news-details

نقابات مناضلة... ونقابات خنوعة

في الارجنتين النقابات العمالية اعلنت الاضراب العام يوم 29/5 احتجاجا على سياسة التقشف الحكومية*بالمقابل في السودان الاتحاد العام لنقابات عمال السودان يدعم موقف المجلس العسكري ويقف ضد الاضراب الذي أُعلن يومي 28-29 ايار الحالي

 

سبق وتناولنا موضوع دور النقابات العمالية في قيادة النضالات العمالية، دفاعا عن حقوق العاملين، وأن تكون مواقفها صلبة وصادقة ومبدئية في سياساتها، ضمن ما تواجهه من هجوم لقوى رأس المال التي تسعى لزيادة أرباحها من خلال ضرب حقوق اساسية تستحقها القوى العاملة من أبناء الطبقة العاملة.

ضمن المشهد النضالي على الساحة النقابية خاصة والسياسية عامة خلال الأسبوع الحالي شاهدنا حالات نقابية منها ما أثار لدينا الغضب والألم، ومنها ما أثار لدينا الفخر والاعتزاز.

 

  • مصر فقر وغلاء واتحاد عمال موال للحكومة

ما أثار الغضب والاستياء هو مواقف لاتحادات نقابات عمالية تسير في ركب الولاء للسلطة والحكومة والعسكر والتهليل لها ودعم سياساتها التي كل ما تضمنه للعمال على مختلف مهنهم المزيد من الضائقة والفقر والغلاء، وفق املاءات "صندوق النقد الدولي"، وهذا ما شاهدناه وبألم شديد من موقف الاتحاد العام لعمال مصر الموالي بلا حدود لسياسات الحكومة المصرية التي أدت الى المزيد من الفقر، وتصل نسبة الفقراء من مجمل السكان حوالي 30% وفق آخر إحصاء رسمي، وقيمة الأجور تتآكل باطراد بسبب الغلاء وآخر ما أعلن عنه هو رفع أسعار الكهرباء بنسبة 12%، مما يعني موجة جديدة من الغلاء لجميع المواد الاستهلاكية الأساسية، واتحاد عمال مصر يخضع ويهلل ويصفق ويدعم السياسات الحكومية "الرشيدة"، بربكم هل نستطيع أن نقول عن هذا الاتحاد وقياداته قيادات عمالية تدافع عن حقوق العمال والطبقة العاملة؟

 

  • السودان أيضا

أما حالة الخضوع والخنوع الثانية التي عشناها وشاهدناها في المشهد النضالي السوداني، فهي الموقف الخنوع الذي اتخذه الاتحاد العام لنقابات عمال السودان، الذي عارض موقف قوى إعلان الحرية والتغيير في السودان بالإضراب يومي 28-29 أيار الحالي، على ضوء فشل المفاوضات مع المجلس العسكري لنقل السلطة لقوى مدنية.

قيادة المجلس العسكري سبق لها وأعلنت عن قرارها بفصل كل موظف او عامل من القطاع العام يشارك في الاضراب اي بأنها ستقوم بفصله من العمل فورا،اضافة لهذا الموقف للمجلس العسكري في السودان تصريخ الفريق محمد حمدان دقلو حميدتي نائب رئيس المجلس العسكري بقوله (باللهجة المحلية): "أي زول يُضرِب يمشي بيتو طوّالي"، ماذا كنّا نتوقع من اتحاد عمال السودان في مثل هذا الموقف؟ أليس الوقوف ضده؟ فهذا اقل ما يمكن أن يصدر عن اتحاد نقابات عمالي، لكن ما صدر عن اتحاد نقابات عمال السودان كان غير ذلك، وفي تصريح للمدعو خيري النور علي أمين علاقات العمل يوم 27 أيار الحالي هو أن الاتحاد يعارض الإضراب ويقف الى جانب المجلس العسكري ويدعم قراراته، وحاول أن يقوم بتسويغ قراره هذا بغلاف قانوني لا أساس له من الصحة. نكتب هذه الكلمات والغضب يستعر في داخلنا على مثل هذه الاتحادات النقابية وللأسف أن الاتحاد العام للعمال العرب ما زال صامتاً ولم يصدر عنه أي بيان أو موقف يدين هذه المواقف المنافية لأدنى شروط العمل النقابي.

 

  • منظمة العمل الدولية ترد

بالمقابل منظمة العمل الدولية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام صدور التهديدات من قبل قادة المجلس العسكري ضد العاملين في القطاع العام خاصة وجميع العاملين السودانيين وتنظيماتهم النقابية وحقهم بالمشاركة في الإضراب.

في اجتماع لقيادتها بمقرها بمدينة جنيف عقد يوم الخميس 23 أيار الحالي قررت منظمة العمل تعليق عضوية جمهورية السودان لديها وأصدرت بياناً بهذا الخصوص جاء فيه: "لا يحق لأي مسؤول في دولة فصل كل العاملين في الدولة وهم يمارسون حقاً أساسياً من حقوقهم المعترف بها دولياً...غير أن التعامل والتهديد بفصل المضربين -أي فصل العاملين في الدولة - يعتبر تصرفاً غير مسؤول لأن فصل العمال له طرق وقوانين تؤطرها منظمة العمل الدولية.

وعليه فإن منظمة العمل الدولية تأسف حقاً لتعليق عضوية جمهورية السودان لاجل غير مسمى ورفع تقارير للأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية ولا سيما الإفريقية والعربية،كما ستقاطع جميع أنشطة السودان وسيتم إخلاء مقر السودان ابتداء من يوم الخميس 23 أيار الحالي".

الا يحق لنا أن نقول هنا وبعد هذا القرار الواضح لمنظمة العمل الدولية مقابل الموقف المهين لقيادة اتحاد نقابات عمال السودان بأننا نقف أمام قيادة نقابية خنوعة، بل نزعت عن نفسها الحق والشرعية بتمثيل عمال السودان الذين لم يهابوا التهديد ولا الوعيد وشاركوا في الإضراب.

 

  • بالمقابل نقابات مناضلة

منذ بدء تنفيذ برامج "صندوق النقد الدولي"المفروضة على الأرجنتين، ارتفع عدد الفقراء الى 14 مليون مواطن أرجنتيني، بمعدل 32% تقريباً، كما يسود الوضع الاقتصادي الركود والانكماش للناتج المحلي الإجمالي، كما وارتفعت نسبة البطالة الى 10% (رسمياً) وبلغت نسبة التضخم المالي خلال الإثني عشر شهراً الماضية 54%، في ظل هذه السياسة الاقتصادية القمعية المعتمدة على النمط النيوليبرالي تواصل الحكومة الأرجنتينية برئاسة ماوريسيو ماكري ( انتخب العام 2015) خططها المعتمدة على التقشف منها تخفيض الميزانيات للخدمات وتقليص الأجور وما يسمى "المرونة الإدارية" في القطاع العام التي تعني فصل المزيد من العاملين، كل ذلك تماهياً وتنفيذاً لإملاءات "صندوق النقد الدولي"، والنتائج على أرض الواقع تدهور حال العاملين بشكل أدى الى المزيد من الفقر والضائقة والبطالة وغيرها من المآسي الاقتصادية والاجتماعية.

 

  • النقابات تواصل نضالها

منذ انتهاج هذه السياسة لم تقف النقابات العمالية على الحياد وخاضت العديد من النضالات ضد هذه السياسات القاتلة للعامل والمواطن وللاقتصاد الأرجنتيني عامة، وضمن هذه النضالات تشكلت هيئة نضالية مشتركة للاتحادات النقابية وعلى رأسها أكبر اتحاد نقابي أرجنتيني اتحاد ال cgt  وقائده هيكتور داير حيث تقرر اعلان الاضراب العام يوم 29 أيار الحالي، توقفت خلاله جميع المرافق عن العمل في القطاعين العام والخاص وقال داير بهذا الخصوص :"أن القرار اتخذ بعد تحليل عميق للوضع الاجتماعي والسياسي في الأرجنتين وكيف يؤثر على العمال والاقتصادات الأسرية عامة وخاصة العاطلين عن العمل، نحن نسعى بنضالنا هذا الى تغيير المعادلة ووقف تسارع التدهور الاقتصادي من أجل زملائنا وأهالينا. "ويلقى نضال الحركة النقابية الارجنتينية الدعم من قبل الحركة النقابية العالمية ممثلة بالاتحاد الدولي للنقابات العمالية.

 

  • والاكوادور

في الأكوادور تقف النقابات العمالية بحزم ضد الاتفاق الذي فرضه "صندوق النقد الدولي" على الحكومة هناك، وتلقى النقابات الدعم من قبل الاتحاد الدولي للنقابات العمالية الذي أعد دراسة عن الوضع الاقتصادي في الاكوادور، ثبت من خلاله أن الوضع في تحسن ولا حاجة لما يفرضه صندوق النقد والتوقعات المشكوك فيها التي قدمها والتي يزعم بها صندوق النقد الدولي أن تخفيض تكاليف العمالة إلى جانب تدابير أخرى لتحرير الاقتصاد سوف يجذب الاستثمار الخاص ويؤدي إلى الانتعاش. ومع ذلك، فقد أدت البرامج المماثلة التي طبقت هذا النموذج باستمرار إلى فشل توقعات النمو غير الواقعية، بينما تفاقمت المؤشرات الاجتماعية.

على ضوء ذلك، حذر نائب الأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات العمالية فيكتور بايز من التأثير السلبي لاتفاقيات مماثلة على العمال في اليونان ومصر وتونس والأرجنتين. وتواصل الحركة النقابية المحلية والعالمية متابعة الموضوع دون مهادنة او خنوع بل بروح نضالية عالية، وهذا هو الطريق الذي على الحركة النقابية انتهاجه، طريق النضال.

 

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب