ترافع مركز عدالة الحقوقي، اليوم الإثنين، أمام المحكمة العليا، في الالتماس المقدّم ضد القانون الذي يمنح المدير العام لوزارة التعليم صلاحية فصل العاملين في سلك التعليم بإجراء إداري، استنادًا إلى مزاعم "دعم الإرهاب". وعُقدت الجلسة أمام هيئة قضائية مكونة من ثلاثة قضاة ضمّت رئيس المحكمة القاضي يتسحاك عميت، والقاضية غيلا كنفي-شتاينيتس، والقاضي عوفر غروسكبوف. وخلال الجلسة، ترافعت المحامية سلام إرشيد، مؤكدة أن للقانون أثرًا عمليًا وفوريًا يمسّ بحرية التعبير عن الرأي، ويُحدث ضررًا واسعًا من خلال دفع المعلمين والمعلمات إلى الامتناع عن التعبير عن مواقفهم السياسية، خوفًا من الفصل والتحريض والمساس بمصدر رزقهم، فضلًا عن الإضرار بالمؤسسة التعليمية ذاتها. وشدّد طاقم الدفاع على أن الضرر لا يقتصر على حرية التعبير، بل يمتد إلى الحق في العمل والحق في التعليم، ويمسّ بجوهر العملية التربوية. وأوضحت المرافعة أن القانون يقوم على معايير فضفاضة وغامضة، ويمنح صلاحيات واسعة لجهات سياسية داخل وزارة التعليم، دون تعريف مهني أو قانوني واضح لمفاهيم مثل "الدعم" أو "التماهي"، ودون أي فصل بين الصلاحيات التنفيذية والرقابة القضائية. وأكد أن هذه الصياغة تجعل من القانون أداة محتملة لإسكات أي رأي خارج عن الإجماع السياسي الإسرائيلي السائد، لا سيّما في صفوف المعلمين الفلسطينيين في الداخل، الذين يتعرضون أصلًا لملاحقات وعقوبات بموجب تشريعات وسياسات أخرى. وتطرق الدفاع أيضًا إلى أن ادعاء الدولة بأن الالتماس قُدّم قبل أوانه، بحجة أن القانون لم يُطبق بعد، أو لأن بعض بنوده، ولا سيما ما يتعلق بسحب الميزانيات، لم تصدر بشأنها مجموعة أنظمة واضحة حتى الآن، حيث رد بأن هذا الادعاء غير واقعي، إذ إن المس بالحقوق الأساسية قائم منذ لحظة سنّ القانون نفسه، ويكمن في أثره الذي يُرهب ويقيد التعبير الحر. خلال المرافعة، طرحت المحكمة أسئلة قانونية مبدئية حول مدى تناسب القانون، وحول ما إذا كان يتعين التدخل القضائي لمنع دخوله حيز التنفيذ، في ضوء حجم الضرر المتوقع. كما تساءلت المحكمة عن الضغوط التي قد يفرضها القانون على إدارات المدارس لمراقبة الحياة الخاصة للعاملين فيها، وعن إمكانية فرض عقوبات إدارية جسيمة على خلفية تعبير سياسي أو مشاركة في مظاهرة، دون أي إجراء جنائي. وفي ختام الجلسة، شدد طاقم عدالة على عدم قانونية هذا القانون وضرورة ابطاله، مشددًا على أن القانون يشكّل أداة قمع وردع للممارسة المشروعة للحقوق الأساسية، ويحول جهاز التعليم إلى ساحة ضبط سياسي، على حساب المعلمين والطلاب وحقهم في تعليم حر ونقاش تربوي مفتوح. وانتهت الجلسة دون اصدار أي قرار بخصوص الالتماس. علقت المحامية سلام إرشيد قائلة: "تُثبت التجربة خلال العامين الأخيرين، التي شهدت ملاحقات عديدة وفصل لعاملين وطلاب على خلفية منشورات وتعابير مشروعة، على خطورة هذه الصلاحيات وبالذات حين تُضع في ايدي جهات مُسيسة. لذلك يعمق هذا القانون الرقابة الذاتية وقمع التعبير عن الرأي، خاصةً لدى المعلمين الفلسطينيين والذي يستهدفهم هذا القانون بشكل خاص. سنواصل العمل ضد قانونية القانون، وخصوصًا أن المحكمة قد لاحظت بأن الدولة لم تستطع تقديم أي ادعاء قد يعطي شرعية للقانون." جدير بالذكر أن القانون، الذي أُقرّ في الكنيست في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، يتيح للمدير العام للوزارة إصدار أوامر بفصل معلمين ومعلمات، أو تعليق عملهم، أو سحب تراخيص مزاولة مهنة التعليم منهم، إذا اقتنع بأنّ عامل التعليم أبدى تعاطفًا مع عمل إرهابي أو مع منظمة إرهابية أو عبّر عن دعم لهما. كما يمنح القانون وزير التعليم صلاحية سحب الميزانيات من مؤسسات تعليمية "إذا ثبت، حسب قناعته، أنّ في المؤسسة مظاهر تعاطف مع عمل إرهابي أو مع منظمة إرهابية أو دعم لهما، وكانت إدارة المؤسسة تعلم بوجودها أو كان ينبغي أن تعلم".