news-details

يا رفيق محمد هيبي.. شوَيّ شوَيّ

انت في هذا المقال تخطيت الكثير من الخطوط الحمراء في النقاش "ولم يمزط من شرّك احد".. لقد أردتُ في هذه المداخلة الدفاع عن الاتحاد التي هي مدرستي وعن الحزب الذي انتمي اليه منذ اكثر من 65 عاما. وفي النهاية ادعو الرفيق محمد هيبي ان يجلس مع نفسه ويعيد التفكير في اسلوبه النقدي هذا، او ان يعتذر لكل الذين اساء اليهم وانا واحد منهم لانني عضو في هذا الحزب الذي اعتز وافتخر بالانتماء اليه.

 

 

قرأت مقالا للرفيق محمد هيبي في "ملحق الاتحاد" يوم الجمعة بتاريخ 4\10\2019 تحت عنوان "لا احد فوق النقد الموضوعي الهادف البناء"، قرأته بهدوء تام و برودة اعصاب حتى النهاية ولكن بكل اسف لم اجد اي صلة بين ما كتبه الرفيق وبين العنوان المذكور، بل عمليا وجدت تناقضا تاما بين عنوان المقال ومضمونه الذي استفزني الى اقصى الحدود. فقد تمادى كثيرا على عدد من الاشخاص وعلى الحزب وعلى جريدة "الاتحاد" واكثر ما استفزني وضايقني هذا الاسلوب الاستعلائي، خاصة وانه يحاول ان يظهر ان الجميع على خطأ وهو الوحيد الذي يمتلك الحقيقة والصواب، ان هذا الاسلوب الاستعلائي والجاف لا يمت بأي صلة الى النقد الموضوعي والبناء الذي يدعيه في عنوان مقاله هذا المذكور.

 الحقيقة انني شخص عادي لا املك القابا اكاديمية، "ويا دوب" انهيت الصف الثامن الابتدائي ولكن كانت لي مدرسة هامة  في الحياة اليومية وهي صحافة الحزب الشيوعي: الاتحاد والجديد و مجلة الغد للشباب. أنا قارئ عادي ولكن من تجربتي في الحياة العاصفة التي عشتها منذ نكبة شعبنا حتى اليوم استطيع ان اميز بين الموضوعي والبناء في النقد وبين النقد الهدام، كوني من قراء جريدة الاتحاد والصحف الحزبية وغير الحزبية من اوائل سنة 1950 عندما كان عمري لا يتعدى الثلاثة عشر عاما، وخلال كل هذه السنوات الطويلة لم اقرأ لاي ناقد من الذين عرفتهم مثل هذا الاسلوب.

لقد عرفت عددا من النقاد الموضوعين وكان في مقدمتهم طيب الذكر الرفيق اميل توما وفيما بعد تعرفت على قاد مثل بطرس دلة ونبيه القاسم ورياض كامل وابراهيم طه، واتمتع بقراءة نقدهم الهدف والهادئ والمسؤول في الوقت نفسه.

تربطني بالرفيق محمد هيبي علاقات رفاقية واحتراما متبادلا منذ عشرات السنين. ولكنني لا اتفق معه في اسلوبه هذا في النقد. لان مثل هذا الاسلوب لا يؤدي الى تصحيح الاخطاء التي يتحدث عنها بل عمليا يؤدي الى تعميم الاخطاء وحتى الى القطيعة في العلاقات الاجتماعية.

 هنا اريد ان اقتبس بعض المقاطع من مقال الرفيق محمد هيبي عندما يقول: "اليس ما فعله محمد علي طه في كتابه "نوم الغزلان" اخطر مما فعله قانون القومية وغيره من القوانين العنصرية الجائرة؟".. كيف يمكن لاي انسان عاقل ان يقبل بما يقول الرفيق محمد هيبي. من الممكن ان يكون الكاتب محمد علي طه قد اخطأ في طرح بعض المواقف ولا يوجد اي انسان معصوم عن الخطأ مهما كان مركزه. ولكن مثل هذه المقارنة هي الخطأ بحد ذاته. مثل هذا النقد لا يمكن له ان يصحح اخطاء بل في الواقع يهدم العلاقات الانسانية التي يجب ان نحافظ عليها بين بعضنا البعض. ويستطرد ويقول: "خسرت انا المعركة الاعلامية نعم خسرت ولكن الاعلام سقط". وَلـَوْ! ما هذه المبالغة التي تريدني انا القارئ العادي ان اقبلها؟ اليست هذه قمة العنجهية والذاتية المفرطة. كان من المفروض بالرفيق محمد هيبي عندما اكد انه خسر المعركة الاعلامية ان يستنتج استنتاجات اخرى ويعيد التفكير في اسلوبه النقدي غير المقبول هذا، ويخرج باستنتاجات ايجابية.

الرفيق محمد هيبي يتمادى بشكل فظ وغير مسؤول نتيجة لذاتيته المفرطة على "الاتحاد" وقيادة الحزب عندما يقول: "ولكن بعض القيمين على الاتحاد والمصيبة انهم يدعون الايمان بحرية الرأي والصحافة يكيلون بمكيالين واكثر حسب رأيي وينصبون انفسهم سلطة جائرة  للرقابة على التفكير الحر"، ويستمر في التمادي اكثر عندما يقول: "انهم يفعلون ذلك مقابل خدمات توفيقية فاشلة تمنع نشر غسيلنا القذر وتكنيس اوساخنا تحت البساط مقابل خدمات مدفوعة الثمن ماديا ومعنويا يقدمها للحزب"!

ما هذا التمادي غير المسبوق من قبل انسان يقول انه رفيق في الحزب على "الاتحاد" والحزب وقيادته. انني لم اقرأ في حياتي حتى من اعداء الحزب مثل هذا التمادي الظالم وغير المسبوق وغير المقبول ابدا من اي كان مهما حمل من شهادات او مراكز مهما كانت كبيرة. لان اي انسان منا مهما بلغت مراكزه  وتضحياته يبقى اصغر بكثير من الحزب و دوره التاريخي.

"الاتحاد" كانت وما زالت وستبقى منبرا متميزا للرأي الحر والمسؤول، لان "الاتحاد" ومنذ تأسيسها عملت بكل ثقة ومسؤولية على استيعاب جميع الاراء المسؤولة والمتوازنة المجندة وليس الاراء المنفرة التي تسيء للحزب ودوره التاريخي.

هناك عدد غير قليل من كتاب "الاتحاد" الذين رفضت ان تنشر بعض مقالاتهم ولكنهم لم يتمادوا لا على "الاتحاد" ولا على الحزب كما فعلت انت ايها الرفيق. وتستمر في تماديك و كأنك انت الوحيد الذي يملك الحقيقة. وتقول: "الحزب الشيوعي حزبي وجريدة الاتحاد جريدتي ولن انشر اي مادة في جريدة غيرها الا اذا قام رفاقي "بيض الله وجوههم بـ "تسويد" وجوه الحزب والجريدة ومحرريها. بمنع تلك المادة من النشر".

يا رفيق محمد ان وجه وأيدي الحزب والاتحاد كانت وما زالت بيضاء وستبقى بيضاء وليسا بحاجة لشهادة من احد مهما كان مركزه.

الحزب وقيادته كانوا وما زالوا مسؤولين امام جماهير شعبنا ويعملون بمثابرة واخلاص من اجل وحدة جماهير شعبنا للمحافظة عليها وتطورها وتقدمها، لانه بمثل هذه الوحدة الكفاحية يستطيعون مواجهة مثل هذه السلطة العنصرية الغاشمة.

 حزبنا حزب مسؤول يرفض العنجهية المبالغ فيها من أي كان ويعمل بمسؤولية تاريخية واجتماعية وانسانية من اجل المحافظة على جماهيرنا. ونتيجة لهذا الموقف اكتسب الحزب احترامه وجماهيريته بين صفوف شعبنا.

 الرفيق محمد هيبي تمادى ايضا على المركز الثقافي الارثوذكسي وعلى المسؤول فيه الاخ المحامي فؤاد نقارة. لماذا يجب ادخاله في معمعان نقاشك مع الاخرين واحراجه في مثل هذا؟ ان الاخ فؤاد هو المسؤول عن هذا النادي وعن ادارته واسلوب عمله الذي يراه مناسبا لمصلحة هذا النادي واهدافه الهامة واستمراريته وتطوره. في نقاشك هذا انت اسأت عمليا الى النادي والى الاخ فؤاد نقارة ايضا. هل هذه هي الموضوعية وهل مثل هذا النقد يعتبر بناء؟

يقول الرفيق في نهاية مقاله ."لا اقصد الاساءة لأي شخص او مؤسسة. هدفي الوحيد تصحيح الاخطاء"، فهل بمثل هذا الاسلوب يصحح الخطأ. اولا يجب ان تصلح خطأك انت قبل ان تصلح اخطاء الآخرين. انت في مقالك هذا اخطأت بحق الكثيرين وبشكل خاص أسأت الى الحزب باكمله والى صحيفة لها تاريخ عريق على مدى اكثر من 75 عاما. انت في هذا المقال تخطيت الكثير من الخطوط الحمراء في النقاش "ولم يمزط من شرّك احد".

 لقد أردت في هذه المداخلة الدفاع عن الاتحاد التي هي مدرستي وعن الحزب الذي انتمي اليه منذ اكثر من 65 عاما. وفي النهاية ادعو الرفيق محمد هيبي ان يجلس مع نفسه ويعيد التفكير في اسلوبه النقدي هذا، او ان يعتذر لكل الذين اساء اليهم وانا واحد منهم لانني عضو في هذا الحزب الذي اعتز وافتخر بالانتماء اليه.

 انا اعرف جيدا الرفيق محمد وربما سيرد علي في مقال "من قاع الدست"، لأن الذاتية المفرطة التي يتمتع بها تفرض ان يقوم بهذا. وانا اقول له بكل رفاقية واخلاص: ليس بهذا الاسلوب يمكن تصحيح الاخطاء. وليس بهذا الاسلوب يمكن ان نجند الجماهير الى جانب حزبنا وليس بهذا الاسلوب نبني ونطور حزبا يقود الجماهير الى بر الامان.

 لقد بني هذا الحزب بهدوء اعصاب ومسؤولية تاريخية لذلك لم تكن صدفة ان يستمر هذا الحزب اكثر من مئة عام على تأسيسه، لأن قيادته التاريخية عملت بشكل متواصل على ترسيخ وتعميم فكره التقدمي والانساني بين جماهير شعبنا، وهكذا سار على نفس الاسلوب من جاء بعدهم و هكذا تعمل القيادة الحالية لهذا الحزب العريق الذين اعتز وافتخر بهم. فهم يعملون في اقسى الظروف التي مرت على حزبنا وعلى جماهير شعبنا في هذه البلاد. فالحذر الحذر من التمادي على تاريخ مثل هذا الحزب التاريخي والمسؤول في وقت نفسه.

لقد قرأت اليوم على صفحة الفيسبوك للرفيق الكاتب والناقد محمد حسن مقولة صحيحة جدا: "فرق شاسع بين النقد والتقريع، النقد هادف والتقريع هدام" وهذا صحيح وعلى أساسه يجب ان نسير الى الامام.

(عرابة البطوف)

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب