطية)

 

مرة اخرى يسمع اللحن: عصيان مدني. الى المتاريس، ثورة، قانون الحصانة وفقرة الاستقواء، توقظ المعسكر الليبرالي من سباته. ومرة اخرى يهدد بالانقضاض. نشطاء ومحللون ورؤساء فرق سابقين في الكشافة يهددون بالخروج الى الشوارع واسقاط الباستيل. الرثاء يسكب مثل الماء. شخص ما اقترح استقالة جماعية للقضاة؛ وآخر اقترح الصاق شريط اسود. ماذا يوجد لديكم من اشياء اخرى؟ عدم ترك بقشيش في المطاعم؟ عدم الشراء من السوق الحرة؟ عدم اغلاق الهاتف المحمول في السينما؟

لا أحد من هؤلاء الخبراء سيكون مستعد في أي يوم لأن يضع جسمه من اجل احتجاج معين. لن يكون مستعد لتعريض يده أو قدمه أو عينه للخطر. لن يكون مستعد لأن يقبع في السجن اسبوعين، يوم واحد، ساعتين. واذا لا سمح الله تم كسر واجهة عرض لبنك، سيسارع الى ادانة ذلك بحكمة نموذجية.

رئيس جهاز الموساد السابق شبتاي شبيط، ديمقراطي وخبير في الاعداد، تحدث عن "عملية اعدام الديمقراطية"؛ رئيس الاركان السابق غابي اشكنازي يظهر تضحية مدهشة: "من اجل هذا النضال أنا مستعد حتى لأن أدخل الى تويتر". بضع عشرات من محامي النخبة جلسوا جلسة احتجاج. الثورة تبدأ بغولدبرغ- زلغمان. بعد غد ستقام مظاهرة تحت شعار "السور الواقي للديمقراطية". يجب علينا فقط الأمل بأن اختيار الاسم "السور الواقي" من العملية الاجرامية للجيش الاسرائيلي، كان صدفيا.

من الجيد أن المجتمع المدني استيقظ للعمل. هذا جيد دائما، بالاساس في اسرائيل الجميلة النائمة. المشكلة هي أنه كالعادة هي تختار لنفسها مواضيع نضال في المناطق المريحة، مثل تلك التي لا تحتاج الى اظهار الشجاعة من أجلها أو دفع ثمن حقيقي. من المحظور الصمت على عمليات التشريع التي يقوم بها اليمين، لكن هناك درجة من المبالغة والاثارة، احيانا الى درجة السخرية من اولئك الذين يصرخون "الذئب، الذئب". قانون الحصانة هو قانون خطير، فقرة الاستقواء اكثر خطرا، لكنها لا تبشر باعتقال جماعي واعدام ونهاية الديمقراطية.

مصير الاحتجاج سيكون مثل مصير سابقه. هذه الاحتجاجات لن تتجرأ في أي يوم على مد يدها على أحد، دائما نحو الهامش. في صيف 2011 خرج الجمهور للاحتجاج على غلاء المعيشة. العرض كان مؤثر جدا، لكن ايضا جبان. هو لم يمس موضوعين اساسيين اللذين بدونهما لا توجد ثورة اقتصادية في اسرائيل: ميزانية الامن وميزانية الاستيطان. لا يمسون بهما. لا يوجد عدل اجتماعي، ببساطة شديدة. احتجاج 2011 هرب من هذه المواضيع. هذه مواضيع مثيرة للخلاف، لذلك تبخرت دون أن تترك بصمات، باستثناء صعود ستاف شبير وايتسيك شمولي. الاحتجاج الحالي سينتهي بشكل مشابه ولنفس السبب.

على بعد نصف ساعة سفر من مكاتب الثورة في غولدبرغ- زلغمان مسجون حوالي 500 شخص بدون محاكمة خلال سنوات. محامو الاحتجاج من ابراج مكاتبهم لم يسمعوا ذات يوم صوتهم في هذا الشأن. المحكمة العليا التي يحاربون من اجل استقلالها، تصادق على هذه الاعتقالات مثلما شرعنت تقريبا كل جرائم الاحتلال. الشخص الديمقراطي لا يمكنه الدفاع عن محكمة كهذه. من الصعب ايضا الانفعال ممن يتذكرون أن يحاربوا من اجل الديمقراطية فقط عندما يقترب منهم المس بها ويهدد مكانتهم.

على بعد ساعة سفر من ميدان المتحف الذي سيتدفق الجمهور اليه بعد غد، هناك قفص مخيف يحبس فيه 2.5 مليون انسان منذ 13 سنة. اطفال يموتون هناك بسبب مرض السرطان في ظل غياب العلاج. بالغون أحياء- أموت. لا توجد ديمقراطية ترتكب أمر كهذا. النظام الذي يقوم بحبس الملايين ليس نظام ديمقراطي.

الجمهور المنفعل الذي سيأتي الى ميدان المتحف يناضل من اجل ديمقراطية مزيفة، دعائية، ديمقراطية الراحة لهم ولأبناء قبيلتهم. ايضا إذا تم سن قوانين الهروب من القضاء لبنيامين نتنياهو، فان المس بهذا الجمهور سيكون ضئيلا، لهذا ايضا غضبهم ضئيل. وكذلك احتجاجهم. الباستيل ليس في شارع بلفور (مقر وبيت رئيس الحكومة) والسور الواقي للديمقراطية ليس في المحكمة العليا. الباستيل هو السيطرة العنيفة على ملايين الناس، هذا الباستيل لا أحد يطالب بإسقاطه. كل ما بقي هو العاب ديمقراطية.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب