news-details

وحدتنا هي أساس قوتنا يا شيخ

أصادف في حالات كثيرة اناس يحاولون فرض فكرهم على الاخرين بالرغم من انه ليس فكرا دينيا بل فكر تجّار بالدين من مختلف الأديان. وهؤلاء اذا تعمقت فيما يطرحونه ففي حالات كثيرة يشوّهون دينهم ويسيئون للاديان السماوية التي جاءت جميعها للدعوة الى المحبة والتآخي بين الناس وليس الى الفُرقة، خاصة أنه لم يختَر الانسان منا دينه انما جاء الدين بالوراثة وهذا ينطبق في هذه المرحلة على كل الأديان السماوية ولذلك يجب ان نقبل هذا الواقع ونسير جميعا حسب المثل الشعبي والانساني "كل من على دينه الله بعينه". وعلى هذا الاساس مهم ان نعمل سويا بوحدة خاصة نحن الشعب العربي الفلسطيني الذين قاسينا وما زلنا نقاسي من ظلم الثالوث الدنس الاستعمار، الصهيونية والرجعية العربية، هذه القوى كانت وما زالت السبب لنكبة شعبنا وانا من الناس الذين حسّوا على جلودهم وعاشوا هذه المأساة سنة 1948 عندما كان عمري في ذلك الوقت أحد عشر عاما،حين احتلت القوات الاسرائيلية بلدي عرابة في الشهر العاشر من تلك السنة. وفي نفس الفترة جرى احتلال سخنين ودير حنا التي كانت من أواخر ما احتلتها القوات الاسرائيلية التي هجّرت قرى رأيت بأم عيني الذين ر،حلوا منها وجاؤوا الى عرابة مثل صفورية، لوبية، حطين، شعب وميعار وغيرهم الذين جاؤوا الى عرابة في تلك المرحلة، هذا بالاضافة الى الكثير من القرى الأخرى.

بالرغم من كل هذه المآسي التي حلّت بشعبنا بقي من هذا الشعب ما يقارب المائة وخمسون الف انسان في وطنهم كالأيتام على موائد اللئام،  بدون وضوح او معرفة لمصيرنا امام هذا الواقع المأساوي الجديد والمخيف بالنسبة لجماهيرنا هذه التي بقيت متمسّكة بتراب وطنها، خاصة ان الاكثرية المطلقة من القيادات الوطنية قد رحلت.

فكان لا بد منقيادة سياسية مسؤولة من اجل العمل المنظم للمحافظة على هذه الجماهير وكان من الطبيعي ان يبرز دور الشيوعيين في مثل هذه المرحلة الصعبة. ولذلك عملوا بكل قوة ومثابرة للانتشار بين هذه الجماهير من اجل رفع معنوياتها وقيادتها في اتجاه صمودها وفي الوقت نفسه من اجل المحافظة على هويتها الوطنية.

كان لي شرف التعرف على الشيوعيين في جيل مبكر أي في اوائل سنة 1950 ومنذ ذلك الوقت لم تنقطع علاقاتي مع الحزب الشيوعي حتى يومنا هذا، واعرف جيدا الدور التاريخي الهام الذي قام به الشيوعيون من اجل بقاء هذه الجماهير في وطنها. لقد رأت قيادة الحزب الشيوعي اهمية العمل المتواصل لوحدة هذه الجماهير الكفاحية لمواجهة الظروف الجديدة التي نعيشها كأقلية قومية داخل دولة اسرائيل التي فرضت نظام الحكم العسكري والتمييز العنصري وسياسة سلب الاراضي ومختلف القوانين العنصرية مثل قانون استملاك الاراضي وقانون الحاضر غائب وغيرها.

في تلك المرحلة كانت السلطة تعمل على تحريض عملائها في مدننا وقرانا ضد الشيوعيين، وتمارس بشكل خاص سياسة "فرّق تسُد" من اجل استمرار سيطرتها على جماهيرنا. لهذا أقامت قوائم عربية مرتبطة مع حزب السلطة، حزب مباي في ذلك الوقت لانتخابات الكنيست ووصل عدد النواب العرب المرتبطين بالسلطة الى خمسة نوّاب وبأصوات هؤلاء النواب بقي الحكم العسكري حتى سنة 1966 لأنهم كانوا بشكل دائم يأتمرون بأوامر السلطة الحاكمة ووقفوا دائما ضد مصالح جماهيرنا.

بالرغم من الظروف الصعبة استمر الحزب الشيوعي وبمثابرة من اجل وحدة جماهير وقيادة نضالها العادل ضد الحكم العسكري وسياسة سلب الاراضي والتمييز العنصري. وفي الاول من ايار سنة 1958 كانت الذكرى العاشرة لنكبة شعبنا وفي الوقت نفسه كانت الذكرى العاشرة لقيام دولة اسرائيل، وبهذه المناسبة ارادت السلطة ان تُظهر امام الصحافة العالمية التي جاءت لتغطي احتفالات الذكرى العاشرة ان هذه الجماهير تعيش في بحبوحة وترقص على أطلال قراها ومدنها المهجّرة.. ولكن بدل هذا كانت الانتفاضة الاولى لهذه الجماهير ضد سياسة حكام اسرائيل العنصرية ومن اجل حق شعبنا في الحرية والمساواة. وكانت معركة بكل معنى الكلمة الامر الذي أدى الى اعتقال نحو 400 من الشيوعيين والقوى الوطنية وتقديمهم الى محاكم عسكرية والحكم على الكثير منهم بأحكام جائرة. أدى الأمر الى استنفار قوى وطنية وإقامة الجبهة الشعبية للدفاع عن المعتقلين وضد هذه الأحكام الجائرة بحقهم. وكانت هذه الجبهة برئاسة طيب الذكر يني يني رئيس مجلس كفرياسيف المحلي في ذلك الوقت وضمت قوى وطنية بالاشتراك مع الشيوعيين، وكان لها دور تاريخي هام في الدفاع عن سجناء اول ايار وفي النضال ضد الحكم العسكري ثم عقد المؤتمرات ضد سياسة سلب الاراضي ومن اجل تحرير الاوقاف الاسلامية.

ان الحزب الشيوعي ومنذ نكبة شعبنا لم يتوقف عن العمل المثابر من اجل الوحدة النضالية لجماهير شعبنا في هذه البلاد لأنه يدرك جيدا ان وحدتها هي اساس قوتها في المجابهة اليومية مع حكام اسرائيل. وكان دائما من المبادرين الاوائل من اجل اقامة الهيئات الشعبية المحلية والقطرية لقيادة نضال هذه الجماهير، لذلك لم يكن صدفة ان تُقام لجنة الدفاع عن الاراضي سنة 1975، التي ضمت القوى الوطنية وكانت برئاسة طيب الذكر القس شحادة شحادة وقادت معركة يوم الارض الخالد.

بعد يوم الارض اقيمت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وكذلك لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية ولجنة المتابعة العليا لجماهيرنا العربية. يجب تذكّر هذا في سياق اقامة القائمة المشتركة حيث أسهمت وبشكل مسؤول كل في رؤية الشيء الاساس الموحّد لمصلحة جماهير شعبنا في هذه البلاد، من اجل حقوقها القومية واليومية ومن اجل المساواة وضد سياسة حكام اسرائيل التي لم تتوقف عن العمل من اجل تفرقتنا كشعب وجعلنا طوائف وملل وعائلات وبطون لغرض استمرار سيطرتهم علينا.

امام هذا الواقع من الاهمية بمكان ان نرى جميعا ان وحدتنا الكفاحية هي سرّ قوتنا في مثل هذه المرحلة الصعبة التي تعيشها جماهيرنا في مثل هذه الايام.في مثل هذه الظروف هناك اهمية كبرى للنقاش الانساني والحضاري بيننا وهذا هو الطبيعي لأننا نحمل افكارا مختلفة.

نحن نعرف ان هناك اشكالا كثيرة للعنف ومنها العنف الكلامي، فالتجريح واستعمال الكلمات النابية هو عنف يجب رفض استعماله بيننا لأنه يسيء لوحدة جماهيرنا أولا، والى صاحبه ايضا. منذ مدة وانا اقرأ واسمع عن منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي للشيخ المحترم كمال خطيب،والتي ارى انها لا تليق بمقامه خاصة وانه يحاول فرض رأيه وموقفه على الاخرين. انت يا شيخ ترأس احدى اهم اللجان في لجنة المتابعة وهي لجنة "الحريات".فهل رئيس لجنة الحريات يجب ان يمنع حرية الموقف وحرية التفكير عن الاخرين ام يجب ان يكون المدافع الاول عن حرية الآراء والتعبير؟!

اريد ان اسأله بعد ما كتبه بشأن صفقة القرن: ألم تفكر حين كتبت ان لك زملاء في لجنة المتابعة يفكرون بشكل مخالف لموقفك وهم الاكثرية المطلقة في هذه اللجنة؟! لقد اسأت بشكل كبير لهم بمثل هذا التعبير الذي يجب ان لا يقوله انسان يحترم الاخرين الذين يعمل معهم. في اعتقادي ان تعبيرك هذا اساء لك اكثر من غيرك.انا يا شيخ يمكن ان اناقشك بنفس اللغة ولكني أربأ بنفسي عن فعل ذلك لأنني لا ارى بالذي اناقشه عدوي بل منافسا سياسيا له وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظري.

اريد ان اسألك يا شيخ: من الذي يقتل الشعب السوري؟ ومن الذي تآمر على الشعب السوري؟ انت تعرف جيدا من هم ولكنك مثل ما بقول المثل "تعرف وتحرف" ان المؤامرة على سوريا وشعبها ليست جديدة وانها جاءت اولا وقبل كل شيء من الاستعمار الامريكي عدو الشعوب وحكام اسرائيل الذين اعتمدوا في تآمرهم هذا على عملائهم في المنطقة وفي مقدمتهم السعودية وتركيا وقطر وباقي دول الخليج، هؤلاء الذين موّلوا الدواعش هؤلاء الذين شوّهوا اسم الاسلام عندما اخترعوا مقولة "جهاد النكاح". متى سمعنا مثل هذا في الاسلام؟!

ألم تسمع يا شيخ اعترافات الذي كان رئيسا للوزراء ووزيرا للخارجية في دولة قطر "العظمى" انه كان ثمن الجندي خمسة عشر الف دولار والضابط ثلاثون الف دولار ورياض حجاب خمسون مليون دولار والذي دفع لحجاب السعودية وان ما انفق على الحرب في سوريا اكثر من مائة وسبعة وثلاثين مليار دولار في ذلك الوقت فكيف حتى اليوم مئات المليارات.

اسألك يا شيخ لو انفقت هذه المليارات بشكل صحيح على الشعوب العربية هل يبقى هناك فقراء؟! هذا بالاضافة الى الترليون دولار الذي وهبته السعودية لترامب عندما رقصوا بالسيوف.أسأل الشيخ ايضا هل هؤلاء الذين يخونون وطنهم مقابل الدولارات "ثوار" أم خونة لوطنهم؟! ألم تذكر ايضا يا شيخ تصريح القرضاوي من الدوحة عندما طلب من اوباما رئيس الولايات المتحدة في تلك المرحلة عندما قال له "اضرب في سوريا ضربة لربك"؟!

ان الذين ما زالوا يقاتلون ويقتلون الشعب السوري ويستبيحون اراضيه وخيراته وآبار النفط هناك هم حكام الولايات المتحدة وحكام اسرائيل وتركيا اوردغان الذي يطمع بإعادة "الخلافة العثمانية".ألا يكفي ما سببه الاستعمار التركي من تخلف خلال اربعمائة سنة من نهب خيرات شعوبنا؟! انها يا حضرة الشيخ لم تكن "خلافة" بل استعمار بكل ما تعني مثل هذه الكلمة.

ان بشار الاسد لم يقتل الشعب السوري بل التحالف العدواني الذي ضم عددا كبيرا من الدول بقيادة الاستعمار الامريكي، هم الذين ما زالوا يقتلون الشعب السوري. وبشار وجيشه الوطني يدافع بكل بسالة عن وطنه وشعبه، وعندما يرى مثل هذا الحلف الدنس الذي يريد احتلال وطنه لماذا لا يطلب المساعدة من اصدقائه في روسيا، الذين تدخلوا بعد خمس سنوات من الحرب على سوريا. وبمساعدتهم ومساعدة ايران استطاعوا القضاء على الدواعش في سوريا والعراق.

حلفاء الشعب السوري اعطوا بعد هذه الانتصارات على الدواعش الامكانية للجيش العربي السوري ليعمل بمثابرة على تحرير ارضه مدينة بعد مدينة وقرية بعد قرية، وفي المستقبل القريب سوف يحرر كل التراب السوري من دنس التنظيمات المسلحة بالرغم من الدعم الامريكي والتركي والسعودية ودول الخليج لبواقي المرتزقة من فلول الدواعش وجبهة النصرة وغيرهم من المرتزقة الذين باعوا وطنهم وأنفسهم مقابل الدولارات الدنسة.

لقد كان دائما صاحب البيت اقوى من اللصوص وهكذا هو الشعب السوري وقيادته وجيشه الوطني ثبت انه في النهاية اقوى من كل اللصوص الذين هاجموا وطنه من مختلف اصقاع الارض ولكن النصر في النهاية هو للشعب السوري البطل.

يا شيخ حتى زميلك اسماعيل هنيّة الذي ذهب لايران للتعزية بمقتل قاسم سليماني لم يسلم من حضرتك! مع ان ايران بلد مسلم، هل لأنهم "شيعة" وانت "سنّي"؟! انا اختلف فكريا مع النظام الايراني ومع اسماعيل هنيّة ولكني احترمهم لأن امريكا واسرائيل والانظمة العربية الرجعية ضدهم، وهؤلاء هم الذين يجب مقاومتهم بكل صلابة.

(عرابة البطوف)

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب