news-details

 مع رحيل الكاتب العبري: أ ، ب، يهوشع| نمر نمر

رحل في الأسبوع الماضي الكاتب العبري الرّوائي الكبير: أ، ب، يهوشع/أبراهام بولي يهوشع 1936 –حزيران 2022، وهو ابن المستشرق الباحث: يعقوب يهوشع 1905 -1982، وضع الأب يعقوب ثلاث دراسات عن الصّحافة العربيّة في فلسطين هي:

1)تاريخ الصّحافة العربيّة في فلسطين في العهد العثماني 1908 -1918

2) تاريخ الصّحافة العربيّة في فلسطين في بداية العهد البريطاني1919 -1929

3) تاريخ الصّحافة العربيّة في فلسطين في نهاية العهد البريطاني 1930 -1948

الأب يعقوب أدار الدّائرة الإسلاميّة في وزارة الأديان، ثّمّ حولوها إلى الدّائرة "الإسلاميّة والدّرزيّة" فيما بعد، وأدارها وحرّر مجلّتها بالعربيّة: أخبار الدّائرة.

نقول في موروثنا الشّعبي: فَرْخ البَطّ عوّام، طُبّ الطّنجرة على ثِمّها بْتِطْلَع البِنْت لَإمّها.

وهذا هو حال الكاتب العبري الرّاحل البروفسور: أ، ب، يهوشع الذي أثرى المكتبة العبريّة برواياته ودراساته ومواقفه السّياسيّة المُغايرة، الى حدّ ما، للسياسة الإسرائيليّة، تجاه الأقلّيّة العربيّة الفلسطينيّة في وطنها.

*من بين رواياته نُشير إلى: العاشق/هَمِأهِف 1977، طلاق مُتأخِّر/جيروشيم مؤوحريم 1982، مولخو 1987، السّيّد ماني 1990، العودة من الهند 1994، مسيرة لنهاية الألفيّة 1997، العروس المُحَرِّرة 2001، مهمّة مسؤول الموارد البشريّة 2004، نيران صديقة 2007، النّفق 2018، الابنة الوحيدة 2021، الهيكل الثّالث 2022 وغيرها.

 نعود إلى المرجع العبري: قاموس رَوابط للكُتّاب الإسرائيليّين (لَكْسيكون هكْشِريم لِسوفْريم يِسْرائيلييم)، تحرير: زيسي سَتْفي وبروفسور يِجآل شْفارتس، الصّادر عن المؤسّسات: دْفير، هِكْشيريم وجامعة بن جوريون في النّقب عام 2014، مادّة مُفصّلة ص:471 -474 جاء فيها: منذ حرب 1967 يتحدّث يهوشع عن أمور تتعلّق بالنّزاع الإسرائيلي العربي، هو معروف كيساري واضح يسعى لتسوية النّزاع بعد التّنازل عن مناطق للوصول للسلام، ويحاول الوصول إلى جذور النّزاع بِطُرق نفسانيّة، وفَهْمِ النّفْس الإسرائيليّة والتّعبير عن أفكار غير مألوفة عن الهُويّة اليهوديّة المُتَمَلِّصة.

تأرجح الكاتب سياسيّاً بين الأحزاب: العمل، شيلي (حزب يساري سابق) وميرتس، وكان صوته مختلفًا في بعض المواقف، حيث الجرأة وصدق التّعبير، وممّا كتبه عام 1989: "هناك وجود غير أدبيّ للأديب في إسرائيل". ونُشير إلى أنّ كتاباته تُرجِمتْ لـ28 لغة في العالَم. وفي السّنوات الأخيرة تدهور وضعه الصّحّي، وأصيب باليأس والإحباط، مُعظم أبناء جيله رحلوا وغفل الموتُ المنشود عنه.

تتجوّل في الصّحف العبريّة، فإذا بك تقرأ ما يتراوح بين: الحلو، المُرّ، الحامض والمِزّ، أيْسَر الصّحف العبريّة تناولاً، هي (يديعوت أحرونوت)، الرّوائيّة دوريت ربينيان كتبت بعد رحيله 15 /6: الانتصار الأخير ليهوشع، في السّنتَين الأخيرتَين كُنْتَ ضابِط إيقاعٍ مُنْهَكَاً، شَبِعْتَ من عُمركَ، إلاّ أنّ أصدقاءك، أبناء الأسرة، طلاّبَك، وقُرّاءَكَ، كُلّنا رفضنا التّنازلَ عنك، والآن نجحتَ في وداع العالَم، والخسارة لنا جميعاً.

الكاتب دافيد جروسمان كتب في مُلحق يديعوت أحرونوت 17 /6: من اللحظة الأولى التي التقيتُ بها معه في بيته الحيفاوي، اجْتذبني ككاتب شاب ومبتدئ، علاقة شخصيّة وطيدة، طلب ان يتعرّف على جذور الانسان الذي يُجالسه، اهتمّ بِلُبّ الموضوع، دون مضيعة للوقت، محادثة غير رسميّة، بلا شكليّات، تحدّثنا عن الآخرين، في أيامي الصّعبة وقف إلى جانبي مواسياً، (يقصد حين فقد جروسمان نجله المُجنّد في حرب لبنان الثّانية عام 2006)، لم يَخَفْ من الألم والحِداد، وهكذا سَلَكَ في أيّامه الأخيرة، حين قابل الموتَ بعينَين ثاقِبَتَين وبشجاعة فائقة.

أمّا زميله وصديقه مئير شليف فقد كتب في زاويته الأسبوعيّة/يديعوت أحرونوت 17 /6: في قِسْم التّشخيص للأدب العبري، ترى بصمات يهوشع وترى صورته وَحِمْضَهُ النّووي (د ن ا)، ليسوا كثيرين الكتّاب الذين لهم خصوصيّة أسلوبيّة واضحة، إلاّ أنّ يهوشع يظهر بشكل إيحائي مُنتصِبَاً أمام قرّائه، وهكذا سيبقى في سنوات ما بعد رحيله.

شموئيل روزنر كتب في صحيفة (معريف) 17 /6: وفيما يتعدّى إبداعات وأفكار يهوشع فالذي ينقصنا هو شخصيّته الجماهيريّة، وكلمّا صدر له كتاب، أو للكاتب عاموس عوز، أو لمئير شليف، أقرأ ذلك.

بيني تسيبر مُحرّر الملحق الأدبي والثّقافي في جريدة هآرتس، كتب يوم 15 / 6: يهوشع صرّح أمامي بأنّه يودّ مقابلة بنيامين نتنياهو لِطَرْح وصيّته السّياسيّة: يودّ ان يتساهل مع يهود الشّتات لتركيز جهوده للتقارب مع شعوب المنطقة والضّم البطيء لمناطق يهودا والسّامرة.

الزّميل عودة بشارات /هآرتس 17 /6 عَلّق ساخراً على أقوال بيني تسيبر: من يقرأ رثاء تسيبر ليهوشع، يخرج بانطباع بأن يهوشع كان عضواً في حركة الصّهيونيّة الدّينيّة، مع شهيّة لِضمّ الضّفّة الغربيّة ورغبة جامحة لمقابلة نتنياهو، ويقول مثلنا العربي: لا تْصَدِّقْ شابّ تْغَرَّبْ ولا خِتْيار ماتوا جْيالو!

 ونبقى مع هآرتس والكاتب يسرائيل هرئيل: حين يتمسّكُ بولي ببيبي، كأنّه يقبع بين المواقد وهذه ثالثة الأثافي!

الكاتب اليميني أمنون لورد، كتب في صحيفة البلاط (يسرائيل هيوم) 17 /6: يهوشع كان أكثر مناليّة من عاموس عوز، إلاّ أنّه أقلّ تمالكاً لأعصابه في كتاباته، بموته أسْدِل السّتار كذلك على إطار الكاتب السّياسي المُجَنَّد والمُجَنّد.

الصّحيفة العربيّة الوحيدة التي نوّهتْ لرحيل هذا الكاتب هي (الاتّحاد) 17 /6 /2022، وأعطته ما يستحقّه على مواقفه السّياسيّة من القضيّة الفلسطينيّة.

ومهما قيل وكُتِبَ عن الرّاحل بين جادٍّ وساخر وشامِت، فسيبقى معلماً من معالم اليسار الإسرائيلي والأدب العبري، حتى لو اختلفنا معه في بعض طروحاته، ولِأسْرته حُسْن العزاء والمواساة.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب