news-details

نُتقنُ حرفةَ النّملِ، على مهلنا!: نحوَ تشغيل عاملات النّظافة بشكل مباشر | طارق نصّار وسيرين حامد

يطلّ علينا الأول من أيّار هذا العام بظروف قاهرة على كافّة الطبقات المسحوقة، يأتي ذلك نتيجة أزمة "الكورونا" التي ألقت بويلاتها على كافة المُستضعفين بمن فيهم عاملات النظافة في الجامعات، اللّواتي كنّ أول من تلقى رسائل "عطلة بغير راتب" من مشغليهنّ المستغلّين.
لعلّها فرصة سانحة في هذا اليوم أن نستعرض ماذا قدّمنا نحن الجبهات الطلّابية لنضال تحصيل حقوق عاملات النظافة في الجامعات، وتحديدًا فيما يخصّ النضال للتشغيل المباشر، وأن نعرض أيضًا مخططات إدارة الجامعات في الالتواء على هذا المشروع، وطرح بدائل لا توفي العاملات أبسط حقوقهن الطبيعيّة، وسط التشديد على الجامعة العبريّة في القدس وجامعة تل-أبيب اللواتي شهدن نهضة جديدة للنضال في السّنة الأخيرة.

 

جامعة تل أبيب:

افتتحت الجبهة الطلابية في جامعة تل أبيب نشاطاتها هذه السنة بنشاط توعوي حول التشغيل المباشر، وذلك بمشاركة الرفيقين عايدة توما-سليمان وطارق ياسين. حيث استعرضت الرفيقة عايدة توما-سليمان الكنيست كآلية للنّضال من أجل التشغيل المباشر، وبدوره قام الرفيق طارق بعرض النّضال في جامعة حيفا كقصّة نجاح، لنراكم من هذه التجارب خبرة حول طريقة التصرف مستقبلًا فيما يخصّ هذا النضال.

وبعدها، بمبادرة من كتلة الجبهة الطلابية في جامعة تل أبيب والمؤلّفة من ثلاثة مندوبين، تمّت المصادقة على دعم النضال للتشغيل المباشر من قبل النقابة وذلك بأغلبية كبيرة، حيث يعدّ هذا الإنجاز هامًّا لسببين الأوّل كون النقابة الطلّابية الممثل "الشرعي" للطلاب أمام الجامعة الأمر الذي من شأنه تشكيل ضغط على إدارة الجامعة في هذا الشأن. السّبب الثاني هوَ ضبابيّة الموقف من قبل النقابة لسنوات عديدة تجاه النضال للتشغيل المباشر، بعد أن كان لها دورًا رياديًّا وسبّاقًا في السنوات الأولى للنضال، لذلك فاتّخاذ موقف واضح من النضال في هذه الفترة المفصلية له يشكل رافعة قوية للنضال.

قمنا في الجبهة الطلابية وبالتعاون مع باقي الكتل في النضال للتشغيل المباشر، بجمع مئات الرسائل من الطلاب التي تفسر أهمية التشغيل المباشر من ناحيتهم، وقمنا بإلصاقها صباحًا أمام مكتب رئيس الجامعة. كان الهدف الرئيسي من هذه الخطوة هو أيضًا التأكيد على موقف الطلّاب الداعم للعاملات وللتشغيل المباشر، الأمر الذي من شأنه أن يشكل ضغطًا على الإدارة.

في الآونة الأخيرة وفي خطوة تهدف إلى الالتفاف على طرحنا الرئيسي في التشغيل المباشر كحلّ لأزمة العاملات، تداول الإعلام خطة الجامعات لتوظيف العاملات عن طريق شركة فرعية غير ربحية بإدارة مشتركة للجامعات، بدلًا من التوظيف عن طريق شركات المقاولة. لذا من الأهمية بمكان ما الإشارة إلى أننا في الجبهة الطلابية والائتلاف من أجل التشغيل المباشر نرفض هذه الخطة جملةً وتفصيلًا، كونها لا توفّر كل ما يعتبر حقوقًا طبيعيّة لباقي موظفي الجامعة وعلى رأسها الحق باحتساب الأقدميّة في العمل، عدا عن ذلك فهي ترى في العاملات عاملات بمستوى أقل -صنف "ب "-من الممكن توظيفهن عن طريق شركة فرعية على عكس باقي الموظفين في الحرم الجامعيّ، ونحن نرى بهنّ عاملات متساويات ويقدّمن عملًا لا يقل أهميّة عن أيّ عمل آخر يقدمّه أي موظف في الجامعة.

تدّعي الجامعة بتبرير وقح أنّ التوظيف المباشر للعاملات سيجبرها على منح العاملات حقّ احتساب الأقدميّة، وبعد سنوات وعندما تضعف القدرة الجسديّة للعاملات ستضعف مقدرة ذات العدد من العاملات على إعطاء نفس العمل بنفس الوقت وذات الجودة، مما سيدفع بالجامعة لتوظيف عدد أكبر من العاملات. خبراء قانونيون من مجال قوانين العمل، يطرحون التدريب المهني للعاملات الحاليّات ومنحهن وظائف إداريّة في سنّ متقدّمة أكثر، كحلّ لهذه المشكلة.

 

الجامعة العبرية:

يمكننا اليوم القول وبكل فخر، أن الجبهة الطلابية في الجامعة العبرية في القدس، في آخر مراحل نضالها نحو التشغيل المباشر، النّضال الممتد على مدى سنوات طويلة جدًا.

قادت الجبهة الطلّابية في الجامعة العبرية في القدس نضالًا مُشرّفًا ضمن الائتلاف للتشغيل المباشر بشكل خاص على مدار السنتين الأخيريتين. كحال غالبية الجامعات، بسبب حرمان عمّال وعاملات النظافة في الجامعة من حقوقهم كاملةً وأهمّها الحق في التشغيل المباشر. ارتفع صوتنا في الجبهة الطلابية عاليًا، بهتافات تناشد إدارة الجامعة بوقف الإهمال تجاه العمال والعاملات، والمباشرة فورًا بتبنّي التوظيف المباشر عِوضًا عن المقاولة، الأمر الذي يضمن تحسين ظروف عملهم وأجورهم وإنهاء الاستغلال ضدهم. حيث ترى أنّ العمل عن طريق مقاول يُعتبر أداة استغلال، تسلبهم حقوق كاملة، وتخضع العمال والعاملات للعمل تحت ظروف قاسية. 

ومن منطلق رؤيتنا المتجذّرة لأهمية النّضال من أجل حقوق العمال والعاملات، افتتحت الجبهة الطلابية نشاطات السنة الدراسية بتظاهرة حاشدة تضامنًا مع حقوق عاملات النظافة ضد الاستغلال والإقصاء الممارس ضدهم في الجامعات؛ مطالبين بإنهاء تشغيل عاملات النظافة عبر شركات المقاولة وتشغيل عاملات النظافة بتشغيل مباشر. شاركنا في التظاهرة عضو الكنيست د.عوفر كسيف الذي صرّح بأن التشغيل عبر شركات المقاولة هو شكل من أشكال العبوديّة الجديدة وأضاف أن إنهاء تشغيل العاملات عبر شركات المقاولة معناه إنهاء عهد من الذل والقهر الممارس ضدّهم. وبعد ضغوطات الجبهة الطلابية والائتلاف للتشغيل المباشر، نجحنا في طرح قضيتنا بالشكل المطلوب ونتيجةً لذلك: مجلس الجامعة وهو الجسم الأكاديمي الأعرق في الجامعة صوّت بأغلبية ساحقة لصالح قضيتنا. 

في الآونة الاخيرة وفي ظل الازمة الصحيّة وانتشار فيروس الكورونا، خسر غالبية عمال وعاملات النظافة عملهم في الجامعة العبريّة، ولهذا بادرنا في الجبهة الطلابية والائتلاف المباشر، وبمساعدة متطوعين ومتطوعات من طلاب وطالبات الجامعة، بالتواصل مع العمال والعاملات وتوجيههم بتقديم الطلبات اللازمة، للحصول على مستحقات البطالة في التأمين الوطني كخطوة أولى لتحصيل كامل الحقوق وتعويض العاملات عن الضرر الذي لحق بهن. بالإضافة، قمنا بمساعدة العمال والعاملات بتقديم طلب لصندوق الإغاثة الذي شكّلته منظمة الهيئة الأكاديمية في الجامعة للعمال الذين تضرّروا في أعقاب جائحة الكورونا وخسروا أجورهم بسبب إخراجهم القسري لإجازة غير مدفوعة الأجر.

رغم جهودنا المتواصلة من أجل تحقيق مطالب العمال والعاملات إلّا أنّ إدارة الجامعة تصرّ على رفض نقلهم للتوظيف المباشر عِوضًا عن العمل من خلال شركات المقاولة، وتم تعليق القضية عن طريق تقديم حلول بديلة مثل تحسين ظروف العمل مؤقتًا أو إنشاء شركة فرعية لفرع النظافة. نحن في الجبهة الطلابية في الجامعة العبرية، نرى أنّ التوظيف المباشر هو ما يحفظ كرامة العمال والعاملات، ويغنيهم عن العمل ضمن آليات التهميش والذلّ. بهذا، نؤّكد على رفضنا للبدائل المجحفة وعلى مواصلة نضالنا من أجل كافة عاملات النظافة وحقوقهن ومن أجل إنهاء ظلم شركات المقاولة، إلى حين تحقيق الهدف: التشغيل المباشر.

*سكرتير الجبهة الطلّابيّة في جامعة تل-أبيب وسكرتيرة الجبهة الطلّابية في الجامعة العبرية في القدس.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب