news-details

السيسي وصفقة القرن

رغم ان الرئيس الامريكي يضمن دعم نظام الحكم في السعودية لمشروعه الذي يلوّح به، ويعتبره الحل السحري للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، والذي يعرف بمشروع القرن، أو صفقة القرن، لكن ثقة ترامب ومساعديه بالعصابة التي تدير الأمور في السعودية محدودة، رغم نه يتعامل معهم كما يتعامل السيد مع عبيده، لقد أذلهم على مرأى وعلى مسمع من العالم، دون أن يسمع كلمة "لا" أو أي همهمة احتجاج منهم، فهو لا يثق بقدراتهم وصلابتهم وحنكتهم لتسويق مشروعه الذي قام بحياكته ونسجه من كهف خيوط خداعه ومكره، لتسويق مشروعه لخدمة المشروع الصهيوني، وترامب  يعرف أكثر من غيره بخفة وزن آل سعود السياسي وحتى البشري داخل الولايات المتحدة ولدى غالبية الدول الأوروبية، فدماء الخاشقجي التي سفكت داخل قنصلية السعودية في اسطنبول لا تزال تلاحقهم، هذا وغيره دفع ترامب للبحث عن شخصية عربية رخيصة كي تساعده في دعم مشروعه المذكور، الذي يهدف من ورائه خدمة اسرائيل حتى لو كان الأمر على حساب الشعب الفلسطيني.

البدائل من القادة والزعماء العرب الذين يدخرهم ترامب في بنك "الطاعة الامريكي"  معروفون لديه، فملك الأردن من وجهة نظر ترامب غير قادر على تسويق مشروعه – صفقة القرن - الذي يحلم به قبل توليه الرئاسة وبعدها، السبب ان ملك الاردن لا يتمتع بوزن وثقل سياسي او اقتصادي عربي أو دولي رغم استعداده لذلك، والسبب الأهم ان ما يزيد عن نصف الشعب في الاردن فلسطينيون غالبيتهم لا زالوا يجلسون فوق حقائب العودة التي وعدهم بها العرب وأقرتها الأمم المتحدة.  وملك الاردن غير معني بإثارة الفلسطينيين ومعهم القوى الوطنية من ابناء الشعب الاردني، ايضًا  حالة الاستقرار في الاردن تقف على كف عفريت، بسبب سياسة الاسرة الحاكمة في عمّان وتحويلها الاردن الى قاعدة امريكية بريطانية اسرائيلية مهيأة لضرب القوى الوطنية في كل من العراق وسوريا وغيرها.

هذا دفع ترامب لاختيار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على القيام بتسويق مشروعه داخل العديد من العواصم العربية، ولدى السلطة الفلسطينية في رام الله، وقد اعترف نتنياهو الى صحيفة " يديعوت احرنوت " بأنه هو الذي اشار على ترامب بهذا الخيار، اعترف بذلك أمام الصحفية "سمدار بيري " ونشرته في عدد الصحيفة المذكورة الذي صدر يوم 22/4/2019. 

اعترف نتنياهو بأسلوبه المتعجرف المنتصر، ليست السعودية التي ستقوم بتسويق ما يعرف بمشروع صفقة القرن، من سيقوم بذلك أعز اصدقائي وأكثر المقربين لي وهو الرئيس المصري، انه الصديق الذي لا يتأخر عن خدمتنا كما فعل السادات وبعده مبارك، اضاف في زمن عبد الناصر كانت مصر دولة معادية، تسعى لتدمير اسرائيل، لكن في زمن السادات ومبارك والسيسي تحول العداء الى أمان وصداقة وتعاون، واعترف نتنياهو بأن عصر السيسي هو العصر الذهبي في العلاقات بين مصر والكيان المحتل، كان معروفًا لنا من قبل أن يصبح رئيسًا.

ادعى نتنياهو بأن ترامب قبل اقتراحه بالاعتماد على السيسي للقيام بمهمة التسويق وحتى اقناع الفلسطينيين بقبول صفقة القرن، قبل الامريكان بذلك رغم وجود تحفظات ضد الرئيس المصري داخل الكونغرس الامريكي واوساط امريكية مختلفة لاعتبار نظامه نظامًا قمعيًا، يلاحق المعارضة، خاصة من بين الطبقات الاكاديمية والليبرالية والصحافة وغيرها.

اعترف نتنياهو بأن سياسة السيسي القمعية لا تهمه، ما دام التعاون قائمًا بين الدولتين الجارتين، وأشار نتنياهو الى التعاون الكامل بين الدولتين بالنسبة لسياسة تشغيل معبر رفح، وحصار قطاع غزة وتحفظ السيسي من اطلاق الصواريخ باتجاه اسرائيل، وأثنى نتنياهو على السيسي عندما قال : هناك آلاف السياح الاسرائيليين الذين يتجولون في مصر بحرية تامة، خاصة في صحراء سيناء، وحتى الآن لم تسقط شعرة واحدة من رأس أي اسرائيلي.

اذا كان ما أعلن عنه نتنياهو صحيحًا بالنسبة لمواقف الرئيس المصري على تبني هذه الصفقة وتسويقها، فإن هذا يعتبر تعاونًا وثيقًا مع الاحتلال، ويعتبر خيانة لكل فلسطيني ولكل عربي بمن فيهم الشعب المصري.

لقد سمح نتنياهو لنفسه من خلال لقائه مع الصحيفة المذكورة بأن يتحدث باسم السيسي حيث قال: ان ثمن قبول السيسي بهذه المهمة تلقيه وعدًا من ترامب بأنه سوف يقدم لمصر المزيد من الفتات، كي يبقى السيسي واقفًا على قدميه ويستمر في تولي السلطة، وادعى السيسي بأن ترامب سمح له بأن يبقى ظاهريًا خارج الحلف الذي حاول ترامب اقامته ضد ايران وضد محور المقاومة، وهذا يذكرنا بحلف بغداد الذي اقامته بريطانيا مع امريكا عام 1955، ضد حركة التحرر العربية وعلى امل وقف الزحف الشيوعي كما ادعوا نحو الشرق الأوسط.

المهمة التي وافق عليها هذا الرئيس ليس فك الحصار عن قطاع غزة، ولا يوجد لها علامة بوقف المد الصهيوني الاستيطاني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو وقف عملية تهويد القدس ومنع استمرار تدنيس المستوطنين للحرم القدسي الشريف، المهمة التي كلف بها السيسي كما يدعي نتنياهو، لا تقل أهمية عن الاستمرار بمحاصرة ايران، فأكد نتنياهو بأن السيسي استعد للقيام بهذه المهمة، وان زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخيرة لمصر كانت الخطوة الأولى للقيام بهذ المشروع الرخيص، وقد نوهت الصحف الاسرائيلية الى ذلك، كذلك اشارت اليه بعض الصحف العربية، خاصة صحيفة القدس العربي وبعض الصحف في قطر.

من وجهة نظر نتنياهو فإن مهمة السيسي ليس قبول ما يسمى بصفقة القرن، بل بمحاولة اقناع القيادات الفلسطينية لقبولها، كما أن مهمته تسويقها داخل البلاط الهاشمي في عمان، والبلاط المغربي، وكسب موافقة السعودية والامارات على هذا المشروع التصفوي للقضية الفلسطينية.

ادعى نتنياهو أيضًا بأن غالبية ما ورد فيما يعرف بصفقة القرن التي يلوّح بها ترامب هي من بنات أفكاره، عرضها وخطط لها امام ترامب، فقبلها هذا الأرعن بهدف خدمة الاحتلال.

في كل الأحوال، فإن هذا المخطط ليس جديدًا على الشعب الفلسطيني قبل به السيسي أو رفضه، حمله ترامب أو غيره، ان مصير هذا المشروع هو الفشل، لأن الشعب الفلسطيني سوف يلفظه كما لفظ كافة المشاريع التصفوية قبله، والشيء المؤكد بأن الأنظمة العربية التي سوف تتماثل مع هذا المشروع، لا تمثل شعوبها، كما أنه سوف يمنع اسرائيل من تحقيق احلامها، التي تبعثرت في الماضي القريب، عندما كانت تحلم بإقامة دولة موالية لها من العملاء في جنوب لبنان، لكن المقاومة اللبنانية داست على هذه الدولة، كما أن بطولة الشعب السوري حالت دون تحقيق أحلام اسرائيل وامريكا والسعودية، بإقامة أكثر من سوريا واحدة، وهذا الفشل وتبدد الأحلام ينتظر مشروع الأرعن ترامب، حتى لو قدم له السيسي وغيره كل المساعدات.

 

 

صورة لرأي أهل الخليل في "صفقة القرن" وصاحبها ترامب! (رويترز)

 

//ع

هذا المخطط ليس جديدًا على الشعب الفلسطيني قبل به السيسي أو رفضه، حمله ترامب أو غيره، ان مصير هذا المشروع هو الفشل، لأن الشعب الفلسطيني سوف يلفظه كما لفظ كافة المشاريع التصفوية قبله، والشيء المؤكد بأن الأنظمة العربية التي سوف تتماثل مع هذا المشروع، لا تمثل شعوبها، كما أنه سوف يمنع اسرائيل من تحقيق احلامها، التي تبعثرت في الماضي القريب، عندما كانت تحلم بإقامة دولة موالية لها من العملاء في جنوب لبنان، لكن المقاومة اللبنانية داست على هذه الدولة...

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب