news-details

بروفيسور يوسف جبارين لصحيفة "الاتحاد": إلغاء مخطط طنطور السلطوي هو انجاز بمستوى تاريخي

يلخص بروفيسور يوسف جبارين – المحاضر بتخطيط المدن والسياسات في التخنيون – معهد العلوم التطبيقية في حيفا، النجاح الذي تحقق في النضال الشعبي الذي رافقه ضد مخطط طنطور السلطوي، المخطط الذي عرف باسم "برافر الجليل" أو "جيتو العرب"، بأنه إنجاز على مسوى تاريخي!

يعتبر جبارين أن المخطط الذي هدف لإنشاء مدينة للمواطنين العرب، أو كما ورد عام 2014 من قبل لجنة التخطيط تحت مسمى المخطط القطري رقم 44 أن الهدف منه "انشاء مدينة لغير اليهود على تلة الطنطور"، بهدف واضح هو منع هجرة العرب إلى بلدات يهودية الطابع كنتسيريت عيليت (نوف هجليل) وكرميئيل، سعى الى إفراغ عكا القديمة من سكانها وتوطين عكا القديمة بطبقات غنية وفتحها للاستثمار الاسرائيلي والأجنبي، وبالمقابل توطين أهالي عكا القديمة في أبراج سكنية على أراضي طنطور التي صودرت عام 1975 – عشية يوم الأرض الأول.

ويؤكد جبارين أنه كان قد اعترض على المخطط القطري المذكور، تطوعًا بمساعدة اللجنة الشعبية والحراك الشبابي بجديدة – المكر، ويشير الى أن إبطال المخطط القطري رقم 44 كان الانجاز الأول. "بعدها الدولة أعدت مخططين من خلال لجنة الـ"فاتمال" (اللجنة القطرية للتخطيط والبناء لمجامع سكنية ذات أفضلية – وهي خطة حكومية تهدف لزيادة عدد الشقق المعروضة للبيع وتسريع التخطيط لها)، مخطط رقم 1058 ومخطط رقم 1059 ويهدفان لاقامة مدينة للعرب تسع لـ100 ألف نسمة على الأراضي المصادرة عام 1975 من جديدة المكر، ومصادرة آلاف الدونمات من أهالي البلدة اليوم لأجل انشاء هذه المدينة”.

ويضيف جبارين أن المخطط المذكور هدف لانشاء "جيتو للعرب" على أراض مصادرة من جديدة – المكر، بشكل يبقيها خارج مسطحات نفوذ المجلس المحلي – جديدة – المكر. ويؤكد: "نجحنا في المحصلة بابطال المخططات كليًا واعداد مخطط بديل بمشاركة السلطة المحلية والسكان. والتوصية بضم أراضي تلة الطنطور، وهي عبارة عن نحو 2700 دونم، لمسطح نفوذ جديدة المكر. وهذا انجاز تاريخي كبير جدًا. فهذه أراضٍ صودرت عام 1975، وخطط  عليها انشاء مدينة لتوطين عرب عكا عليها، لكننا نجحنا بارجاعها الى اصحابها. بل واكثر من ذلك، بدلًا من اقامة مدينة تم اقرار انشاء حي عربي حديث لأهالي جديدة - المكر، على أن تُمنح أولوية السكن فيه لسكان جديدة – المكر، وخاصة أن البلدة تقع ضمن البلدات الفقيرة والمستضعفة ضمن العنقود الثاني على المقياس الاجتماعي – الاقتصادي (2 من 10)”.

 

لأول مرة اقرار التخطيط بمشاركة السكان وموافقتهم

يشير جبارين الى انجاز آخر تم تحقيقه هو أنه ولأول مرة بتاريخ الدولة "سيتم التخطيط لهذا الحي فقط بمشاركة المجلس والسكان وموافقتهم. من خلال التخطيط الجديد، سيتم تخطيط المرافق العامة على أراضي دولة. علاوة على ذلك، يتم تحرير الأراضي الخاصة، نحو 1500 دونم، التي خصصت في المخطط السابق لاستخدامها لمرافق عامة، وسيتم تحويلها لأغراض السكن والتجارة ومنع المصادرة بتاتًا”...

المخطط الجديد يقرّ عمليًا بتغيير تخصيص الأراضي غربي جديدة – المكر، التي كان من المخطط أن تخدم البنى التحتية القومية كالكهرباء والشوارع، لتصبح أراضي تجارية خاضعة لمالكيها العرب، بدلًا من مصادرتها. بل إن القرار يقضي بإلغاء المخطط لتحويل نحو 1300 دونم من اراض خاصة الى مناطق خضراء تشكل حدًا فاصلًا بين جديدة – المكر والمدينة المفترضة "طنطور". ويكمن هنا الانجاز بإلغاء المصادرة واعادة تعريف استعمالها لأغراض سكنية فقط!

“بكلمات أخرى" يقول جبارين، "لأول مرة يتم ابطال مخططات قطرية، الدولة استثمرت فيها ملايين الدولارات وأفشلناها لأنها استعلت على السكان ولم تأخذ رأيهم بعين الاعتبار، ولأننا مهنيًا أقنعنا مؤسسات الدولة بأن هناك خطأ فادحًا يقترف ولا بد من التراجع عنه. وقد اعترفت الدولة في سياق هذا القرار، بمؤسساتها التخطيطية لنا، ولي شخصيًا، أنها أخطت وأنها تود تصليح الأمر لأجل انتاج حي حديث يليق بالقرن الـ21 بموافقة السكان”!

يرى جبارين أن "أكثر شي مؤثر هو أن أراضي تمت مصادرتها عشية يوم الأرض يتم ارجاعها لأصحابها وللسكان. لأول مرة تخضع مؤسسات التخطيط العليا لارادة السكان”!

 

* دور القيادات العربية

يشدد جبارين على أنه لم يكن بالامكان تحقيق هذا الانجاز دون دعم وتجنّد قيادات شعبنا لهذا النضال ضد المخطط السلطوي، ويشيد بموقف القائمة المشتركة ولجنة المتابعة والمجلس المحلي والسكان والمحامي قيس ناصر في الجلسات الكثيرة التي عقدت مع المسؤولين من قبل الدولة، وبقية نواب القائمة المشتركة ولجنة المتابعة العليا الذين شاركوا معنا بالمظاهرات والنضال”. ويشير الى عشرات الجلسات التي تمت سرًا بعيدًا عن الأضواء ومن وراء الكواليس.

ويختتم جبارين بالقول "هذا انجاز تاريخي للجميع. فقد شهدنا هنا مشهدًا غير مسبوق من التعاون والتعاضد بين المستوى المهني والجماهيري والقيادي والشعبي على مستوى الجماهير العربية”.

 

* لسنا بحاجة للترويض!

أحد الانجازات، يؤكد جبارين، هو أن مؤسسات التخطيط بدأت تفهم أن "التخطيط من فوق لتحت لا ينفع". فقد "كان من أحد الأهداف للمخطط ترويض العرب والسكن بطبقات عالية متعددة الطوابق وبكثافة عالية. ولكننا أثبتنا لهم أن العرب ليسوا بحاجة للترويض، فقد كنا كفلسطينيين وعرب نسكن في بنايات عالية في حيفا ويافا والناصرة قبل الـ48، لذلك لا حاجة للترويض".

وكما هو ملعوم فإن الهدف المركزي الخفي كان منع توسيع مسطحات النفوذ لبلدات عربية في شمال البلاد مثل سخنين وعرابة وكفر ياسيف وبيت جن وغيرها بذريعة انه "هناك مدينة اسْكنوا بها”. فيرد جبارين "حوّلنا هذه المدينة – الفكرة الفاشلة، او الجيتو، "جتوَتَة العرب"، والزج بـ 100 ألف نسمة بقطعة صغيرة على الأرض. رفضنا عملية تركيز العرب. وشددنا على موقفنا المبدئي بأنه إن كانت الدولة ترغب بانشاء مدينة عربية جديدة، وهو مطلب مستحق بحد ذاته، فإننا نطرحه كمخططين وكقيادات عربية.  فلتنشئ مدينة عربية بمركز البلاد على 100 ألف دونم حيث يوجد عمل”.

لكنه يضيف إن موقفه الشخصي يعارض انشاء مدينة عربية جديدة، "هناك حاجة ماسة بأن يسكن العرب بكل مدينة ومدينة في وطننا وهذا حقنا وألا نسكن بجيتوات مغلقة. من بحث اجريته قبل سنتين يتضح أنه في 940 بلدة يهودية يمنع العرب من السكن بها. لذلك هناك حاجة ماسة لفتح جميع البلدات والحدود كي يسكن بها العرب”.


 

* هذا البلد بلدنا! وهذا مستقبلنا!

جبارين: "الأمر الأهم هو أن الحراك الشبابي واللجان الشعبية يلعبون دورًا هامًا وكبيرًا جدًا.  يجب على الشباب أن يأخذوا زمام الأمور وزمام المبادرة. وقد بات جليًا للجميع أن الحركات الشبابية واللجان الشعبية لها موقف أخلاقي جديد يقول نحن شركاء! هذا البلد بلدنا ونحن شركاء مركزيون، نرفض أن يكون التخطيط من فوق، وأن تعتبر السلطات المحلية أن التخطيط مهني لا علاقة لها به. غالبًا التخطيط بعيد كل البعد عن مهنية مطلقة، ولكن توجد أسس مهنية، ومن الأسس المهنية المدروسة مشاركة الناس بشكل جدي بعملية التخطيط من بدايتها وحتى نهايتها".

ويشدد جبارين في الختام، على وجوب أخذ اللجان الشعبية والحراكات الشعبية زمام الأمور ولعب دور أكبر في العملية التخطيطية وأن تلقي بثقلها عليها للتأثير بشكل صحيح. “واذا كانت السلطة المحلية لا تتحكم بالتخطيط فيجب على الشباب أن يأخذ المبادرة وأن يُملي تصوّره على الواقع. لأن هذا مستقبلنا”.



 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب