news-details

رسالة من خلف القضبان| مصطفى عبد الفتاح

تلقيت رسالة مؤثرة جدا، ليست ككل الرسائل، ولا كلماتها ككل الكلمات، قرات حروفها مرات، وفي كل مرة وقفت خلف كلماتها حائرًا في الرد، كلماتها، إنسانية، مثقفة، واثقة، انسيابية خارجة من عقل مفتوح ومتوقد، تحمل إرادة وعزيمة لا تعرف المستحيل، رغم غياهب السجون، وصادرة من قلب كبير يرسم الكلمات كما يرسم صورة الوطن، فلم أجد امامي حروفا اكتبها، الم يقولوا، ان الكلمات تعجز، وها انا أقف امامها عاجزا. لذلك ساترك لكم كلماتها تعبر عن ذاتها.

تلقيت رسالة غير متوقعة من خلف القضبان، من سجن نفحة الصحراوي، يحملها نسر لا يهدأ ولا يتوقف عن التحليق في سماء الوطن رغم كل القضبان، ورغم كل الحواجز، انه حسن، هل سمعتم باسمه، هل عرفتموه، يطلق عليه حسام شاهين اسم، "حسن الجسر" وهو كذلك "حسن الجسر وحسن النسر" "الذي خلق الممكن من المستحيل" كما يقول حسام.

شكرا لك صديقي العزيز المحامي حسن عبادي على مشروعك الذي استطاع ان يضيء عتمة السجن، واستطاع ان ينير قلوبنا وعقولنا لنضيء لهم شمعة امل، ويمكننا ان نوصل كلمة الادب من السجن واليه، في مشروع "لكل اسير كتاب" فجعلت الكلمة الحرة منارة تضيء اخر النفق. وكما عبر عن هذه المبادرة الأسير كميل أبو حنيش " يفتح ثغرة ولو صغيرة في جدار الاسر السميك ويسمح بتسرب القليل من نور الحرية ليضيء عتمة الزنازين الثقيلة" فلا يسعني الا ان أقول لحسن عبادي يعطيك ألف عافية وقوة وعزيمة لتستمر في مشروعك. " لكل اسير كتاب".

تلقيت رسالة من الأسير حسام شاهين، الذي لا اعرفه ولم التقيه في حياتي، وهو يحسب إمكانية ان نلتقي في سماء الحرية، بمفاهيم نظرية الاحتمال ويصل الى النتيجة ان إمكانية اللقاء شبه مستحيلة، وفقط حسن عبادي بتحدي الاستحالة يمكنه ان يحول المستحيل الى ممكن. وانا أقول ان لا مستحيل امام الإرادة وامام العزيمة والتصميم ففجر الحرية قادم لا محالة.

تلقيت رسالة الاسير حسام شاهين، القادمة من خلف القضبان، تتحدث عن الادب، عن دوره وقوته في صنع التغيير، وفي تحدي المستحيل، بكلمات خطها انسان عميق، مثقف، وانساني، فيصف الادب بأشكاله انه "الشعلة الروحية للثورة، والمعول الفكري للتغيير، بنفس القدر الذي يمثل فيه حميمية الحب، وهدوء البوح في مكب العاصفة. وهو بذلك يلخص الدور الذي نقوم به دون زيادة او نقصان فتحية الادب لك ولكل رفاقك خلف القضبان، وفجر الحرية لا بد قريب.

وتلقيت رسالة أخرى عن الادب وفي الادب، يقدم فيها حسام شاهين ورفاقه من خلف القضبان، تحليلا لروايتي جدار في بيت القاطرات، قراءة معمقة ونقدا ثاقبا، يدل على عمق وعي وثقافة واسعة وإدراك عميق، لروايتي "جدار في بيت القاطرات" والتي وصلتهم على اجنحة النسر المحلق دائما في سماء الادب، الصديق حسن عبادي، ضمن برنامجه، "لكل اسير كتاب". سعادتي لا توصف انني استطعت ان أرسل بقعة ضوء الى عتمة السجن، وان أوصل كلمة حرة الى احرار يقبعون خلف القضبان. تحية لك صديقي حسام شاهين الذي لا اعرفه، وتحية لك صديقي العزيز حسن عبادي، وتحية لكل من ساهم في دعم وانجاح هذا المشروع المضيء في عتمة الليل. 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب