news-details

سكان دير قديس: يسعون لتوريط قطوسة بالاغتصاب بكل سبيل

*عائلة المعتقل محمود قطوسة وأبناء قريته دير قديس يؤكدون براءته من مزاعم اغتصاب طفلة في مستوطنة موديعين عيليت *محاميه يرفض مبدئيا الدفاع عن متورطين باعتداءات جنسية، وقبل الملف بعدما قرأه وتأكد له براءة محمود من التهمة *تقرير للصحفية التقدمية عميرة هاس يلقي الضوء من داخل "دير قديس".

 قرية دير قديس، واحدة من القرى المنكوبة في منطقة رام الله، التي صودرت أرضيها ومحاطة بالمستوطنات، ظهرت في الأيام الأخيرة بكثافة في وسائل الإعلام، بعد أن اتهم الاحتلال ابن المدينة محمود قطوسة، باعتصاب طفلة (7 سنوات) في مستوطنة "موديعين عيليت"، ليتبين لاحقا أن لائحة الاتهام تم نسجها بأحقاد الاحتلال، فحتى المستوطنين الذين عرفوا قطوسة منذ سنوات، لا يصدقون. وبعد تقديم لائحة الاتهام ضده، اضطرت النيابة العسكرية الى سحب اللائحة لاستكمال التحقيق فيها، ولكن هذا سبقه حملة تحريض عنصرية قادها وزراء الاحتلال، وأولهم غلعاد اردان وأفيغدور ليبرمان.

محمود قطوسة، متزوج وله ثلاث بنات وولد، وهو في الأساس مدرس للغة الإنجليزية، وكان يعمل في مدارس وكالة غوث اللاجئين، حيث الرواتب الشحيحة. وكي يعيل بيته، اضطر للعمل في شركة نظافة في مستوطنة "موديعين عيليت"، فهو المسؤول عن تنظيم وترتيب عمل 80 عاملا، كما يبدو كلهم من العرب. ويعمل في تلك المستوطنة منذ خمس سنوات على الأقل.

الزوجة متأكدة من براءته

حينما تم اعتقال قطوسة في شهر نيسان الماضي، لم يعلم أحد سبب الاعتقال، وفقط لاحقا وبشكل تدريجي بدأ يعرف البعض سبب الاعتقال. الصحفية التقدمية عمير هاس، زارت بيت العائلة في قرية دير قديس، والتقت الزوجة نسرين، التي قالت، "لقد فوجئت. وخفت من أنه شعر بسوء وأخذوه الى المستشفى. قلت له أن يتحدث مباشرة. قال لي إن محمود اعتقل. هدأت في اللحظة التي فهمت فيها أن هذا اعتقال. لم أكن قلقة لأنه كان واضحا لي أن هناك خطأ ما سيتم توضيحه سريعا". ولكن احضاره لتمديد اعتقاله بصورة متواصلة أوضح لها بأن "هناك شيء ما غير طبيعي، وأن هناك مؤامرة ما ضده".

وقد تم استدعاء الزوجة نسرين للتحقيق معها في الشرطة في مركز حاجز مكابيم الموجود على اراضي قرية نعلين. "الشرطي سألني عن محمود وعن اولادنا، ولد وثلاث بنات، الصغيرة ابنة سبع سنوات"، قالت. "عندها سأل عن علاقتي مع زوجي وقلت إنه يوجد حب بيننا، تفاهم وثقة وكل شيء تمام". بعد بضعة ايام تم استدعاءها مرة اخرى الى الشرطة وفي هذه المرة اظهروا لها على شاشة الحاسوب صورة جوية لدير قديس وطلبوا منها الاشارة الى بيتها. "دهشت. إنهم يعرفون دير قديس، يعرفون كل البيوت. لماذا يريدونني؟"، قالت.

هذا كان في يوم الخميس في الاسبوع الثاني من شهر رمضان. كان مع نسرين تصريح من اجل الذهاب الى القدس للصلاة. وقالت "عندما خرجت من المسجد الاقصى اتصلوا معي من البيت وقالوا إن الشرطة جاءت الى البيت. سألوا ابني قصي عدة اسئلة عن والده وقاموا بتفتيش الشقة". وحسب اقوالها هم لم يقوموا بفحص جهاز الحاسوب ولم يصادروا أي شيء. "بالتدريج ظهر أنهم يتهمونه باحضار طفلة يهودية الى بيتنا". ثم اشارت الى البيوت القريبة من بيتها، وقالت "جميعنا نسكن بتجاور، الاخوة وابناء العمومة، البيت بجانب البيت. لا يمكن الدخول الى بيت بدون أن يعرف الجميع من دخل ومتى دخل. بعد ذلك تراجعوا عن هذا الاتهام".

وتضيف الزوجة نسرين، "بعد عشرين يوما تقريبا ادركنا بأنهم يحاولون اتهامه بكل سبيل"، وقد فهمت أن حياتهم لن تعود مثلما كانت في السابق. لقد رأت زوجها ثلاث مرات اثناء تمديد اعتقاله. "لقد حاولت الظهور بأنني قوية، بحيث لا يقلق. تواصلنا بالاساس من خلال النظرات، وتمكنا قول بضع كلمات فقط الواحد للآخر. أردت أن يعرف أنني أثق به وببراءته حتى لو أن كل العالم سيقول غير ذلك. ولكن عندما خرجت من القاعة بكيت. فقط مرة واحدة لم أتمالك نفسي وبكيت أمامه. أنا لا أخاف من أن يكون مذنب. أنا أعرف أنه غير مذنب. أنا أخاف على نفسية اولادي. هذه حرب نفسية ضدنا".

مدرّس اللغة الإنجليزية

 وكما ذكرن، فإن قطوسة هو أساسا معلم للغة الانجليزية في مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين في مخيم دير عمار للاجئين. وقبل سبع سنوات، بحث عن مصدر رزق آخر. عن طريق اصدقاء سمع عن اعمال تنظيف في المستوطنة. وبدون رضى زوجته، المعلمة في مدرسة حكومية، ترك التعليم وانتقل لوظيفته الحالية.

وقالت نسرين "كانمم محمود يذهب الى العمل عادة في الساعة السابعة أو الثامنة صباحا ويعود في الساعة السابعة والنصف مساء. وعندما كان يعود لم يكن يتوقف عن العمل. فقد كان يعمل على توزيع العمال وتوجيههم لليوم التالي. وكان يتحدث مع صاحب شركة التنظيف حول الاغراض التي يجب احضارها.

ويحظر على الفلسطينيين الدخول الى المستوطنات بسياراتهم. هم يقومون بوضعها في طرف القرية مثلما فعل قطوسة. ويدخلون الى المستوطنة إما سيرا على الاقدام وإما في سيارات نقل. ويقول أحد العمال للصحفية هاس، "الى أي سيارة كان يمكنه جر الطفلة"، حسب مزاعم الاحتلال في لائحة الاتهام.

تأهب القرية ضد العنصريين

وتقول هاس، إنه  منذ يوم الاثنين الماضي والقرية توجد في حالة تأهب بسبب تحريض اوساط من اليمين. في صفحة الفيس بوك لدير قديس تمت دعوة السكان الى الحذر عند اقترابهم من اطراف القرية والحرص على أن لا يبقى الاولاد خارج البيت في الليل. مؤيدو حركة "لاهافاه" الإرهابية دعوا الى التظاهر قرب منزل قطوسة. وكرد على ذلك انتظمت مجموعة من سكان دير قديس وقرى اخرى في المنطقة، الذين وقفوا على المدخل الغربي للقرية مستعدين لصد أي اقتحام أو هجوم.

وكان فارس ناصر، رئيس المجلس المحلي حتى العام 2017، من بين المتظاهرين الذين وقفوا على مدخل القرية الغربي. وقد تقدم نحو الجنود في المكان وطلب منهم عدم الذهاب، طالما أنه لم يتم ابعاد محرضي اليمين ولم يتم تلاشي خطر دخولهم الى القرية. الجنود تصرفوا بشكل صحيح وقاموا بابعاد المحرضين نحو الحاجز.

 وتقول هاس، في القرية بدأوا يفهمون سبب الاتهامات الشديدة بعد اسبوع من عملية الاعتقال، قال ناصر. "جميعنا متفقين على أن هذه جريمة يجب العقاب عليها بشدة. ولكن فقط اذا كان هناك دلائل"، قال. وسائل الاعلام في رام الله لم تتحدث عن لائحة الاتهام. ولكن في الشركات الاجتماعية الفلسطينية كان هناك من قاموا بادانة قطوسة. "شخص ما كتب بأنه يجب اعدامه"، قال ناصر. "كتبت واوضحت له بأنه قبل أي شيء يجب علينا أن نكون ضد الاعدام مبدئيا، لكنني اوضحت له بأن الاتهامات لا اساس من الصحة لها". زوجة قطوسة قالت إن طلابه السابقين "تجندوا لصد الاتهامات ضده في الشبكات الاجتماعية الفلسطينية".

المحامي درويش

المحامي درويش الناشف تردد في البداية، وقد قال في مكالمة هاتفية، مع هاس، إنه يمتنع عن الدفاع في مخالفات جنسية. وأضاف،"ولكني جلست وقرأت الملف في مساء يوم الاثنين، وبعد اربع صفحات اتصلت مع إبنه وقلت له: والدك لم يفعل أي شيء".

وتحدث الناشف مع موكله مرتين، مرة في المعتقل ومرة في النقاش في يوم الاربعاء. وقال الناشف "عندما رأيته في المرة الاولى بدا مذعورا بشأن امكانية اتهامه بشيء كهذا. ولكن في المحاكمة تشجع بفضل ما تم نشره عن الاخفاق في التحقيق، الذي أثر ايضا على تعامل المعتقلين والسجانين معه".

ويقول الناشف إن في الملف "توجد فيه أدلة تبرئ، في حين أن وحدة التحقيق تجاهلتها لأنه كان من المريح جدا لروايتها أن شاب عربي يعمل في مدرسة قام باغتصاب طفلة متدينة تبلغ السابعة من عمرها. هذه هي القصة التي يريدون سماعها".

 وحسب هاس، عندما خرج الناشف في مساء يوم الاربعاء من قاعة المحكمة كان متفائلا. ولكن في اليوم التالي قال "لقد استيقظت وعرفت أن هذه كانت نشوة لا مبرر لها. لأنه مع كل الاخفاقات والمعطيات المتناقضة التي طرحت في المحاكمة، محمود قطوسة ما زال في المعتقل".

أخبار ذات صلة