news-details

قِصّة/قَصة: مساحيقُ تجميل        

نمر  نمر

هذه البلدة النّائية جدًّا والمنْسيّة أكثر، اللهمّ ما عدا أيّام الانتخابات ومصادرة الأراضي، التّحريش والمحميّات الطّبيعيّة، آخِر تقليعة لتجميل البلع والقلع، ومن كثرة كَرَم أهلها، تراهم يقيمون الأفراح والليالي الملاح على شرف هذا الوزير وذاك المستوزِر المُستوزَر، ويكرمون القادة العسكريّين من جنرالات وأنصافهم، تُنحر الخراف بالذّبح الحلال حسب الشريعة اليهوديّة، لينعم هؤلاء بالطّعام الحلال من كراديش وَقُوَز وَقُصوص ومناسف مُزدانة برؤوس الضحايا الفالخة نيعها، ناهيك عن حشوات اللوز، الجوز، الصّنوبر واليَخْنة والفُقّعيّة والسّمْنة البلديّة والعُقْدة الصّفرا، ولا يحتاجون لمنتجات (تْنوفا)، كما تراهم لا يقولون للحرامي: وَقِّفْ بَرْضَكْ! كفاك جشعًا وطمعًا، فقد بلغ السّيل الزّبى، ووقع الفاس بالرّاس، كُلّو دَقّ وْنَهْش في الّلحم حتى وصل العظم، وبات العظم واهيًا هشًّا مُترقرقًا، يصعب تجبيره، حتى لو استنسخنا روح طيّب الذِّكْر(مارون مطر) ابن المنصورة المقهورة، جارة فسّوطة الأبيّة الرّاسخة، ذاكَ المُجَبّر العربي، جابر عثرات الكرام، في عهد الأوباش الّلِئام. وفي بلدة أمّ الخير الغنيّة بالصّخور والقبور من عهد عاد وثمود، وَسَيْل العرم وبني هلال والزّيناتي خليفة وأبو زيد الهلالي السّاكن في البراري والعلالي، وصولًا إلى قيصر المعلوف:

رُلى عربٌ قصورهم الخيام    ومنازلهم حَماةُ والشّآمُ

إذا ضاقت بهم أرجاء أرض    يَطيب بغيرها لهم المقام

إمرأة  تعيسة جار عليها الزّمان والمكان، ناهيك عن ذوي القُربى، وبعض القرايب عقارب، زَيّ حيايا التِّبِن، بْتِلْسًع وْبِتْخَبّي راسها، لا مين شاف ولا مين دِرِي.

 هي فرع أقطم، مقطوع من شجرة، من خلفها أسرة بعيدة خلف الحدود الشّائكة، وحولها ضناها وحشاشة كبدها ثمانية، ويحمل عرش ربّكَ يومئذ ثمانية! عمّالين نْكَيّل قمح صليبي ع َ البيدر، وكيالة زيت: بَرَكِة، من كريم، ثالوث، أربعة، سَمْحَة... يالله الأمانة، التّاسعة في البير، والعاشرة للأمير، الله يْحُطّ البَرَكة! إلّلي عند الكريم بْيوصَل، الله بْيَعْطي ع َ صَخِر وْبِمْحِلْ ع َ نهر، واركُضْ ركض الوحوش غير نصيبَك ما بِتْحوش! عيّشني للبيدر وْسمّيني حيدر! رحل من رحل! وظلّ الأمل يلوح أمام ناظرَيها والثّمانية بِعُهْدَة ربّ العرش القهّار الجبّار، كلام النّاس ما بْيرحم، بعضهم ألسنتهم طويلة، تتطاول على الماشين الحيط الحيط، وبيقولوا يا ربّي السُّترة، ويا ربّ تسهيلك ولا تعثيرك! وقال أبو حسن جملته المشهورة المُدوّية، عُمري ما خِفْتْ من شي،غير من ديرة الظّهر لَقَصّة بو جبران!

-ما لها ولمساحيق التّجميل!

-لَمين بْتتبودر وبْتتحمّر!

-ما زالت في فترة العدّة، وما عدا وما بدا!

-ألوان زاهية، وأخرى فاقعة، وأحيانًا دكناء سوداء غامقة كتراب المشاحر في خلّة مَشْحَرة غربيّ البلد، قُرب بير راس الخَلّة ع َ مْصَلَّبة الطُّرق!

جمع طُغْرُلُ عيونَه وانْكِشارِيَّتِه، وهؤلاء حاضرون سِنْكِة طَقْ! شُبّيك لُبّيكْ عبيدك بين إيديكْ، لعيونك يا بيك! إلَكْ الشّور والقول بلا دستور! وِرْقابنا سدّادة.

- اليوم يومكو، معكو جِمِعْتين كاملات، فتّحوا عنيكو وذانيكو! ما فيه يمّا ارحميني، لو دُسْتوا الأخضر واليابس، معكو فرمان هميوني، لا يُحْرَق ولا يُغرق!

-مكياجها أحيانًا أصفرُ كاشحٌ كلون شمس كوانين!

-خلّينا نراقبها وْنعرف الكانة والمانة! والبير وغطاه، من طقطق للسلام عليكو

-أنا بَرْبُط في جدار البيت ليلًا!

-وأنا مُستعد لتعقّبها خفية إلى الحقول، وما يدور حولها!

-وأنا عيوني أحَدّ من عيون زرقاء اليمامة.

-وأنا ذانَيْ مثل ذانين الخْلُنْدة.

-أنا أنفي لا يُخْطئ زيّ أنف أبو كلبشة، عبد اللطيف  فتحي، مْطَوّع موسوليني!

-أنا بشيلها ع َ الطّاير.

-أنا قصّاص أثر أمهر من بدو الصّحرا.

*هيّا دقّت ساعة العمل، ما تْفرجوني وجوهكو إلاّ ومعكو الخبر اليقين!

-عليها الجيرة ما نْنام الليل، خيل تُطرد خيل واحنا اللي انطردنا، ما نْنام الليل ونُصبرع ّ غُلبنا، إحنا قدّها وقدود وحياة الرّبّ المعبود.

تفرّق رهط المُفسدين الذين يعيثون في الأرض فسادًا، كلّ منهم التزم بالعهد الذي أخذه على نفسه، دارت التّحرّيات، تفتّحت العيون والآذان، ملثّمون، مرابطون، مجنّدون، مأجورون، مُرتزقه، عملاء ووكلاء، عمليّة عسكريّة مُحكمة، خيّالة، رَجّالة، نواظير ونواطير، متاريس، خنادق، تَخَفٍّ، بأزياء وأنماط مستعارة، كتلك التي يستخدمها أيمن زيدان في مسلسل: يوميّات مدير عام! كعيد المساخِر عند اليهود، احتيال اختيال، قصّاصو وكلاب أثر، كلّهم يتتبّعون خُطى تلك المسكينة التي تدأب على تحصيل قوت عيالها، كي لا تمدّ يديها للناس، إصْبَح تِسْرَح، مزوّدة بسلاحها الأبيض: سِكّينة،منجل، بلطة وعصا من عصي بنت جْبيل اللبنانيّة، لِتَنِشَّ بها الضّباع الكاسرة والوحوش الضّارية التي تدبّ على اثنتَين.

البنات الأربع  البالغات تصحبنها الى الفلاحة، وبقيّة العِقد مع الأخت الخامسة في بيت مستور في الحسد والحقد مغمور!

*ودارت الأيّام والتَمَّ العيون والحُرّاس الأوباش في حوش طُغْرُل، وكثير من علامات الاستغراب وخيبة الأمل تلوح على مُحيّى كلّ منهم!

-مالي أراكم واجمين صامتين؟ هاتوا ما عندكم! وإلاّ حرمتكم من نعمتي! بُقّوا الحصوات من أفواهكم على جناح السّرعة! هيّا خلّصوني منكم يا طيور الشّؤم واللؤم!

إبْدَأ أنتَ! لأ ابدأ أنت! أنت أكبر منّا عمرًا وقدرًا! لأ خلّيه هو يبدى!

-بْدّكو بَدّ يُهْرُس روسكو يوم الحدّ، وتشكيلة من الكلام البذيء، ينوء الورق بحمله...

-عثمان: أنا راقبتها من لحظات خروجها من بيتها، حتى قسيمتها في خلّة السّودا، حرثتْ ونكشتْ ، سَنْسَلَتْ وْقَشَّتْ وْقِرْمَتْ حِمل قرامي مونة الشّتا، وأذا بغبار الأرض المتعوب عليها، اضرب البيضا فيها بْتِغرق، زيّ مرمعون الموقدة، يتطاير ويكسو وجْنَتَها بطبقة من المكياج المحلّي، فتبخّر حُلمي! وعدْتً بخفّي حنين!

-شوكت: وأنا تتبّعتُ خطاها إلى موقع قلعة الصّفرا،وهذه اسم على مُسمّى، حفرتْ وْعَفْرَت، فاكتسبتْ مكياجها، من طين بلادها حُطّتِ ع َ خْدادها!

-حكمت: وأنا راقبتها في موقع خلّة البيّاض، الأرض حثّان، وْفِهِمْكو كفاية!

-بهجت: وكان من نصيبي مرافقتها لقطعة الخرّوبة  الحمرا.

-نشأت: وأنا كمنتُ لها في نصب الخْضيرة.

-جودت: كان من نصيبي الكمين في الميدان، وهناك تتمازج الألوان من طَمي وجرف ورياح، ومن تحت سنابك الخيل، فتحدث صرخة خَلْطة مساحيق تجميل تعجز عنها دور: باريس، لندن وروما!

*قال بشير بإصرار ونشاز دون إيقاع، دون أخذ حقّ الكلام:

 إلّلي بجهادها...الفلاّحة/هِيَ وِوْلادها الفلاّحة/ تِفْدي بلادها...الفلاّحة/ وْتوهِب فؤادها...الفلاّحة/ لِأوْطانها  شْمال وجنوب/ سمرة وسمارها... الفلاحة/ قمرة في دارها...الفلاحة/ والدّار دي عمارها...الفلاحة/ ما تْسِبْشْ بْثارها... الفلاحة/ خِفّة  لها العِفّة ثوب/ الفلاّحة...

صمتٌ ووجوم، استغراب واحتقان، تعجّب وذهول، عيون حيارى، همسات ووشوشات، هذه أخبار الزّفت التي جئتموني بها! تُبًّا لكم جميعا! ما أتْيّسْ منكو غير اللي بعثكو يا بشاير الشّؤم! عاد بشير ليؤكّد سابحًا ضدّ التّيّار: ظلّت بمكياجها ومستحضرات تجميلها الطّبيعيّة! والإعمى ما بيشوف من الغربال! القطيع ينبح والفلاّحة تفلح بمكياجها ومستحضرات تجميلها الطّبيعيّة، وْمِن طين بلادها غَطّت خدادها يا معشر... خلّيها في القلب تِجرح ولا تطلع لبرّا وْتِفْضَح...يا...!

 

\الْكَدّ على العيال واجب وحلال، والله ما بِبْلي غير تَيْعين، يا عبد المُعين!

!

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب