news-details

انتخابات تحت وقع استمرار ارتفاع كلفة المعيشة| برهوم جرايسي

يتجه المواطنون في إسرائيل إلى صناديق الاقتراع في الأول من تشرين الثاني المقبل، في ظل استمرار ارتفاع كلفة المعيشة، إذ أنه لا يكفي التضخم المالي المرتفع الذي لم يعرفه الاقتصاد الإسرائيلي منذ أكثر 14 عاما، بل يواصل بنك إسرائيل المركزي رفع الفائدة البنكية الأساسية، التي تزيد أقساط تسديد الديون، وبشكل خاص القروض السكنية. فرغم ادعاء البنك أن الهدف من رفع الفائدة هو لجم التضخم المالي من خلال تقليص المال بيد الجمهور لتخفيف الطلب وتراجع الأسعار، فإنه في نهاية الشهر سيرى ربّ العائلة أن شيئا لم يتغير عليه، فبدلا من أن يشتري الاحتياجات الاستهلاكية، زاد صرفه على تسديد القروض الضرورية له، ما يعني أن كلفة المعيشة المرتفعة بقيت في أحسن أحوالها عند حالها، إذا لم ترتفع أكثر.

فقد أعلن بنك إسرائيل المركزي في الأسبوع الماضي، وللمرة الخامسة خلال 5 أشهر، عن رفع الفائدة البنكية بنسبة إضافية 0,75%، لتصبح الفائدة الأساسية (البرايم) 4,25%، بزعم ارتفاع التضخم المالي بنسبة تقارب 4,5%، في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، رغم أن التضخم تراجع في شهر آب بنسبة 0,3%. ومنذ 11 نيسان الماضي، رفع البنك المركزي الفائدة بنسبة إجمالية 2,65%، ولا يبدو أن رفع الفائدة سيتوقف حتى نهاية العام الجاري، إذ أنه من المتوقع ان يتخذ البنك قرارا مشابها في النصف الثاني من تشرين الثاني المقبل.

وكانت تقديرات بنك إسرائيل، في مطلع العام الجاري، هي أن الفائدة الأساسية سترتفع بنسبة 0,9% حتى نهاية العام، لتصبح بالإجمال 2,5%، بدلا من 1,6%، حتى يوم 11 نيسان الماضي، إلا أن البنك عدّل لاحقا تقديراته، وأقدم على تسريع رفع الفائدة بأضعاف ما هو مخطط، كما ذكر هنا.

ونسبة الفائدة- 4,25% هي الأعلى منذ مطلع العام 2012، ويتوقع البنك المركزي أن يستمر ارتفاع الفائدة لتصل إلى مستوى 5%، كفائدة أساسية في منتصف العام المقبل.

وحسب توقعات البنك المركزي، فإن التضخم المالي سيكون مع نهاية هذا العام بنسبة 4,6%، وهو يتجاوز سقف التضخم المحدد في السياسة الاقتصادية الإسرائيلية 3%، إلا أن البنك يتوقع أن يتم لجم التضخم في العام المقبل 2023، ليكون بنسبة 2,7%.

كما يتوقع البنك المركزي أن يسجل النمو الاقتصادي الإسرائيلي هذا العام، ارتفاعا حادا بنسبة 6%، وفي العام المقبل 3%، إلا أن هذا النمو لا يصل إلى الشرائح الفقيرة والضعيفة، بل هو نمو أرباح البنوك والاحتكارات الكبرى.

فبالنسبة للبنوك، وحسب تقرير سابق، فإن كل 1% فائدة بنكية زيادة تضمن للبنوك زيادة مدخولا سنويا بقيمة 5 مليارات شيكل (1,4 مليار دولار)، ما يعني أن زيادة المداخيل الحاصلة للبنوك جراء رفع الفائدة منذ منتصف نيسان وحتى الآن سترتفع بقيمة 13 مليار شيكل (3,85 مليار دولار) بمعدل سنوي، وهذا ما سينعكس على أرباح البنوك لتسجل ذروة جديدة في هذا العام.

ويقول المحلل الاقتصادي سامي بيرتس، في مقال له في صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية، إن الجدول الزمني تم تقديمه لأن بنك إسرائيل توصل إلى استنتاج بأن التضخم يجب التغلب عليه بمطرقة ثقيلة الوزن لأن الاقتصاد ينمو بشكل جيد، ونسبة البطالة منخفضة، والفائدة في الولايات المتحدة ترتفع بوتيرة سريعة، ما يساهم في تراجع قيمة الشيكل أمام الدولار، لذلك لا حاجة إلى السير بخطى قصيرة. والتنبؤ الحديث هو أن الفائدة بعد سنة ستكون 3,5%، والمعنى هو أنه من الآن سنرى عمليات رفع متواترة أقل ومعتدلة أكثر.

وحسب بيرتس، فللفائدة تأثيرات مهمة على أسعار البيوت من كل الجهات. فالفائدة هي التي جعلت الناس يشترون الشقق منذ أن انخفضت الفائدة على الرهن العقاري إلى الحضيض، في عملية بدأت في العام 2008، وهي التي ساهمت في رفع أسعار الشقق؛ الآن ربما يساهم رفع أسعار الشقق في كبح الطلب، لكن التأثير الفوري الذي يشعر به كل شخص حصل على قرض سكني في السنوات الاخيرة، هو قفزة في دفع القسط الشهري، حيث أن 40% من قروض السكن مربوطة بالفائدة التي يحددها بنك إسرائيل.

ونشير هنا، واستنادا لتقارير سابقة، إلى أن خفض الفائدة البنكية، شجّع مستثمرين على شراء بيوت للاستثمار، ولم يساهم رفع الضريبة على من يملك أكثر من بيتين في لجم الشراء الاستثماري، إذ أن الطلب بقي مرتفعا، وضحية هذا كانت الأزواج الشابة، والعائلات التي تسعى لشراء بيت يؤويها وليس للاستثمار.      

ورغم ادعاء البنك المركزي بأن رفع الفائدة يسعى إلى لجم التضخم المالي، وبالتالي لجم ارتفاع كلفة المعيشة، إلا أن الواقع الميداني، وأيضا كما يراه المحللون الاقتصاديون، هو أن الفائدة ستقلص حجم المال في أيدي الناس، إذ أن الفارق سيصرف على دفع الفوائد البنكية، وبالذات فوائد القروض الإسكانية، وسيمنعها من صرفها على المصاريف العامة، في حين أن الفوائد ستزيد من أرباح البنوك، التي سجلت في العام الماضي ذروة أرباح غير مسبوقة.

ويستنتج بيرتس أن رفع الفائدة "ربما سيساهم في كبح التضخم بسبب الحاجة إلى تقليص الاستهلاك، من أجل الوفاء بدفعات قرض السكن. ولكن التضخم يضر في الأساس بالطبقات الضعيفة، لأن الفائدة المرتفعة تعمل على تقلص قدرتها على الشراء. إضافة إلى أن الفائدة تضر حاليا بقدر كبير بمشتري الشقق السكنية. فضلاً عن ذلك، فإن ارتفاع القسط الشهري يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أجرة الشقة. وهذا يقلق بنك إسرائيل لأن أجرة الشقة يتم شملها في مؤشر الأسعار للمستهلك، خلافا لأسعار الشقق".

(نشرة "المشهد الإسرائيلي"- مركز الأبحاث الفلسطيني "مدار")

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب