توفي ثلاثة أطفال جراء الإنفلونزا خلال أيام قليلة، فيما نُقل رُضَّع إلى أجهزة الإكمو، وأقسام الطوارئ والباطنية تعلن عن نسب إشغال غير مسبوقة. في صناديق المرضى سُجّلت زيادة طفيفة في الإقبال على التطعيم، إلا أن نسبة المتلقّين للقاح ما تزال متدنية جداً بدأ الشتاء بمأساة، وهذه مجرد البداية، حيث تم تسجيل، ثلاثة حالات وفاة لأطفال خلال أسبوع، كما تشهد المستشفيات ضغطا هائلت، وكثرة التوجّه إلى أطباء العائلة والأطفال في صناديق المرضى خوفاً من الإنفلونزا التي تضرب هذا العام بقوة غير معهودة. ماذا حدث في تفشي هذا الموسم؟ ما مدى فعالية لقاحات الإنفلونزا؟ وما الفرق بين الإنفلونزا والكورونا؟ إليكم جميع الإجابات عن الأسئلة الملحة، وفقا لتقرير نشره موقع "معاريف". هل التفشي هذا العام فعلاً غير اعتيادي؟ تشير معطيات صناديق المرضى والمستشفيات إلى أن موسم الإنفلونزا بدأ مبكراً، وأن سلالة A — الأكثر شراسة بين فيروسات الإنفلونزا الأربعة — ربما تكون أكثر عدوى من السنوات الماضية، لكنها ليست بالضرورة أشد فتكاً. نحن أمام شتاء يُظهر أنماطاً شبيهة بالمواسم الصعبة في نصف الكرة الجنوبي، حيث أُبلِغ هناك عن مئات آلاف الإصابات وعدد كبير من حالات الاستشفاء. هل الأطفال أكثر عرضة للخطر؟ قد تكون الإنفلونزا خطيرة في كل الأعمار، لكن الأطفال الصغار حساسون بشكل خاص للمضاعفات. في إسرائيل يُنقَل حالياً رُضَّع وأطفال صغار إلى العناية المركزة، بعضهم على أجهزة التنفس الاصطناعي أو الإكمو. هذا النمط معروف أيضاً في دول أخرى. ترتفع الخطورة لدى الأطفال المصابين بأمراض مزمنة، إلا أن الأطفال الأصحّاء قد يعانون أيضاً من تدهور سريع. ضعف الجهاز المناعي في سن صغيرة، إضافة إلى قلّة تعرض بعض الأطفال للفيروسات في السنوات الأخيرة، يزيد حساسيتهم للمرض. إلى جانب الأطفال، تُعد الحوامل، والمسنّون، ومرضى الأمراض المزمنة ضمن الفئات الأكثر عرضة للخطر. كيف يُعالَج مرض الإنفلونزا؟ في معظم الحالات يمكن علاج المرض في المنزل عبر الراحة، الإكثار من السوائل، وأدوية خفض الحرارة وتخفيف الآلام. في بعض الأحيان يُعطى علاج مضاد للفيروسات مخصّص للإنفلونزا، خصوصاً للفئات المعرضة للخطر، مثل دواء تاميفلو الذي أصبح متاحاً هذا العام للشراء فقط بشكل خاص. هذا الدواء فعّال فقط إذا جرى تناوله في الأيام الأولى للمرض. في الحالات التي تتطور فيها مضاعفات مثل ضيق التنفس، انخفاض تشبع الأكسجين أو إرهاق شديد، يحتاج المريض إلى علاج في المستشفى، بما في ذلك دعم تنفسي وقد يصل الأمر أحياناً إلى استخدام تقنيات أكثر تعقيداً مثل الإكمو. هل يمكن للإنفلونزا أن تؤدي إلى الوفاة؟ نعم. رغم أن المرض غالباً يمر دون مضاعفات، فإنه قد يكون خطيراً بل وقاتلاً. ففي الأسبوع الأخير فقط توفي ثلاثة أطفال بعد إصابتهم بالإنفلونزا، اثنان منهم لم يتلقوا اللقاح. هذه المعطيات تتطابق مع أنماط معروفة في دول غربية أخرى، حيث تُسجَّل سنوياً حالات وفاة بين الأطفال والبالغين بسبب إنفلونزا شديدة. لماذا يزداد عدد الحالات الخطيرة الآن؟ كان متوقعاً أن يكون موسم الإنفلونزا هذا العام صعباً، وذلك بالاستناد إلى البيانات القادمة من أستراليا ونيوزيلندا. نسبة التطعيم في بداية الموسم كانت منخفضة، ما جعل الكثيرين يدخلون الشتاء دون حماية كافية. الأطفال هم الأكثر تضرراً—بسبب جهاز مناعة غير ناضج وقلة تعرضهم للفيروسات مؤخراً. الأعراض المستمرة في المنزل، مثل الحمى المرتفعة وضيق التنفس، تؤدي أحياناً إلى تأخر التوجّه إلى المستشفى، وعندها قد يكون التدهور قد بدأ بالفعل. إضافة إلى ذلك، يبدو أن سلالة A هذا العام أكثر قدرة على العدوى من ذي قبل. ما مدى فعالية لقاح الإنفلونزا؟ لقاح الإنفلونزا لا يمنع جميع الإصابات، لكنه يقلل بشكل كبير من خطر المرض الشديد، والاستشفاء، والوفاة. تختلف فعاليته من سنة لأخرى وفقاً للسلالات المنتشرة، لكن حتى في السنوات التي تكون فيها المطابقة جزئية فقط، يمنح اللقاح حماية متقاطعة تقلل من شدة المرض وخطر المضاعفات. معدل الحماية من العدوى يبلغ نحو 50–60%، بينما تبلغ الحماية من المضاعفات الخطيرة 80–90%. هل يمكن لضغط المستشفيات أن يمس بجودة العلاج؟ إن نسب الإشغال المرتفعة تؤدي إلى تأخير الفحوصات وتلقي العلاج، إلا أن وحدات الطوارئ مُعدّة لتحديد الحالات الخطرة بشكل سريع. عند ظهور علامات مقلقة—مثل ضيق التنفس، إرهاق غير معتاد، ارتباك أو انخفاض مستوى الوعي، يجب التوجّه للعلاج دون تأخير. أما الحالات الخفيفة فيمكن مراجعتها لدى مراكز الطب العاجل أو طبيب العائلة لتجنب ازدحام الطوارئ. ما الفرق بين الإنفلونزا والكورونا؟ كلاهما مرضان تنفسيان ناتجان عن فيروسات مختلفة. الإنفلونزا يسببها فيروس الإنفلونزا من نوع A أو B، بينما الكورونا يسببها فيروس SARS-CoV-2. الأعراض متشابهة إلى حد كبير، مثل الحمى، السعال والإرهاق. فقدان حاستي الشم والتذوق كان شائعاً في موجات الكورونا الماضية، لكن التشخيص الدقيق يتم فقط عبر الفحوصات المخبرية. الاختلاف الأبرز هو مرض "لونغ كوفيد"، وهو حالة ممتدة بعد الإصابة بالكورونا، قد تشمل عشرات الأعراض مثل الإرهاق، ضعف الذاكرة، صعوبات التنفس، وفقدان الشم أو التذوق. ما الفرق بين اللقاح العادي واللقاح المعزز لكبار السن؟ اللقاح العادي مخصص للأطفال والبالغين الأصحّاء، ويعتمد على أربعة أنواع من فيروس الإنفلونزا. هناك أيضاً إمكانية لتلقي لقاح رذاذ الأنف للأطفال. أما كبار السن، فيُعرض عليهم لقاح بجرعة معززة تحدث استجابة مناعية أقوى، وهو مناسب لجهاز المناعة الضعيف في العمر المتقدم. تظهر الدراسات أن هذا اللقاح يقلل بشكل كبير من خطر الاستشفاء والوفاة لدى كبار السن.