news-details

الببغائية لا توصل إلى القيادة

كأنّي بغانتس كان يعوّل على الكورونا ان تأخذ على عاتقها مهمة اسقاط غريمه. وربما خُيّل لهذا المرشح الغرّ في ما يشبه الحقيقة، أن غريمه الساحر لن يقوى على مواجهة هذا الفيروس الذي عجزت الصين عن ذلك.

وهكذا توقع غانتس انه ما ان ينتصب نتنياهو بكل طاووسيته امام صندوق الاقتراع، حتى يقلب على الارض، "ما بعينه بلة"! فيصفو الميدان لغانتس.

أنا حقيقةً لم تقلقني الكورونا، لكنني حِرت في اسمها.

فهل حين غزت الصين، أوقفها الحرس عند الحدود سائلين "مين حضرتها بلا زغرة"، أجابت: أنا كورونا!

نتنياهو بالمقابل لم يعوّل على الكورونا، ولا على قصاصة الطلبات التي "دحشها" بين حجارة حائط المبكى، الذي احتار مع اي المرشحَيْن يكون، كحيرتي في اسم الفيروس.

بل راح - نتنياهو- يحرك البلاد طولاً وعرضاً، ونُصب عينيه مهمتان اثنتان:

الاولى تثبيت قفاه على كرسي الرئاسة المهلهل، والثانية المبنية على الاولى، انقاذه من ثلاث تهم رسمية، تكفي الواحدة منها للزج به في "بيت خالته".

فهذا المتهم (حتى تثبت براءته ولن تثبت) شمّر عن ساعديه وراح بشتى الأساليب القويمة والملتوية يكتّل حوله من كل الأوساط والبيئات، معتمداً على الذاكرة الجماعية القصيرة فيما يخص شعبنا. والا فكيف شمل برنامجه اقتحام قلاعنا، في طمرة وغيرها، وهل هبط عليه احد الملائكة فجأة فصار "يشرق بعسل العرب".

السؤال الذي قد يطرحه البعض هو: كيف يمكن لهذا التلوّن ان ينطلي على الناس؟ أليس في مؤيدي هذا المرشح الكثيرون من المبدعين والواعين في شتى المجالات، والمجال السياسي أحدها!! فكيف يمكن لنتنياهو ولصديقه وراء المحيطات ان ينجحا؟؟

الجواب بسيط جداً، فهناك بين الناس النفعيون والتافهون والسذّج والزعران والمنبوذون والرخاص.

وهناك فوق كل ذلك ما يسميه علماء النفس "عقلية القطيع"! يرى البعض أناساً يركضون، فيركضون خلفهم، دون أن يسألوا لماذا والى أين. يرى بعض آخر أناساً مصطفين بالدور، فيصطف وراءهم!

في قريتنا، ايام كنا بعدُ قرويين، وقبل ان تغزوها "الهادا والهداك" وكزا ومزا بدل كذا و....، اتفق اثنان من خفاف الظل على القيام بمقلب ما، سبقا به غوار الطوشة، قال احدهما: أنا أشرّق فوافق الآخر أن يغرب. وراحا يسألان كل من يصادفهما كما اتفقا: "شوفي في الحارة الشمالية؟".

وعندما عادا الى نقطة البداية بعد ساعة وجدا الساحة تمتلئ عن بكرة ابيها من كل حدب وصوب. وكانت المفارقة أن احدهما اقترب من زميله يسأله بجدية تامة: "شو في هالناس متجمعة في الحارة؟". 

في هذه المعركة الانتخابية بدا غانتس باهتاً هاوياً اكثر من ان يكون محترفاً. مقلداً ببغاوياً لخلوّ جعبته من برنامج مقنع اصيل جديد. يسير على خطى خصمه لا يحيد.

يتجلى نتنياهو قوياً، وفي رأيه أنه ليس بهذه الصفة، بل أن خصمه هو الضعيف. كما ان اسرائيل ليست قوية، بل ان العرب هم الضعفاء.

غانتس نافس بيبي في برنامجه وفي ساحته، واذا به يضع ورقة كربون تحت النصّ لتكون في يده نسخة طبق الأصل. فكيف يميل الناس الى تأييد التقليد وترك الأصيل. وهذا الأمر ينطبق على الفن. فاذا كنت اطرب على اصوات ملحم بركات وفيروز ووديع الصافي وصباح فخري، فهل أقوم باقتناء اسطوانات معين شريف والياس كرم وشادي جميل، مع احترامي لهم جميعاً! ألا يظل الأصيل خيراً من البديل في كل الاحوال!! والإ فما معنى هذا السقوط المدوّي لهذا المرشح الجديد!!

وتعالوا نفحص ما جرى:

يَعِد بيبي جمهوره بعدم الاقتراب من "البعير المعبّد" -القائمة المشتركة- فيتبنى غانتس هذا الرأي الكاره العنصري، ويضيف أن مرشحي هذه القائمة طابور خامس ومؤيدون للارهاب حتى لو كان يحتسي القهوة في منزل ايمن عودة. ويعلن براءته من اليسارية كبراءة الذئب من دم يوسف، ويعرض أن يتمّ تفتيشه للتأكد من خلوه من هذا الفيروس.

يؤكد بيبي أنه يسعى لتهجير اهل المثلث، ناساً وأرضاً، (عدل عن ذلك لاحقا)، فيرد غانتس: ومن قال لك أنني لا أخطّط لتطهير الدولة اليهودية من كل شائبة!!

يقول بيبي: ضممت الجولان والقدس وغور الاردن الى السيادة الأسرائيلية الالهية، فيرد غانتس: انا أخطط لضم بعض الاراضي الأردنية كمنطقة نهرايم مثلاً، التي تخليتَ عنها يا بيبي! وفي بالي الوصول الى الليطاني أيضاً.

يؤكد بيبي للقطيع بأنه سيقضي على ايران المارقة، لينقذ اسرائيل والعرب والمسلمين من شرها. فيردّ خصمه: ومَن غيري لمثل هذه المهمة، فاترك الخبز لخبازّه، والحرب للعسكريين وهكذا.

مثل مصلٍّ يردد خلف الإمام ما يقوله الإمام من أدعية، كما وصف ذلك الراحل نزار قباني في ديوان "لا":

 يقول اللهم أهلِك اليهود

فأقول اللهم اهلِك اليهود

يقول اللهم شتت شملهم

فأقول اللهم شتت شملهم

باختصار. يقول بيبي: سأنفذ صفقة القرن. فيرد غانتس: سأنفذ صفقة العصر. والا فلماذااطلقت على اسم حزبي "كحول لفان". اي من النيل الى الفرات، او على الأقل من البحر المتوسط الى الاردن.

وهل بعد كل ذلك يتساءلون في هذا الحزب كيف سقطوا؟

وختاماً اسمحوا لي ان اصافح كل يدٍ امتدت الى ورقة و.ض.ع.م و"دحشتها" في صندوق الاقتراع، ما جعل هذه القائمة الوحيدة التي عززت قوتها، في حين كاد بناةُ الدولة " مباي- العمل" ينقرضون.

واسمحوا لي ايضاً ان اهنئ نوابنا ونائباتنا (لا تخشوا من تأنيث نائب وعضو) آملاً أن يكونوا خير من يقوم بخدمة شعبنا. وليتنا تمكنا من تهئنة المرشح السادس عشر. كلكم حبّابون وطيبون ومخلصون. لكن تبقى لهذا المرشح نكهة خاصة. والعقبى لانجاح عشرين بدل الستة عشر وهذا ممكن.

سيروا ونحن من ورائكم.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب