كشف بحث جديد صادر عن مؤسسة شوريش للبحوث الاقتصادية–الاجتماعية أنّ المجتمع العربي في إسرائيل يدخل سنّ الشيخوخة وهو يواجه فجوات واسعة للغاية في مجالي التشغيل والدخل. فعلى الرغم من الارتفاع في معدلات التشغيل لدى من هم في سنّ 65 عامًا فما فوق في عموم السكان، تُظهر النتائج أنّ الرجال والنساء العرب يظلون متأخرين بفارق كبير — مع اندماج منخفض في سوق العمل ودخول متدنية بشكل ملحوظ مقارنة باليهود. وقد أُجري البحث على يد البروفيسور إيال كيمحي وتومر زيدنر، ويستند إلى تحليل معطيات دائرة الإحصاء المركزية ومنظمة OECD. نعيش أكثر - ولكن ليس بالضرورة على نحو أفضل يفيد بحث مؤسسة شوريش بأن متوسط العمر المتوقع في إسرائيل يُعدّ من الأعلى بين دول الـOECD — إذ يبلغ 85.7 عامًا لدى النساء و81.7 عامًا لدى الرجال. غير أنّ امتداد سنوات الحياة يسلّط الضوء على تحدٍّ اقتصادي متزايد: فالإسرائيليون يعيشون فترات أطول بعد سنّ التقاعد، لكن كثيرين منهم — ومن بينهم نسبة كبيرة من العرب — لا ينجحون في الحفاظ على مستوى معيشة لائق خلال هذه السنوات. ارتفاع في معدلات التشغيل - ولكن ليس لدى الجميع يشير بحث كيمحي وزيدنر إلى أنّ معدلات التشغيل لمن هم فوق 65 عامًا في إسرائيل ارتفعت خلال العقد الأخير بشكل واضح (من نحو 15% إلى نحو 30% بين الرجال، ومن 5% إلى 15% بين النساء)، وبوتيرة أسرع من الارتفاع المسجّل في دول الـOECD. إلا أنّ هذا الارتفاع لا يعكس تحسّنًا عامًا، بل يخفي وراءه فجوات متّسعة بين مجموعات سكانية مختلفة، وبشكل خاص بين اليهود والعرب. ازدياد التشغيل لدى الرجال اليهود - فيما يبقى العرب والنساء متأخرين يوضح البحث أنّ الفئة التي تستفيد أكثر من فرص العمل في سنّ الشيخوخة هي الرجال اليهود، إذ يعمل نحو 35% منهم في هذا العمر. أمّا الرجال العرب، فيندمجون بدرجة أقل بكثير، ولا تتجاوز نسبة تشغيلهم 20%. وتُظهر المعطيات فجوات أكبر لدى النساء: فالنساء العربيات فوق سنّ 65 بالكاد يندمجن في سوق العمل منذ عقدين، إذ لا تتجاوز نسبتهن 1%–3% فقط، بينما تصل نسبة تشغيل النساء اليهوديات إلى نحو 20%. من يعمل - لا يعمل بالضرورة بدوام كامل إلى جانب مسألة التشغيل بحد ذاتها، فإن حجم العمل يؤثر مباشرة في الوضع الاقتصادي لكبار السن. وقد سُجّل في إسرائيل ارتفاع كبير في نسبة من هم فوق 65 عامًا العاملين بدوام كامل، خلافًا للاتجاه العام في دول الـOECD. يعمل نحو 70% من الرجال كبار السن في إسرائيل بدوام كامل، بينما تبلغ النسبة لدى النساء حوالي 40% فقط. ويشكّل هذا الفارق عبئًا إضافيًا على النساء العربيات اللواتي يعملن - إن عملن - في وظائف جزئية غالبًا، مما يؤدي إلى دخل أقل وتقاعد محدود. الفجوات التعليمية في المجتمع العربي تتحول إلى محرّك أساسي لعدم المساواة في الشيخوخة يكشف بحث البروفيسور كيمحي وزيدنر عن فجوة واسعة بين ذوي التعليم العالي وذوي التعليم المنخفض: الرجال الذين لديهم 13 سنة دراسية فأكثر تصل نسبة تشغيلهم بعد سنّ 65 إلى أكثر من 40%، بينما لا تتجاوز نسبة تشغيل أصحاب التعليم الابتدائي 20%. وتُسجّل فجوات مشابهة لدى النساء - وتكون أكثر حدّة في المجتمع العربي، حيث ما تزال مستويات التحصيل العلمي العالية أقل انتشارًا. الدخل: النساء اللواتي يعشن بمفردهن يبقين في الخلف — والضرر أكبر في المجتمع العربي تنعكس فجوات التشغيل والتعليم مباشرة في فجوات الدخل. فدخل الأزواج من سنّ 65 عامًا فأكثر ارتفع إلى أكثر من 9,000 شيكل للفرد الموحّد، بينما يبقى الأفراد - وخاصة النساء اللواتي يعشن بمفردهن - متأخرين بفارق كبير: إذ يحصل الرجال الذين يعيشون بمفردهم على نحو 8,000 شيكل، بينما لا تتجاوز النساء اللواتي يعشن بمفردهن 7,000 شيكل. وتتفاقم هذه الفجوة لدى المجتمع العربي، حيث تكون معدلات التشغيل أقل ومستويات الدخل في مراحل الحياة المبكرة أخفض، مما يجعل الضربة الاقتصادية في سنّ الشيخوخة أشد وأعمق. البروفيسور إيال كيمحي، نائب رئيس مؤسسة شوريش: "تشير النتائج بوضوح إلى أنّ المجتمع العربي - وخاصة النساء - يدخل سنّ الشيخوخة وهو في موقع ضعف كبير. فهذه الفجوات لا تتكوّن في سنّ الشيخوخة، بل تتراكم على مدى الحياة، وخصوصًا نتيجة الفجوات في التعليم، والعمل، والدخل. ولتقليص هذه الفجوات، يجب تعزيز أنظمة التعليم، والتشغيل، والادخار التقاعدي في مراحل أبكر بكثير. وإن لم نتحرك اليوم، فإن الفجوات ستتوسع أكثر لدى الجيل القادم."