news-details

عصام مخول لـ"الاتحاد": نحن نريد الـ"تأثير" الذي يجند الناس في المعركة السياسية، لا الذي يحيدها عن السياسة

*ننشر فيما يلي أجزاء من مقابلة مصورة أجرتها "الاتحاد" مع عضو المكتب السياسي للحزب ومدير معهد اميل توما للدراسات، الرفيق عصام، يمكن مشاهدتها كاملة عبر صفحة صحيفة الاتحاد على فيسبوك*

حاوره: حسن مصاروة


"الاتحاد": كيف تستطيع أن تلخص طبيعة النتائج التي أفرزتها هذه المعركة الانتخابية على مستوى الساحة السياسية والخارطة الحزبية الإسرائيلية بشكل عام، وهذه الأزمة المتمثلة بعدم القدرة بعد أربع انتخابات على تشكيل حكومة، وانقسام الساحة السياسية الاسرائيلية على أساس "مع نتنياهو" و "ضد نتنياهو" دون أن يحمل المعسكر المناهض لنتنياهو أي مشروع سياسي بديل؟




عصام مخول: "أولاً، كنت أتمنى لو أن التكتل المناهض لنتنياهو لا يملك برنامجًا سياسيًا فعلاً، لكن أعتقد أنه في الحقيقة يملك برنامجًا سياسيًا يمينيًا احتلاليًا متطرفًا، يتراوح بين اليمين الاقتصادي التقليدي -لبيد- وبين اليمين الفاشي -ساعر وبينيت وليبرمان-. أنا تحدثت قبل الانتخابات هنا في "الاتحاد" وفي مقابلات مختلفة، بما في ذلك، في صبيحة يوم الانتخابات، أن اسرائيل لا تملك الأدوات للخروج من هذه الأزمة في هذه المعركة الانتخابية، وهذا قبل أن تظهر نتائج الانتخابات. اسرائيل لا تملك الأدوات ولا تملك القوة السياسية القادرة على الخروج من الأزمة السياسية البنيوية العميقة، لأن هذه الأزمة، هي أزمة سياسية، فهي لا تحل بحلول انتخابية، الأزمة السياسية تُحل بأجوبة سياسية. وليس هناك طرح لمشروع سياسي بديل لقوة مرشحة للحكم في اسرائيل، هذا الأمر الأساسي، ولذلك علينا أن ننتبه أن اسرائيل ستتخبط من انتخابات إلى انتخابات، وفي صبيحة يوم الانتخابات تحدثت أنه من اليوم نحن نعد لانتخابات خامسة. هذا ليس وليد نتائج الانتخابات، هذا وليد لقراءة طبيعة الحالة السياسية في اسرائيل، والمميز أن هذه الأزمة تتعمق. وأنا أريد أن أقول أمرًا أساسيًا هنا، تأثيرنا لا يأتي بالضرورة من خلال تشكيل حكومة وانما من خلال تفجير أزمة، أنا أعتقد التناقضات التي تمنع تشكيل حكومة ليس لنا مصلحة في حلّها، لنا مصلحة في تعميق هذه التناقضات، وهذا قد يكون دورنا الأهم في التأثير. ولذلك عندما نقرّر مثلاً أننا لن نوصي على أي مرشح، نحن نساهم بالدفع نحو تفجير هذه التناقضات وليس التغطية عليها. لذلك بهذا المعنى نحن لا نخاف من الأزمة في اسرائيل.


لكن نحن نخاف بمعنى آخر، نخاف من أنه كلما تعمّقت الأزمة في اسرائيل، تُصبح الفاشية أٌقرب، تحضر الفاشية بقوة أكبر. رأينا هذا بشكل واضح مما حدث مع الرفيق عوفر كسيف في الشيخ جراح في القدس المحتلة، الاعتداء على عضو الكنيست الذي يقود مظاهرة ضد بناء مستوطنة في الشيخ جراح والسيطرة على بيوت عربية في القدس العربية، والاعتداء عليه بوحشية وتمزيق قميصه، هذا المشهد رأينا شبيهًا له في مداخل كفر قاسم في أكتوبر 1957، حينما حاول عضو الكنيست القائد التاريخي توفيق طوبي أن يدخل في الذكرى السنوية للمجزرة إلى القرية، لتنظيم الناس، لعقد اجتماع احتجاجي ومظاهرة حينما أعلن الاضراب عام، تم الاعتداء هناك على توفيق طوبي ومُزق قميصه وأيضًا على اميل حبيبي عضو الكنيست في حينه في الناصرة حينما قاد مظاهرة في نفس الموعد. عندما تضيق الخناق على الفاشيين، تُصبح الحقوق والحريات الديمقراطية، ومنها حق الحصانة، مسألة نظر بالنسبة للشرطي القامع. ونضيف لهذا العدوان على عوفر كسيف هذا الاسبوع، عاملاً اضافيًا في تقديري، بكونه محاولة استعمال الخطوة الاحتجاجية التي قام بها أعضاء الكنيست عن المشتركة أثناء أداء القسم الدستوري، وأعتقد أن هناك توجيهًا من أعلى من عناصر الشرطة في هذه الحالة، للمس بأعضاء الكنيست بحجة أنهم لم يقسموا الولاء حتى الآن، أي أنهم ليسوا أعضاء كنيست "كاملين" في مفهوم رئيس الكنيست الفاشي الكبير، ولهذا أنظر لما حصل على أنه خطر كبير.

ولكن أريد أن أقول شيئًا آخر،  ما حدث في الشيخ جراح، هذا هو النموذج للنضال اليهودي العربي، ولبناء جبهة يهودية عربية ومعسكر يهودي عربي، كما نفهمه نحن. نحن مستعدون للنضال، ليس فقط إذا كنا متفقين على 80 بالمئة، نحن مستعدون للنضال المشترك أيضًا على الـ20 بالمئة. لكن السؤال ما هي هذه الـ20 بالمئة التي نتفق عليها؟ والـ20 بالمئة هذه التي تعني مواجهة الفاشية والنضال ضد الاحتلال ميدانيًا، هذا الاندماج في المعركة على الديموقراطية العميقة، على الحقوق القومية للجماهير العربية في اسرائيل على الحقوق المدنية والمساواة وحقنا في رفض قانون القومية وصفقة القرن. هذه الـ20 بالمئة التي يجب أن نتفق عليها. ويؤسفني جدًا أن يحاول من يحاول، أن يقول، إن هذا "مشروع حياته"! لا، هذا ليس "مشروع حياة" أحد، هذا مشروع الحزب الشيوعي التاريخي، وانتقل ليكون مشروع الجبهة، ولا أحد يستطيع أن يستحوذ على هذا المشروع ويقول إن هذا "مشروع حياتي". لذلك نحن نقول، من أول عضو كنيست إلى آخر عضو كنيست، من الأمين العام للحزب وحتى أصغر رفيق شبيبة وأبناء الكادحين، من قيادات الجبهة حتى الكوادر والقواعد، هذا هو مشروعها، هذا ليس مشروع أحد بعينه لوحده، ولا يسمح لأحد أن يستحوذ عليه".



"الاتحاد": شهدنا في هذه الانتخابات تدهورًا آخر على مستوى تفشي الفاشية، وهو دخول وريث كهانا، بن جفير، إلى الكنيست بدعم من نتنياهو، بالذات في الوقت الذي تروج فيه قوة سياسية منتخبة من أصوات الجماهير العربية بامكانية التحالف مع اليمين ودعم حكومة تضم أمثال هذا الفاشي الكاهاني، كيف تفسر هذا التطور؟



مخول: "لا يوجد شيء أخطر على الشعوب من محاولة مغازلة القوى الفاشية التي تحاول أن تقضي على حقوق هذه الشعوب. ما جرى في هذه الانتخابات هو أمر خطير، ومشكلتي مع نتائج هذه الانتخابات هو ليس عدد المقاعد، قد حصل وخسرنا مقاعد واستعدناها في مرات قبل ذلك، من نيسان 2019 إلى أيلول 2020 انتقلنا من 10 مقاعد إلى 15. القضية ليست عددية، بل القضية هي محاولة ضرب الثقافة السياسية الوطنية والتي تعتبر أن المعركة هي على تغيير المعادلة وليس على الاندماج في المعادلة التي تطرحها القوى السياسية السائدة في اسرائيل، خاصة أن هذه القوى لم توقف للحظة واحدة، لا عنصريتها ولا عدوانيتها ولا سياسة التمييز والهدم والمصادرة والاهانة والاذلال للجماهير العربية. وأكبر اذلال للجماهير العربية، هو هذه العلاقة المتداخلة بين الحركة الاسلامية الجنوبية وبين المعسكر الفاشي في اسرائيل. هذا الأمر ليس أمرًا عابرًا، هذا أسوأ من القوائم العربية التي ارتبطت بحزب المباي تاريخيًا، هذا أسوأ من الـ"عرب الجيدين" الذين كانوا معتمدين من قبل السلطة، هذه محاولة انقلاب على الثقافة الوطنية، على ما بنته هذه الأقلية القومية خلال 70 عامًا من النضال، نضال لم يتوقف في يوم من الأيام، بالعريضة وبالحجر وبالمظاهرة وبالتصويت... المعركة السياسية بالنسبة لنا، هي كيف نستطيع أن نجند ثقل الجماهير العربية في المواجهة مع من يريد الشر والذل لهذه الجماهير. يأتيك اليوم منصور عباس ليقول هذه "سياسة جديدة"، وكأن القضية كيف نناور، ويروج أن المشكلة فينا نحن، مثل الخطاب الذي القاه باللغة العبرية بعد الانتخابات، الذي تنكر فيه لأي انتماء فلسطيني. وفي هذا الخطاب كأنه يقول إن السبب أوضاع الجماهير العربية في التمييز والاضطهاد القومي والتنكر لحقوقنا، هو تعاملنا نحن مع المؤسسة الحاكمة، المشكلة في خطابنا نحن.

هذه عقلية قد تودي بالجماهير العربية إلى نفس المكان الذي كانت فيه في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ولذلك لا مسامحة مع هذا النهج، ونحن نعتقد أن بين مصوتي القائمة الموحدة، هناك بالتأكيد قوى وطنية، ولكن هذا الخطاب وهذا التوجه، يشكل طعنة في الظهر لمسيرة الجماهير العربية الوطنية".



"الاتحاد": كيف وصلنا إلى هذه الصورة، حيث أبشع أشكال اليمين الفاشي في اسرائيل، سموتيرتش وبن جفير لا يقبلون بدعم أي قوة سياسية عربية لحكومتهم ويتبرأون من ذلك، بل يدعو سموتريتش لتهجير العرب، وفي المقابل يجد منصور عباس أن الحل هو تقديم خطاب تودد واستجداء ليسترضي هؤلاء الفاشيين لسيمحوا له بدعم حكومتهم؟


مخول: "أعتقد أن هذه صورة عبثية فعلاً، وأنا على ثقة أن جماهيرنا لا تستطيع أن تقبل بهذه العقلية، وربما كان هناك الكثير من تزييف الوعي في هذه المعركة الانتخابية. والحقيقة أن هناك الكثير من التراجعات في الخطاب السياسي منذ انتخابات أيلول 2020 حينما حصلنا على 15 مقعدًا. وخلال هذه الفترة وربما قبل ذلك، هناك تراجع في مفاهيم أساسية، هناك تزييف لما هي التعريفات الأساسية حتى للمجتمع. كان هناك مشروع يريد أن يثبت في الوعي الزائف، أن مجتمعنا هو مجتمع محافظ، مجتمع لا يستطيع أن يقبل شيئًا الا الفكر الديني المحافظ، وهذا تزوير للواقع، مجتمعنا ليس محافظًا، مجتمعنا ليس علمانيًا. إذا كان هناك شيئ يميز مجتمعنا عن مجتمعات الشرق الأوسط كلها، هو أنه يتسع للتعددية بكامل اشكالها، وخصوصًا بسبب القضية الوطنية التي تجمعنا، هناك مكان في النضال المشترك. ومحاولة زج هذه الفكرة وتحويل النقاش نحو قضايا اجتماعية، مثل قضايا المثليين وكأن هذا النقاش الأساسي هو تزييف للوعي. نحن استمعنا لخطابات منصور عباس ووليد طه في العبرية بعد الانتخابات، وهم يكررون ما كنا نقوله بالضبط، أن هذه القضايا ثانوية. لليهود يقولون إن هذه القضايا ثانوية وللعرب يحولونها إلى أساس النقاش. أعتقد أن جريمة قد ارتكبت هنا، محاولة توجيه النقاش في هذا الاتجاه، هو اساءة لمجتمعنا، واسفاف في ضرب السياسة وفي تحييد السياسة وتحييد مشاركة الناس في السياسة، وتعبئة الناس من أبواب ثانوية. هذا مشروع لإبعاد الناس عن السياسة لمنع الناس من القاء ثقلها في المعركة الحقيقية ضد الظالم والمضطهد في القضية الوطنية والقومية بالإضافة إلى مشروع تدجين الناس في القضايا المدنية، وتحويل السياسة على شكل "من يدفع يأخذ".


وأريد أن أقول إن هذا التراجع الذي حدث في السنوات الأخيرة، هو تراجع ايضًا في القضية التي بدأت بالقول "أننا مستعدون للدخول في الائتلاف الحاكم وأننا مستعدون للدخول إلى حكومة"! من قال ذلك؟ أين بحثت هذه المواقف؟ من خول بأن يطرحها؟ لذلك أقول إذا أردنا المراجعة، يجب علينا مصارحة أنفسنا حتى النهاية في القضايا السياسية، ويجب أن نقول إن هذا وهذا خطأ، وأن الجماهير العربية لا يجب أن تكون رهينة بيد هذه القوة السياسية أو تلك؟

"الاتحاد": في المحصلة، حدث تراجع كبير في تمثيل القائمة المشتركة، ومثلت النتيجة خيبة أمل لجمهورها، وبالرغم من انشقاق الموحدة وخطورة خطابها، استطاعت عبور نسبة الحسم فيما تعتبره نجاحًا لها. كيف تفسر وتلخص هذه النتائج على مستوى الحملة الانتخابية، الحملة الاعلامية، الخطاب السياسي خلال المعركة الانتخابية، والمرحلة السياسية التي نمر فيها في ظلّ هذه النتائج؟



مخول: "الحركة الإسلامية الجنوبية ذهبت إلى هذه المعركة بمشروع، وهو مشروع موغل في الرجعية، وهو يتماشى مع القوى الإقليمية التي قرّرت أنها لن تحتمل أن يكون هنالك نموذج لوحدة من نوع آخر على ساحتنا، خاصّة في ظلّ عمليات التفكيك والتفتيت في منطقة الشرق الأوسط في العقد الأخير، بالذات لأن ساحة الجماهير العربيّة خلال السنوات العشر الأخيرة، أخذت موقعًا لربما أكبر من وزنها، لأنها كانت الأفق الذي تطلعت إليه الشعوب، والشعب الفلسطيني، في ظل الإحباط السائد.

والحركة الجنوبية بمشروعها هذا، كانت تؤدي دور القوى الإقليمية، مثل حركة الإخوان المسلمين التي تشكّل الجنوبية امتدادًا لها، والتي قادت عمليات التفكيك في المنطقة. وارتبطت مصالحها في بقاء نتنياهو في الحكم، أنا أتحدث فلسطينيًا وإقليميًا، ولذلك نحن نقول إن هناك مشروعًا أكبر من ساحة الانتخابات الحالية.

الآن، أنا أعتقد أن مشكلة المعركة الانتخابية للقائمة المشتركة، أنها لم تذهب إلى هذه الانتخابات بالذات بمشروع، لم يكن هناك مشروع واضح، بما في ذلك، لم يكن هناك مواجهة مثابرة، مبنية خطوة تلو الأخرى مع هذا المشروع، بمفهومه العميق هذا، مشروع التفكيك ومشروع المجتمع المحافظ، ومشروع إخضاع الجماهير الواسعة بما فيها القوى الوطنية للصفقات والمقايضات مع نتنياهو وسموتريتش واليمين الفاشي، لم يكن هناك مشروع بديل يطرح افقًا آخر. أعتقد أن هناك مشكلة فيخطاب التأثير الذي وجدناه، وأنه بعد حصولنا لأوّل مرة على 15 مقعدًا أصبحنا نرى بأن الآن علينا أن "نؤثر"، من أين جاء هذا الكلام؟ عام 1992 كنا 3  مقاعد في الجبهة ومقعدين في الحزب العربي الديمقراطي، وتأثيرنا كان أكثر من تأثير الـ15 مقعدًا في الانتخابات الماضية.

من أين جاءت مقولة "نحن بدأنا الآن بالتأثير"؟ خطاب أننا نريد أن نكون في الحكومة، من قال ذلك؟  نحن لا نطرح أنفسنا أننا نريد أن نكون في الحكومة، بل أن نكون الحكومة ذاتها، أن نكون أصحاب المشروع السياسي الذي يتحكم في اليهود والعرب، نحن لم نأتِ للبحث عن 80% من المشترك، بل عن مشروعنا السياسي الذي يصلح لإنقاذ الشعبين اللذين يعيشان في هذه الدولة من المأزق الخانق الذي يوصل إلى دمار الشعبين أصلًا.

لذلك فإنّ هذا هو المفهوم بأن معركتنا ليست بأن نؤثر بل أن يصبح برنامجنا هو البرنامج النافذ، وهذا يتحقق بالمحاربة عليه. نحن لن نستطيع تغيير كل شيء نواجهه، ولكن نحن لن نستطيع تغيير أي شيء ما لم نواجهه. وأنا أعتقد في المعركة الانتخابية الأخيرة، لم نواجه بشكل مدروس ومنهجي، وبشكل "المشروع مقابل المشروع"، وبرأيي هذا الإخفاق الأساسي. وبرأيي كل القضايا التنظيمية هي مهمة، وسوف تتم دراستها، ونحن إزاء عملية تلخيص غير مسبوقة في عمقها وفي سعتها، نحن لا نلخص في المكتب السياسي ونلقن ما لخّصناه، ونحن لا نقبل أن يأتي أي أحد، سواء كان عضو كنيست، أو عضو مجلس أو هيئة، ليقول هذا هو التلخيص، لا هذا هروب للأمام، هناك أناس مسؤولين سياسيًا، عن شكل إدارة المعركة الانتخابية ومضمونها، وأحيانًا عن عدم الالتزام بالخطوط السياسية التي وضعت في طاقم قيادة المعركة الانتخابية المصغر والالتفاف عليه، ليس لأحد أي مكانة فوق الهيئات التي تلخص، وتلخيصها هو الذي يقدم أمام الفروع، والفروع هي التي تُغني تلخيص الهيئات، وتعيد ما تثري به هذا التلخيص الى الهيئات لمراجعة وفهم الوضع ككل. لقد انتهت هذه الأيام التي ينافس فيها أحدهم الحزب ويذهب بنفسه للتلخيص، هذه ليست معركة فرد، وكل شخص يبني ميليشيات سياسية له، نحن نريد أن نلخص حقيقةً ونريد أن نقرأ بشكل عميق، وأن نستخلص بشكل معمق ما هو لازم، واذا اضطررنا لأن تكون هناك استخلاصات شخصية، فيجب أن نقوم بذلك، لذلك أنا أعتقد في هذه المرة أن عملية التلخيص هي ورشة تشغل الحزب والجبهة في فروعها ومناطقها ولدى ناشطيها في كل مكان، الشباب والنساء والطلاب والفروع في القرى والمدن والبلدات وهكذا نتعلّم. وأي شخص يعتقد أن تجاهل وتحييد أي موضوع يحرجه لن يبقيه جزءًا من المعركة الانتخابية فهو مخطئ. يبقى الموضوع موجودًا في الواجهة مقابل عدم بقاء من يواجه هذا الأمر. هذه هي الحقيقة التي حدثت، وهذا أمر يجب أن يطرح بشكله الحقيقي، وأن نعلم أنه لن يصح الا الموقف الصحيح والمواجهة بالبرنامج والفكر الصحيح".


"الاتحاد": لكن في النهاية هناك من صوت للموحدة لأنه يظن أنه لا بأس بالتحالف مع نتنياهو مقابل ميزانيات واصلاحات، هناك ثقافة سياسية دارجة وموجودة فيها تشوه معين ويجب تشخيصها ومواجهتها، يبدو أن هناك ملامح لتشوهات في الوعي السائد لدى شرائح كبيرة في مجتمعنا، ما هو تشخيصك لهذا الجانب؟



مخول: "الموضوع الذي طرح في هذا السؤال، كبير، والإجابة عليه تتطلب تحليلًا واسعًا لما يحدث على ساحتنا، وأٌقول إن ما يحدث هو ليس شيء بعينه فقط، هناك عمليات، وعمليات تأخذ أشكالًا تاريخية. يجب أن ننتبه أن هناك قوى كثيرة غير معلنة تلعب على ساحة الجماهير العربية. أنا أشرت إلى قوى اقليمية، لكن هناك أيضًا قوى عالمية تلعب على ساحتنا. هناك قوى تتغطى بثوب الـ"ان جي اوز"، التي تعمل على "أنجزة" العمل السياسي، أي أن تحول العمل السياسي من عملية اشراك للناس وتثوير للناس من أجل أن تلقي ثقلها في المعركة، إلى تنظيم مجموعة من الناس في أطر جمعيات غير حكومية، تلك الجمعيات التي تحولت على المستوى العالمي منذ ثمانينيات القرن الماضي، أداة النيوليبرالية للسيطرة على السياسة في العالم. تعمل على اخراج الناس من السياسة، وادخال قوى وسيطة ممولة. وتتحول السياسة إلى تجنيد الأموال من الجهات الممولة، وبدلاٌ من التعامل مع القضايا على انها حقوق يجب انتزاعها، تتحول إلى عمليات بيع وشراء، عبر تشغيل مجموعة من الناس واغداق أموال طائلة من أجل تفريغ السياسة من السياسة وتحويلها إلى عمل مأجور. وبذلك تصبح الجمعية هي الوسيط بين الحاكم والناس، تصبح عازلًا بين غضب الناس والسلطة الحاكمة. وهذه الجمعيات انتعشت وبدأت تعتقد أن هذه فرصتها للعب على ساحة الجماهير العربية بالمال السياسي المجند من أماكن، الناس لا تعرف مصدرها.

الأزمة بدأت بمجرد أن حولنا السياسة حول خطاب "نريد أن نؤثر"، السؤال الاساسي كيف سنؤثر؟ ونحن نريد أن نؤثر، من عام 1948 ونحن نريد أن نؤثر، في التصدي لمجزرة كفر قاسم كنا نريد أن نؤثر، في يوم الأرض كنا نريد أن نؤثر، وفي أيار 58 في الناصرة حينما رفضنا قرار الحكم العسكري كنا نريد أن نؤثر، وفي وثيقة 6 حزيران أردنا التأثير، وفي أكتوبر 2000 أردنا التأثير، وأثرنا فعلاً. نحن من أجل التأثير، ولكن من أجل التأثير الذي يجند وزن الناس للمعركة السياسية، ليس الذي يحيد الناس من السياسة.

هناك قوى تبني برامج سياسية انتخابية من أجل أن تخوض بها الانتخابات، أما نحن الحزب الشيوعي والجبهة، وفق مقولة لينين التاريخية، نذهب للانتخابات من أجل دفع برنامجنا السياسي للأمام. نحن لدينا برنامج سياسي، برنامج لنضال يهودي عربي، برنامج لجبهة مناهضة للفاشية. ونحن أقمنا في المكتب السياسي قبل الانتخابات، طاقمًا لوضع تصور لنضال عربي يهودي وإطار لذلك، وقدمنا أوراق عمل جاهزة، والانتخابات دخلت علينا قبل أن نناقشها، وهي تناقش. وهي المصدر لكل من يريد أن يعمل في الساحة السياسية العربية اليهودية، ليس هناك مشروع يهودي عربي آخر، الا هذا المشروع الذي ينبثق عن هذا التفاعل الواسع داخل الحزب والجبهة".




 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب