news-details

المركز الفلسطيني لحقوق الانسان: الاحتلال يهدد حياة مئات المرضى مع إغلاقه معابر قطاع غزة ومواصلته العدوان

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الانسان استمرار إغلاق معابر قطاع غزة في أعقاب الهجوم العسكري الإسرائيلي منذ فجر الثلاثاء، والذي طال منشآت مدنية، وأسفر عن قتل وجرح العشرات. ويؤكد المركز أن استمرار إغلاق المعابر يهدد حياة مئات المرضى ويضعف الجهاز الطبي المتهالك أصلاً نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 16 عاماً.  

ووفقاً لمتابعات المركز، يحرم إغلاق معبر بيت حانون “إيرز” المئات من مرضى السرطان والأمراض الخطيرة، ممن لا يتوفر لهم علاج في مستشفيات قطاع غزة، من السفر لاستكمال علاجهم في مستشفيات الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة أو المستشفيات الإسرائيلية، ما يعرض حياتهم للخطر الشديد.  ففي اليوم الأول من الإغلاق، لم يتمكن (142) مريضاً بالسرطان من السفر لتلقي العلاج أو لاستكمال علاجهم، من بينهم (5) حالات خطيرة وطارئة (انقاذ حياة).  ولم يتمكن اليوم 136 مريضاً من السفر لتلقي العلاج، من بينهم (3) حالات خطيرة.  كما تمنع سلطات الاحتلال عودة جثمان ه. أ. ن.، من سكان شمال غزة، الذي كان يُعالج في مستشفى المطلع بمدينة القدس المحتلة، وتوفي فيها فجر الاربعاء.

وحذر المركز: مع استمرار إغلاق المعبر في وجه الحالات المرضية الخطيرة فإننا أمام سيناريو قتل متعمد لمئات المرضى، في ظل عجز المنظومة الصحية في قطاع غزة عن تقديم الخدمات العلاجية لهم، نتيجة نقص الكادر الطبي المتخصص، والنقص المزمن في الأدوية والمستلزمات الطبية وخاصة العلاج الإشعاعي والمواد المخبرية اللازمة لإجراء الفحوصات التشخيصية. 

مستشفيات قطاع غزة تعاني من نقص خطير في الأدوية والمستلزمات الطبية.  فقد بلغ عدد الأصناف الصفرية من الأدوية الأساسية (255) صنفاً دوائياً من أصل (522) صنفاً، بنسبة عجز بلغت (43%)، فيما بلغ عدد الأصناف الصفرية في المستلزمات الطبية (165) صنفاً من أصل 853 صنفاً أساسياً، بنسبة عجز (19%).  وتحتجز سلطات الاحتلال الإسرائيلية منذ 18 شهراً عدداً من الأجهزة الطبية التي تستخدم في تشخيص وعلاج مرضى السرطان كأجهزة الأشعة التداخلية، وأشعة الألتراساوند.  كما تحظر إدخال بعض قطع الغيار اللازمة لإصلاح الأجهزة الطبية المتعطلة. 

ويتسبب إغلاق المعبر التجاري الوحيد لقطاع غزة (معبر كرم أبو سالم) ومنع توريد الإمدادات الطبية في تداعيات خطيرة على حياة آلاف المرضى من سكان القطاع، ويزيد من صعوبة أداء الطواقم الطبية لمهامها في أقسام الطوارئ وغرف العمليات والعناية المركزة لتقديم الرعاية الطبية للجرحى.

ويُنذر استمرار إغلاق المعابر ومنع توريد الوقود اللازم بتوقف عمل المحطة الوحيدة لتوليد الكهرباء في قطاع غزة، ما يتسبب بانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة عن منازل المواطنين والمرافق الحيوية، كالمستشفيات وجميع خدمات البنية التحتية.  كما يُخشى من تكرار سيناريوهات كارثية حدثت خلال الأعمال العدوانية السابقة، كانقطاع إمدادات مياه الشرب عن المواطنين لفترات طويلة، وتوقف عمل محطات التحلية، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، وهو ما قد يتسبب بحدوث مكرهة صحية خطيرة جراء سيول المياه العادمة، وستؤدي في حال تفاقمها إلى انتشار الأوبئة والأمراض بين المواطنين، إضافة إلى إعادة تلويث الخزان الجوفي.

إن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إذ يؤكد أن إغلاق المعابر يعتبر شكلاً من أشكال العقاب الجماعي المحرم دولياً، وانتهاكاً واضحاً لما ورد في المادة (33) من اتفاقيات جنيف الرابعة، فإنه:

دعو الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 للوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية، وتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون لجرائم حرب على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، وإجبار إسرائيل على وقف استخدام سياسة العقوبات الجماعية التي تفرضها على سكان القطاع، ومن بينها إغلاق المعابر، والتي تؤدي إلى تدهور خطير في تمتع السكان المدنيين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.

يطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري والعاجل للضغط من أجل فتح كافة المعابر، والسماح بسفر المرضى للعلاج في الخارج، وضمان تدفق الأدوية والمعدات الطبية لمستشفيات القطاع، وإمدادات الوقود لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة.

يرى المركز أن صمت المجتمع الدولي عن جريمة الحصار الإسرائيلي ساهم في تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، الذي بات أكثر من نصف سكانه يعانون من الفقر (53%)، إضافةً لـ (64.4%) يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما يعتمد (80%) منهم على المساعدات الدولية.  

تعكس هذه العملية أعلى درجات الاستهتار الإسرائيلي بحياة المدنيين الفلسطينيين والإمعان في إيذائهم، حيث تملك المعلومات الاستخبارية الكاملة عن الشقق المستهدفة ونفذت جريمتها مع إدراكها الكامل بوقوع ضحايا مدنيين. ولعل  أكثر نموذج صارخ على هذا الاستهتار كان مقتل طبيب فلسطيني يحمل الجنسية الروسية، وزوجته وابنهما، داخل شقتهما السكنية بعد استهدافها المباشر، بالتزامن مع استهداف شقة سكنية لأحد المستهدفين في البناية نفسها. وهذا الطبيب يعتبر من ابرز الأطباء الاخصائيين في زراعة الاسنان، ورئيس مجلس إدارة جمعية الوفاء الخيرية، وهي منظمة أهلية عضو في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية وتدير مستشفى الوفاء للتأهيل الطبي والجراحة التخصصية، الذي سبق وأ ن تعرض لعدة عمليات قصف سابقة.

وتنفذ جرائم القتل خارج نطاق القانون وفق معلومات استخبارية من أجهزة قوات الاحتلال، ويتم تصفية المستهدفين بصورة فورية، بدلاً من اعتقالهم، وبالتالي ينصب جيش الاحتلال نفسه قاضياً ويقرر حكماً بالإعدام وينفذه في آن. وغالباً ما يؤدي تنفيذ جرائم الاغتيال بالطيران الحربي إلى إيقاع ضحايا بأرواح المدنيين دون أي ضرورة وهو ما يرقى إلى جريمة حرب.

ويشير المركز إلى أن قوات الاحتلال دأبت على استخدام هذا النمط من الجرائم في السنوات السابقة بحق الفلسطينيين، وسط صمت المجتمع الدولي وخاصة من الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، وعدم العمل على وقف تلك الجرائم واتخاذ تدابير وإجراءات عملية تجاه دولة الاحتلال، الأمر الذي يدفع تلك القوات إلى ارتكاب المزيد من جرائم الحرب بحق الفلسطينيين.

وذكّر المركز أنه في كل مرة يدفع المدنيون الفلسطينيون ثمن هذا العدوان الإسرائيلي، منبهاً أن هذه السياسة الإسرائيلية تحوّل أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة إلى رهائن للقصف والخوف والقلق والحصار، فضلاً عن الاستهداف المباشر.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب