news-details

الحلم (The Dream):شعر جون دَنْ

الحلم (The Dream) 

شعر: الشاعر الانجليزي جون دَنْ(John Donne) 

ترجمها عن الانجليزية: د. منير توما

 

لأجلكِ فقط، يا حبيبتي، كنتُ مستعدًا

أن أَقطعَ حلمًا مُفرِحًا كهذا؛

حلمًا تكوَّنَ لقوة الفهم،

لكنه أقوى من أيّ خيال.

نعم، لقد أيقظتني بحكمة، لكنّ الحلم استمرَّ

أيضًا في استيقاظي، لأَنَّكِ أنتِ هكذا

الحقيقة، التي يكفي بكِ أن نُفَكِّر

فهذا الحلم ليسَ سُدىً بل يتكلّم الحقيقة.

تعالي إلى ذراعيَّ، لأنّه اذا كان قد قُدِّرَ

أن لا نحلم حتى النهاية، فلنحققْ ما تبقى.

مثل البرق أو شمعة متوهجة

عيناك أيقظتاني، ليس صوتكِ،

فقط رؤيتكِ

(لأنكِ تحبين الحقيقة) حسبتكِ ملاكًا،

لكن عندما رأيتُ أنّكِ رأيتِ قلبي

وعرفتِ أفكاري، غير ملاكٍ هناك

وأنّكِ قد عرفتِ حلمي، وكذلك عرفتِ

متى استيقظ من فرط الفرح وجئتِ

أنا اعترف: تدنيس هو لصورتكِ

لكلّ شيء عدا أنتِ نفسِكِ.

عندما جئتِ وأيضًا بقيتِ عرفتُ أنَّكِ أنتِ،

لكن بنهوضِكِ أنا أشكّ: صحيح ليس كذلك؛

ذلكَ ضعيفٌ حيثما الخوف قوي كما هو؛

ليس كلُّ الروح طاهرة وشجاعة،

اذا كان مزيج الخوف، العار، والشرف

لكن مثلما تُنصَب شعلةٌ

يقوم الانسان باشعالها واطفائها _ هكذا

جئتِ لتضيئيها، جيئةً وذهابا، عندها

سأحلم بالأَمل ثانيةً - وإلّا من المُحَبذَّ أن أموت.

 

لمحة تحليلية عامة وسريعة للقصيدة

إن قصيدة الحلم هذه، هي قصيدة غنائية (Lyric) يمثّل عدة خصائص لأشعار (جون دَن)، فقد قام العديد من النقّاد بالثناء عليها. إنّها قصيدة تجريدية وفكرية، وأنّ ما يوصف في القصيدة ليس مشهدًا لكنه أفكار ومشاعر كما لو أنَّ المشهد افتراض لما كان مقترحًا. إنّ أسلوب القصيدة دقيق ومحدّد باحكام ويميل الى كونه علميًا تقريبًا من حيث أنَّ الكلمات كليًا غير مشحونة بالتداعيات، وهناك في هذه القصيدة الكثير من الدراما، الخيال، المشاعر، الإحساس، خبرة الفكر والمنطق، كذلك يوجد هذا العنصر الحسي أو التجريبي الذي يتم نقله، ليس باختيار الكلمات الثرية بالتداعيات، لكن عن طريق إيقاع الكلام، الانعطاف، والنغمة الختامية. كل سطر، في الحقيقة، يتسِّم بكونهِ حيًّا بشدة. وبالإجمال، فإنّ هذه القصيدة تشكِّل احدى أفضل قصائد الحب عند (جون دَنْ)، حيث ان هذه القصيدة أساسها الحقيقة والواقع، لأنّ الشاعر كان يحلم بالمعشوقة وبمتعة ممارسة الحب معها حينما وصلت وقطعت حلمه، لقد كان من الحكمة أن تفعل ذلك، لأنه بوصولها قد تمَّ اصلاح "وَهْمِهِ وخيال الفنتازية لديهِ" وجعله اكثر معقوليةً. لا شك أنّ وصولها قد قطع حلمه، لكن بشكل أو بآخر سوف يستمر، لأنّ الآن تلك المُتَع والمسرّات التي حلم بها الشاعر قد تحوّلت الى واقع، إنَّ وصولها يعطيه اللذة ذاتها التي كان يستمتع بها في حلمهِ.

إنّنا نقرأ عن مثل هذا الجمال فقط في الخرافات، أي في القصص الخيالية، لكنَّ المعشوقة هي امرأة حقيقية على قيد الحياة، تتمتع بالجمال الأنثوي الذي قد يتخيله الشعراء. والشاعر هنا يَحُضّ المرأة المعشوقة أن تأتي إليه ليضمّها بحيث يمكنه أن يستمتع باللذة واقعيًا، تلك اللذة التي كان على وشك أن يستمتع بها في حلمه حين قطعه وصولها. 

إنّ استخدام (جون دَنْ) للمبالغة ظاهر واضح هنا، فباستمرار الشاعر بروح المبالغة والغلو في القصيدة، فإنّه يقارن بريق عينيها بضوء شمعة أو البرق. في البداية، اعتقد الشاعر أنها كانت ملاكًا دخل غرفته، لأنها، أيضًا، صادقة كالملاك، لكن بعدئذٍ لا تستطيع الملائكة أن تنظر في قلب الشاعر وتعرف أفكاره.

 

نبذة قصيرة عن الشاعر

جون دَنْ ”John Donne” (1572 _ 1631) هو شاعر انجليزي  واكليركي (رجل دين) في كنيسة انجلترا، ويعتبر ممثلاً مُبّرزًا للشعراء الغيبيين (الماورائيين _ metaphysical poets). وتتسّم أعماله بأسلوبها القوي الحسي حيث تتضمن هذه الأعمال: السونيتات قصائد الحب، القصائد الدينية، الترجمات اللاتينية، الحِكَم، المراتي، الأغاني والأناشيد، الهجاء والوعظ، ويمتاز شعره بابتكار الاستعارات والمجاز اللغوي. ويتّصف أسلوب (جون دَنْ) بالافتتاحيات المنقطعة فجأةً، والتناقضات المتنوعة، والمفارقات والانخلاعات.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب