news-details

جبور يوسف جبور شفاعمري بين ثلاثة عهود: سيرة حياة إنسان تلخص التاريخ الحديث لمدينة فلسطينية عريقة| إلياس نصرالله

صدر أخيراً عن مؤسسة بيت الأمل للسلام العالمي في شفاعمرو كتاب بعنوان "جبّور يوسف جبّور – شفاعمريّ بين ثلاثة عهود" وكان طيب الذكر إلياس جبور جبور، مؤسس ومدير مؤسسة الأمل قد جمع وأعدّ مواد الكتاب عن والده للنشر، لكن وافته المنية عام 2020، ليتولى نجله البكر جبور مهمة إصدار الكتاب وفاء لوالده وجده.

للوهلة الأولى يظهر الكتاب على أنه مشروع عائلي، خصوصاً وأن سمير، النجل الثاني لجبور، أشرف على مراجعة الجوانب التاريخية للكتاب، وسمير كاتب وباحث مقتدر عمل في مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت وكان رئيساً لدائرة الترجمة فيها لسنوات طويلة. وسمير، مقيم حالياً في كندا التي انتقل إليها بعد الحرب الأهلية في لبنان، وقد عاش في شفاعمرو حتى أواخر عقد الخمسينيات الماضي حين اجتاز الحدود إلى الأردن ثم انتقل إلى لبنان، حيث أكمل دراسته الجامعية وانضم إلى حركة المقاومة الفلسطينية.

ما أن يبدأ القارئ في تصفح الكتاب حتى ينسى الجانب العائلي لصاحبه ويكتشف أنه أمام عمل يوثق لفترة مهمة وحافلة بالأحداث من تاريخ فلسطين الحديث تبدأ في عام 1895، العام الذي ولد فيه جبور يوسف جبور، وتنتهي بوفاته في عام 1981. في مقدمة الكتاب يلخص إلياس الإبن حياة والده بالكلمات التالية "عاصر ثلاثة عهود متتالية كان خلالها شاهداً على نهاية الحكم التركي الطويل والحرب العالمية الأولى الضروس، وانخرط في صفوف الحركة القومية العربية منذ نشأتها أوائل القرن العشرين، وواكب الانتداب البريطاني اللعين المديد والحرب العالمية الثانية التي اندلعت إبانه، وقضى الهزيع الأخير من حياته وحتى وفاته يقاوم وقوع النكبة التي كانت واقعة لا محالة، ليقارع بعدها مظالم الحكم الإسرائيلي الجائر".

وحاول إلياس أن يرسم صورة واضحة لوالده من خلال مواقفه المختلفة وأقواله المعبرة في شتى القضايا والأحداث، مستعيناً بعدد من المقالات بقلم جبور نشرت في الصحافة الفلسطينية المحلية وبمقابلات صحافية أجريت معه. والكتاب يحتوي على سجل لأملاك شفاعمرو التي بلغت في نهاية الانتداب البريطاني عام 1948 نحو 95 ألف دونم، ومواقعها ومساحاتها، وما تعرضت له من مصادرة والضرائب الباهظة التي فرضت عليها.

 

**

قدّم الفصل الأول من الكتاب صورة عن نشأة جبور وحياته في بيئة قروية تقليدية، حيث كان ابناً ليوسف إلياس جبور مختار البلدة. والتحق جبور بمدرسة البلدة الوحيدة للبنين، وهي المدرسة الأسقفية الكاثوليكية التي نجد في الكتاب اقتباساً من تقرير مدرسي صادر عنها يعود إلى عام 1905 يتحدث عن التلميذ جبور واصفاً إياه بأنه "ذكي، صلب الرأي، محب للنقاش". أجل، فمن ظهرت عليه هذه العلامات وهو في سن العاشرة، كان محتماً أن يضطلع بدور ريادي في بلدته لا بل في فلسطين.

عندما نشبت الحرب العالمية الأولى جرى تجنيد جبور في الجيش التركي وظل ملتزماً في الخدمة العسكرية إلى أن انتهت الحرب. بعد الحرب عاد جبور لمساعدة والده المختار في أعماله التي تتلخص في كونه "همزة الوصل بين الحكومة والشعب، وكان الشعب كثيراً ما يخشى الحكومة ومواجهتها، لكنه كان يشعر ببعض الطمأنينة عندما يوكل أمره للمختار". بالطبع لم تكن المخترة مصدر دخل كافياً للعائلة، مما اضطر جبور بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى للعمل في تجارة الأقمشة لفترة قصيرة بين عامي 1920 و1930 وذلك بالاشتراك مع رضا عزام أبو ناصر، أحد وجهاء شفاعمرو وجد طيب الذكر المحامي رضا عزام الذي توفي أخيراً.

من خلال هذه التجارة كان جبور يتردد كثيراً على بيروت ودمشق، وشاهد ميلاد الدولة العربية الكبرى وتتويج فيصل ابن الشريف حسين ملكاً عليها وابتهاج الناس في دمشق بهذا التطور الذي انتظروه طويلاً. هناك احتك جبور بأوساط الحركة القومية العربية وهو تطور نقله من الإطار المحلي الضيق إلى الإطار الوطني الأوسع. كانت تلك مرحلة نهوض قومي عارمة في الشرق العربي حين تآمر الإنجليز مع الفرنسيين على تنفيذ اتفاق سايكس بيكو لتقسيم منطقة الهلال الخصيب بينهما. فبعد أن بدأت بريطانيا في تنفيذ وعد بلفور في فلسطين عام 1918، سمحت لفرنسا بالاعتداء على الدولة العربية السورية الكبرى وعاصمتها دمشق، وأن تعزل الملك فيصل عن عرش الشام بعد معركة ميسلون الشهيرة، مما ألهب المشاعر القومية العربية على نحو غير مسبوق، الأمر الذي ساهم في زيادة الوعي السياسي لدى جبور.

لم تكن تجارة جبور ناجحة واضطر للتخلي عنها، خصوصاً أنه في عام 1930 ورث عن والده منصب المخترة بعد أن تمرّس به في السنين السابقة. فالمخترة مهدت لجبور الطريق ليتولى في عام 1933 منصب رئيس بلدية شفاعمرو الذي شغر في حينه. وكانت شفاعمرو قد تحولت في عام 1910 وفقاً للتصنيف المدني العثماني من قرية إلى مدينة ولها مجلس بلدي ترأسه داود التلحمي. وكان جبور من خلال مساعدته لوالده قد بدأ رحلته الطويلة في مجال العلاقات العامة أو العلاقات مع الجمهور، وهي شرط أساس لأي شخص يتسلم منصب عام، مختاراً كان أو رئيس بلدية أو رئيس مؤسسة عامة. لذلك لا عجب في أن جبور أمسك لاحقاً بزمام رئاسة بلدية شفاعمرو طوال ستة وثلاثين عاماً متواصلة. وتضمن الكتاب عدة دلائل على تمتع جبور بقدرة عالية في مجال العلاقات العامة، إذ أفرد إلياس فصلاً يتألف من حوالى 15 صفحة بعنوان "علاقاته بأهل بلده وبأصدقائه في البلاد" تضمن قوائم طويلة بأصدقاء والده في شفاعمرو وفي فلسطين عامة.

 

**

 

يُقدّم الفصل الثاني من الكتاب لمحة عن نظرة جبور إلى الحكم التركي الذي لا يختلف اثنان حول أنه كان نظام حكم رجعياً متخلفاً وانطوى على ممارسات ظالمة بحق المواطنين. لكن جبور نظر إلى الحكم العثماني نظرة موضوعية وقارن بينه وبين حكم الانتداب البريطاني ولاحقاً الإسرائيلي، فأكد في كتاباته، التي تضمن الكتاب اقتباسات عديدة منها، أن "الأتراك لم يصادروا الأراضي على الأقل". ومضى في الحديث عن تركيا قائلاً "بل احتفظ أهلنا بأراضيهم التي هي أثمن ما يملكون، ولم تحرمهم من خيراتها، كما أنها لم تطرد الناس من بيوتهم وتدمر قراهم، بل، على العكس، أبقت أهلنا يحتفظون بأراضيهم يفلحونها ويرتزقون منها، حتى أن الحاكم العثماني أصدر قانون تسوية الأراضي، وأجاز، لمن يثبت تصرفه بأرض معينة لمدة عشر سنوات، حق امتلاكها.. وذلك خلافاً لما فعلته الإدارتان الاستعماريتان البريطانية والإسرائيلية من بعدها". بل ترحّم جبور على أيام تركيا وتمنى لو ظل الفلسطينيون يعيشون فيها. وعبّر عن هذا الموقف بوضوح في مأتم في شفاعمرو للأخوين خالد وياسر عبدالمعطي اللذين لقيا حتفهما عام 1968 في حادث سير مروع وذلك بعد إنهائهما لدراستهما الجامعية، حيث قال جبور في رثائه للفقيدين "يا ليتنا بقينا نركب ظهور الحيوانات ولم نفجع بهذين الشابين".

وتضمن الكتاب مقاطع أبرزت تقدير جبور لاهتمام الحكم العثماني بالتعليم وقوله "إن الإدارة التركية لهذه البلاد مع كل ما كانت عليه من فساد وتجهيل وسوء إدارة، إلا أن إدارة فاسدة كهذه استطاعت أن تبني في شفاعمرو مدرسة ابتدائية حكومية، لا تزال قائمة حتى يومنا هذا"، ويقصد المدرسة الابتدائية الحكومية التي كان يُطلق عليها اسم "مدرسة المكتب" وانضمت هذه المدرسة الحكومية في حينه إلى جانب المدرسة الأسقفية للبنين ومدرسة الراهبات للبنات، وظلت مدرسة المكتب المدرسة الحكومية الوحيدة في شفاعمرو في زمن الانتداب ولفترة طويلة في ظل الحكم الإسرائيلي حتى بعد أن انتقلت إلى مبناها الجديد شرق البلدة.

ولا بد من الإشارة هنا إلى مقطع في الكتاب عن حسين حسني، الألباني الأصل وآخر حاكم تركي في شفاعمرو، إذ تضمن المقطع وصفاً رائعاً ليوم خروج أهالي شفاعمرو لتوديع الحاكم التركي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وانهزام الجيش التركي عام 1917، وسارت الجموع مع الحاكم حتى أطراف البلدة وهو في طريقه إلى عكا، ليُبحر عائداً إلى بلاده. فعندما حانت ساعة الوداع التفت حسني إليهم مودعاً بهذه الكلمات والدموع تنهمر من عينيه، فقال "إن إنكسار تركيا أهون عليّ من مغادرة هذه البلدة!! ثم أضاف قائلاً: كونوا إخوة، أحبوا بعضكم بعضاً وحافظوا على وحدتكم".

عندما احتلت بريطانيا شفاعمرو في عام 1918، كان جبور في ريعان شبابه وقد بدأ يهتم بالسياسة ويتابع مقالات نجيب نصار صاحب جريدة "الكرمل"، حيث كان نصار من أوائل الذين نبهوا إلى الخطر الصهيوني الزاحف ودعم بريطانيا اللامحدود للحركة الصهيونية والاستيطان اليهودي في فلسطين. وتأكد جبور من صحة كلام نصار، بعدما أعلنت حكومة الانتداب في عام 1921 عن إلحاق شفاعمرو بمدينة حيفا بدلاً من عكا، مما دفع أبناء شفاعمرو لمقاومة هذا القرار. وما أن تسلم جبور رئاسة بلدية شفاعمرو حتى وجد نفسه وجهاً لوجه في مواجهة سلطة الانتداب البريطاني التي كان واثقاً أنها تُضمِر السوء لأبناء بلدته ولفلسطين عامة. وصادف في تلك الفترة أن دعا رؤساء البلديات العرب في فلسطين إلى مؤتمر عام لهم في مدينة رام الله، فحاولت حكومة الانتداب منع انعقاده، فأقامت الحواجز على الطرقات وأوقفت رؤساء البلديات ومنعتهم من الوصول إلى رام الله. أما جبور فاستعان بصديقه بولص خليل ناصر نصرالله الذي نقل جبور إلى رام الله عبر طرق وعرية جانبية حتى رام الله، فكتبت جريدة "فلسطين" في اليوم التالي ما يلي: "لم يتمكن أحد من رؤساء بلديات فلسطين من حضور المؤتمر سوى رئيس بلدية شفاعمرو السيد جبور جبور الذي وصلها بأعجوبة".

من المهام الأولية التي افتتح بها جبور عمله الجديد شق الطريق الرئيسي بين شفاعمرو وحيفا، وتعبيد عدة طرق داخل البلدة. لكن قبل أن يتمكن جبور من تحقيق الإنجازات التي كان يخطط لها، اندلعت ثورة عام 1936 ضد الانتداب البريطاني ومن أجل وقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، فَشُلّت الأعمال وعمّ الإضراب العام. وبذلت حكومة الانتداب كل ما بوسعها لقمع الثورة بالقوة، ومطاردة الثوار وإعدام من وجدت بحوزته السلاح، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء.

 

**

وما أن كادت تنتهي تلك الثورة حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939 وانضمت بريطانيا إليها ضمن ما عُرف في حينه باسم دول الحلفاء. ففرضت سلطات الانتداب حالة الطوارئ وسخّرت موارد البلد وإمكانياته للمجهود الحربي وأخذت تعامل الفلسطينيين بقسوة وبطش وقيّدت تحركاتهم وأقامت نقاط التفتيش على الطرق. في المقابل واصلت حكومة الانتداب تقديم التسهيلات للمهاجرين اليهود ولمشاريع الاستيطان الصهيوني، وازداد الحديث عن إمكانية جلاء الجيش البريطاني عن فلسطين، مما زاد من الوضع المضطرب فيها. وتداركاً لاستفحال الأمر باشرت الحركة الوطينة الفلسطينية حالاً بعد انتهاء الحرب بتشكيل ما سمي بـ"اللجان القومية" محلياً وقطرياً، فتشكلت لجنة قومية في شفاعمرو برئاسة جبور وعضوية عدد من رجال البلدة منهم: الشيخ سلمان نصر سعد، والشيخ صالح حسن خنيفس، وحمادة محمد حمادة، والشيخ حسين عليان، ونعمة حسين اسعد، وحسين نمر، وواكيم فرح، وحنا الحداد، وبولص خليل ناصر نصرالله، وعبدالله سليم بهيج، ويوسف حبيب الأرملي، وعلي أحمد العبد، ومبدى أسعد الشيتي.

كانت الغاية من تأليف هذه اللجان، حماية المواطنين الفلسطينيين وتنظيمهم لملئ الفراغ الذي كان متوقعاً حدوثه حال انسحاب الجيش البريطاني، ومساعدتهم في الدفاع عن الوطن، وتأمين اعتماد الفلسطينيين على أنفسهم. كانت المهمة الأولى للجنة القومية في شفاعمرو هي الحصول على السلاح لمواجهة الاعتداءات الصهيونية المسلحة. فسافر جبور على رأس وفد من أعضاء اللجنة إلى بيروت لشراء السلاح والذخائر، والتقوا هناك بممثلين عن الهيئة العربية العليا وبالحاج أمين الحسيني، الزعيم الوطني للشعب الفلسطيني الذي كانت بريطانيا العظمى تطارده وعاش منفياً عن فلسطين خلال الحرب العالمية الثانية، ووفود من اللجان القومية من المدن والقرى الفلسطينية الأخرى.

وروى إلياس جبور أن الشيخ نجيب منصور، مختار قرية عسفيا جاء عام 1981 ليعزي بوفاة جبور، فروى أمام جمع من المعزين كيف أنه كان في عام 1947 عضواً في وفد زار بيروت وضم ممثلين عن اللجان القومية في فلسطين، فالتقى جبور هناك. وأن ممثلي اللجان القومية من مختلف المدن والقرى الفلسطينية قرروا الاجتماع بالحاج أمين الحسيني في بيروت فاتفقوا على اختيار جبور ليتحدث باسمهم في اللقاء، ففعل. ونقل إلياس عن والده أن وفد لجنة شفاعمرو سافر إلى بيروت لشراء الأسلحة، وكان أهالي شفاعمرو يدفعون من جيوبهم الخاصة ثمن السلاح، وأنهم اتصلوا بتاجر سلاح عرض عليهم صفقة كبيرة، وعندما ذهبوا لمعاينة السلاح وجدوه كومة من الحديد الصدئ من مخلفات معركة العلمين في الحرب العالمية الثانية كان مدفونا تحت الرمال في ليبيا. هذا بالإضافة إلى أن الشعب الفلسطيني كان يفتقر إلى ظهير عربي، فحتى جيش الإنقاذ الذي تشكل للدفاع عن فلسطين ووصل إلى شفاعمرو سرعان ما انسحب.

في المقابل كانت الحركة الصهيونية في ظل حكومة الانتداب على مستوى عال من التنظيم، مما أدى إلى الإعلان عن إقامة دولة إسرائيل في 15 أيار/مايو 1948، ووقوع نكبة فلسطين وتشريد غالبية الشعب الفلسطيني ليصبح في عداد اللاجئين. وعلى الفور حال احتلال شفاعمرو باشرت قوات الاحتلال بفرض أوامر منع التجول والبحث عن السلاح.

 

**

يقول إلياس إن والده جبور خاض صراعاً مضنياً في مواجهة ممارسات السلطات الإسرائيلية ضد أبناء شفاعمرو وغيرهم في المدن والقرى الفلسطينية لرفع الظلم الذي وقع عليهم ومنع مصادرة أراضيهم، وذلك من خلال منصبه رئيساً للبلدية وبرفع المذكرات إلى الدوائر الرسمية وحضور المؤتمرات الشعبية دفاعاً عن العرب وكتابة المقالات في الصحف المحلية. وساهم جبور في مطلع الستينيات من القرن الماضي مع مجموعة من الشخصيات الوطنية في مقاومة مشروع قانون تركيز الأراضي الذي تقدم به في حينه موشيه ديان بصفته وزيراً للزراعة وإفشاله. من ضمن تلك الشخصيات طاهر الفاهوم، ويني يني، وحنا نقارة، وإميل توما، وإلياس كوسا، ومحمد عبدالقادر، وشارك جبور مع هذه الشخصيات في تشكيل حركة أطلق عليها إسم الجبهة الشعبية، التي تم اختيار طاهر الفاهوم رئيساً لها، وتعيين الشاعر عصام عباسي سكرتيراً لها.

أسهب الكتاب في عرض مظالم الفلسطينيين التي لم يتوان جبور عن فضحها والتنديد بها، وأبرز المعارك التي خاضتها بلدية شفاعمرو في عهده من أجل تطوير البلدة، ووضع البنى التحتية فيها، ووصلها بالماء والكهرباء. مع ذلك انطوى الكتاب على بعض الأخطاء التاريخية والسياسية، سببها عدم إعداده للنشر بشكل مهني وتكليف دار نشر متخصصة لإصداره. منها على سبيل المثال عدم ذكر بعض المعارك التي كان لجبور دور فيها، مثل "طوشة الباصات" في الخمسينيات من القرن الماضي والمعركة التي خاضها عمال البلدة بقيادة الحزب الشيوعي لتأمين مواصلات منتظمة لنقل العمال إلى أماكن عملهم ووقوف جبور إلى جانبهم. أو المعركة التي خاضها جبور ذاته من أجل فتح مدرسة ثانوية في البلدة، وكيف نجح في مشروعه لمدة سنتين، بعدها اضطرت المدرسة على إغلاق أبوابها لأن الحكومة الإسرائيلية رفضت مساعدة المشروع الذي وقف وراءه شخصياً جبور ذو الميول الوطنية المعادية لسياسة إسرائيل.

في مجمله يؤرخ الكتاب لفترة مهمة من تاريخ شفاعمرو الحديث، وجوانب عدة من تاريخ فلسطين.

 

اللجنة القومية في شفاعمرو

واصلت حكومة الانتداب تقديم التسهيلات للمهاجرين اليهود ولمشاريع الاستيطان الصهيوني، وازداد الحديث عن إمكانية جلاء الجيش البريطاني عن فلسطين، مما زاد من الوضع المضطرب فيها. وتداركاً لاستفحال الأمر باشرت الحركة الوطينة الفلسطينية حالاً بعد انتهاء الحرب بتشكيل ما سمي بـ"اللجان القومية" محلياً وقطرياً، فتشكلت لجنة قومية في شفاعمرو برئاسة جبور وعضوية عدد من رجال البلدة منهم: الشيخ سلمان نصر سعد، والشيخ صالح حسن خنيفس، وحمادة محمد حمادة، والشيخ حسين عليان، ونعمة حسين اسعد، وحسين نمر، وواكيم فرح، وحنا الحداد، وبولص خليل ناصر نصرالله، وعبدالله سليم بهيج، ويوسف حبيب الأرملي، وعلي أحمد العبد، ومبدى أسعد الشيتي.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب