news-details

الدّنيا بخير،ان شاء الله، يا جمال!

سجين في منزلي منذ أسابيع، ولا أدري الى متى! ومثلي مئات الملايين من النّاس في شتّى البلدان والقارّات، ولا تهمة لنا جميعًا سوى أنّنا بشر.

أتساءل أحيانًا: كيف حدث هذا الأمر الرّهيب بعد أن حقّق الانسان في العقود الأخيرة المنجزات العلميّة الباهرة في الطّب والكيمياء والفيزياء والصّيدلة وغيرها، ومشى على سطح القمر واخترع عقلًا يفوق عقله، ولماذا صرف الانسان الملياردات الكثيرة على التسلّح ولم يفطن علماؤه وقادته وحكماؤه الى اختراع مصل أو دواء لفيروس صغير جدًّا؟

وأطمئن نفسي أحيانًا بأنّ البشريّة عرفت أوبئة عديدة، أودت بحياة الملايين من النّاس. كان آخرها قبل قرن تقريبًا، ولكنّنا اليوم نعيش في ظروف أفضل بكثير من السّابقة، فالنّظافة اليوم أحسن من تلك السّنين، والطّب أرقى كثيرًا، والمختبرات العلميّة أفضل بآلاف المرّات، والانسان أكثر وعيًا.. ولن يحدث للبشريّة اليوم مثلما حدث لها من قبل.

أصبحت عبدًا للتلفاز والمذياع وشبكات التّواصل الاجتماعيّ. أسمع وأشاهد وأقرأ أخبارًا مقلقة مرعبة عن الكورونا وأخبارًا أخرى فيها أمل وفيها شعاع.

حاولت أن أشغل نفسي بالكتابة كما أشار عليّ حفيدي الغالي محمّد ولكنّ الكتابة الإبداعيّة تحتاج الى هدوء نفسيّ وعلى الرّغم من ذلك حاولت فكتبت عدّة صفحات ولم أحاول ثانيّة إلّا أنّني مصّمم على كتابة "يوميّات الكورونا" وأسأل الله تعالى أن يساعدني على ذلك.

أخرج من المنزل يوميًّا الى فنائه الخالي من النّاس وألّف وأدور لمدّة نصف ساعة أو أكثر قليلًا، مثل فرس معصرّة الزّيت ثمّ أشغل نفسي بحديقة البيت الّتي زرعت بها ام عليّ الخسّ والنّعنع والبصل والزّعتر والفجل فأختار ما أشاء لطعامنا.

يهاتفني أحفادي وفقّهم الله من البلدة ومن عكّا وطمرة وشفاعمرو وعبلين والنّاعورة واربد وبخارست فأفرح وأنا أسمع أصواتهم الحلوة وأشاهد وجوههم الجميلة على شاشة الجوّال.

ومن الطّبيعيّ أن يطمئن أبنائي وبناتي حفظهم الله عليّ يوميًّا: هل ينقصكم شيء ما؟

لي أصدقاء أوفياء يتصّلون بي هاتفيًّا كي يطمئّنوا علي ونتحدّث عن الأوضاع وعن سقوط الجنرال غانتس وسرقته لأصوات الشّعب وأمل التغيير، ومن هؤلاء الأصدقاء النّائب أيمن عودة ود.زياد عمرو وأبو يافع وب.مصطفى كبها و د. نبيه القاسم 

وأ. يحيى يخلف و د. رياض كامل وب. رياض إغباريّة و

ب. نسيم كلدرون والشّيخ محمّد رمال وسعيد رابي وماجد صعابنة وعودة بشارات وأحمد شقير وآخرين.

أحاديثهم تطرد القلق وتخفّف من الحصار.

في مساء يوم الجّمعة 27 آذار اتصّل بي صديقي د. جمال زيدان ليطمئن عليّ وقال لي قد تفرض الحكومة إغلاقًا تامًّا في البلاد فاذا حدث نقص في دوائك أو دواء ام عليّ فاتصّل بي كي أحضره لك وأضعه عند باب البيت.

  • أتأتي من بيت جن يا أبا محمّد؟

  • طبعًا سآتي.

قلت في نفسي: الدّنيا بخير. الدّنيا مليئة بالخير ان شاء الله. وفي صباح الغدّ سمعت تغريد العندليب على شجرة الليمون. فنهضت وفتحت الباب فرحّبت بي أشعة الشّمس الذهبيّة وعبير الليمونة الذّي يتضوّع مع نسيم الصّباح.

أتمنى لكم السّلامة والصّحة والخير.

وأسأل الله تعالى أن يحمينا جميعًا من هذا الوباء.

أخبار ذات صلة