news-details

نحو الانتخابات البرلمانية القريبة | د. فؤاد خطيب

الحقيقة التي ينساها الجميع في خضم هذا الحراك الذي يخرج أحيانا عن مستوى الحوار ويتحول الى نفاق وأكاذيب وشتائم لهذا أو ذاك من المرشحين، هي أن التصويت للكنيست الاسرائيلي لم يعد الغاية الوحيدة لجماهيرنا بعد فشله كوسيلة لتحقيق حقوق الأقلية الاساسية في هذه البلاد طيلة سبعة عقود. 
لم يكن هذا البرلمان الغاية لأن الحقيقة الفاقعة كقرص الشمس في يوم صيفي طويل أن هذا البرلمان صهيوني شوفيني بامتياز. هدفه بنظره ونظر كل صانعيه عبر 7 قرون ونيف المحافظة على يهودية الدولة وخلق قومية يهودية خارجة من عباءة الدين الاسطوري لها وجود "قومي" تصارع العرب كقومية قائمة منذ فجر التاريخ، ولكنها الان للأسف مفتتة متخلفة وعاجزة عن النهوض منذ عقود وقرون.
 اذًا هذا البرلمان لم يكن مرة غاية الأقلية العربية لتحقيق أفكارها الوطنية والقومية ولم يكن الوسيلة لأن الوسيلة أي الانتخابات بمجملها لم تحقق الكثير للأقلية العربية الفلسطينية الباقية في وطنها. اللوم هنا بطبيعة الحال قبل أن نحمله على الاخرين يجب أن نحمله نحن العرب الباقين في اسرائيل. نحن صورة زنكوغرافية صغيرة عن مجتمع عربي يحيطنا من المحيط الى الخليج الذي فشل في تطوره الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والحضاري مع أننا كنا من صناع الحضارة في التاريخ. اذ ان نقلتنا الاجتماعية كانت نقلة من مجهول الى معلوم مجهول. انتقلنا من مجتمع فلاحي اقطاعي الى اخر رأسمالي معولم ومتطور تقنيا واجتماعيا وسياسيا. مجتمعنا العربي بصورة عامة وحقيقية لم يمر بثورة صناعية تقنية متطورة ولا بمجتمع بروليتاريي ليصل الى ثورة اجتماعية سياسية اقتصادية. مازالت مجتمعاتنا متخلفة ومنقسمة طائفيا وحمائليا وحتى عائليا. مجتمع في هذا المستوى المتدني في الرقي الحضاري الاجتماعي السياسي عاجز عن الحصول الى تحقيق حقوقه وانتزاعها رغم كل الظروف. والعكس هو الصحيح اذ اننا فقدنا قدرة المحافظة على حقوقنا المشروعة كباقي الاقليات القومية في بلاد عديدة .
للحقيقة والتاريخ أن مجتمعنا هذا ومنذ النكبة لم يعرف الاحزاب السياسية العربية الوطنية، القائمة كأحزاب بكل معنى الكلمة، وهي أرقى تطور سياسي اجتماعي عرفته البشرية، اذا اسثنينا الحزب الشيوعي الذي حافظ على بقاء من تبقى من شعبنا وخلق وجود وكينونة اجتماعية سياسية اقتصادية قادرة على الصمود. وعلينا ان نذكر هنا وجود مثقفيين ثوريين حقيقيين كان لهم فضل كبير في تجسيد بقائنا وتطورنا وبعض حقوننا. معظم "الاحزاب العربية" كانت بحسب رأيي منذ بداية الانتخابات البرلمانية هنا كما أثبت التاريخ انتخابية موسمية تنقصها الايديولوجيا والتنظيم واختفت كما تختفي فزاعات المقاثي عند هطول الوسم الأول. 
معظم مؤساساتنا المدنية غائبة عن وعيها أو انها مؤسسات فردية ضعيفة جدا وغير قادرة على المماحكة والصمود في حرب وجودية نعيشها منذ النكبة الى الان. ينقصنا فعلا مجتمع مدني وحدوي مؤدلج ووطني وفوق الطائفية والحمائلية والعائلية يعمل على توحيدنا كتلة واحدة واعية قادرة على الصمود وتحقيق حقوقنا كمواطنين متساوين في هذه الدولة لكوننا مواطنين لسبب خارج عن ارادتنا. نحن من دافعي الضرائب اذا نحن نساهم في تمويل الانتخابات ووجود هذا البرلمان المادي. 
بما أننا أصبحنا بوجودنا في مرحلة متقدمة ومتطوررة علينا أن نطور ذواتنا وفكرنا ومعه مستقبلنا الاجتماعي والسياسي، وبحالتنا هذه علينا الان أن نختار أكثر أدواتنا الايدولوجية تطورا وتنظيما، أي الحزب الشيوعي لأنه الحزب الوحيد الجامع فوق العائلية والطائفية والقبلية. ينظر هذا الحزب منذ بداياته لمجتمعنا كوحدة وطنية قومية فوق العائلية والطائفية بل ينظر لنا كوحدة قومية سياسية واحدة وليس قوائم قائمة على الزعامة والمخترة العصرية التي لا تختلف عن مخاتيرنا في الخمسينيات من القرن الماضي . اللهم سوى بأنهم تزودوا بمنتجات الثورة التقنية بصورها المختلفة التي استوردناها ولم نصنعها، وهذا حيز واسع وكبير لا مكان لنا هنا للتفصيل عنه وحوله وثأثيره السلبي والايجابي.
أنا أنتخب وادعو الاخرين لانتخاب القائمة التي فيها الحزب الشيوعي والجبهة ربما نصل الى بداية غايتنا مرة ونساهم في حق وجودي للشعبين في دولة ديموقراطية حقيقية بعيدة عن العنصرية واالشوفينيية بكل صورها.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب