شاركت حشود غفيرة، في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء، في الوداع الأخيرة وجنازة الفنان الوطني التقدمي، محمد بكري، الذي رحل عنا أمس، عن عمر ناهز 72 عاما، تاركا خلفه إرثا فنيا غنيا، على المسرح وفي السينما، وفي الثقافة الفلسطينية والعالمية، ستحفظها الأجيال، وقد تم لف النعش بعلم فلسطين. وتوافدت على قرية البعثة جماهير كبيرة من مختلف مناطق البلاد، من شخصيات سياسية، وناشطين، وخاصة من جمهور الفن والثقافة، ومن زملاء الراحل أبو صالح، في مسيرته الفنية الطويلة. وقد ألقيت كلمات من العديد، في قاعة العزاء قبل الجنازة، قبل التوجه إلى المقبرة القديمة في القرية. وقبيل مراسم الدفن، ألقى القائد الوطني والجبهوي محمد بركة، كلمة تأبينية قال فيها، إننا نودع بألم ابنا بارا لشعبنا الفلسطيني، من أخلص أبنائه وأروع أبنائه، الذين سلّوا سلاح الثقافة والفن من أجل التحيّز لقضية فلسطين وشعبها، محمد بكري هو أسم علم منقوش من ذهب، في سجل المجد الذي سطّره شعبنا الفلسطيني على مدى التاريخ، محمد بكري، هو ابن عائلته، وهو أبو أبنائه، وهو ابن البعنة، لكنه أولا وأخيرا ابن فلسطين، ولذلك فلسطين كلها مفجوعة اليوم برحيله، وبهذا الوداع المهيب. وتابع بركة قائلا، قرأت اليوم في أحد المواقع العبرية، لأحد أصدقاء الراحل أبو صالح، نعيا للمخرج أوري باراباش، الذي أخرج فيلم "من وراء القضبان"، الذي نال محمد بكري جوائز رفيعة على أدائه فيه، إذ قال لو أن محمد بكري لم يُصر على البقاء في مسقط رأسه البعنة، لكان أحد نجوم الصف الأول في السينما العالمية. وأضاف بركة، أن محمد بكري تمتع بموهبة نادرة، وبروح نادرة من الإخلاص، فقد تعرّض للملاحقة من قبل الدوائر الصهيونية، التي حوّلت كلمة الحق في فيلم جنين جنين، إلى سبب للملاحقات على مدى 20 عاما، وأكثر، والآن قررت المحكمة العليا حظر نشر هذا الفيلم. فمن سيبقى بعد هذا القرار: قرار المحكمة العليا، أم اسم محمد بكري وفيلمه؟ وواضح أن اسم محمد بكري بفنه وحضوره وقامته، هو الباقي في ضمائر ووجدان الناس، وهو الباقي في سجل الفن الملتزم والتقدمي. وتابع، محمد بكري، هو بمثابة أخ وصديق لي، منذ أكثر من 45 عاما، منذ أن تزاملنا في الجامعة، وهو أخ لرفاقه من القوى التقدمية، ولرفاقه في الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية، وكان مخلصا أولا وأخيرا لشعبه الفلسطيني ولقضيته العادلة.