news-details

كيان – تنظيم نسوي تعرض بحثها المعمق حول قتل النساء العربيات

عقدت جمعية كيان – تنظيم نسوي مؤتمرًا صحافيًا، اليوم الإثنين، عرضت فيه بحثها المعمق حول قتل النساء العربيات بعنوان "قتل النساء: ظلامية المشهد وآفاق المقاومة"، سلطت فيه الضوء على جرائم قتل النساء الفلسطينيات، واستعرضت آفاق الحل وتحليل هذه الجرائم من وجهة نظر نسوية ومجتمعية. وشاركت فيه كل من، رفاه عنبتاوي مديرة كيان، رندة سنيورة مديرة مركز المرأة للارشاد القانوني في الضفة الغربية، عبير بكر محامية ومستشارة قانونية لكيان، منى محاجنة باحثة ومديرة قسم العمل الجماهيري في كيان وأماني إبراهيم مساعدة البحث الميداني.
وافتتحت عضوة إدارة جمعية كيان، الصحافية والناشطة، روزين عودة المؤتمر الصحافي مرحبة بالحضور، ومؤكدة على أهمية البحث خاصة كونه الأول من نوعه في البلاد ومفصليًا في التعامل مع ظاهرة قتل النساء بشكل خاص والعنف ضد النساء بشكل عام.
وتابعت: "نأمل أن يشكّل هذا التقرير قفزة نوعية لفهم الجوانب الهامّة المتعلقة بقتل النساء من أجل معالجة هذه الظاهرة التي تُوْدي بحياة الكثير من النساء في مجتمعنا لا لشيء إلّا لكونهنّ نساء، ونحن في "كيان" ندعو كافّة المؤسّسات المعنيّة إلى تطوير هذه الجوانب والتركيز عليها أملًا في تحقيق بعض من التوصيات".
ومن ثم، عرضت الباحثة المشاركة منى محاجنة قتل النساء من منظور عائلات الضحايا، وهو أحد محاور البحث الأساسية التي قامت بها برفقة الباحثة المشاركة د. رباب طميش، خلفية البحث المذكور، الذي يشكل حالة خاصة بسبب قلة الأبحاث في العالم العربي التي تتناول الظاهرة من منظور عائلات الضحايا والمقربين منهن، والتي تساهم في فهم البنى السياسية والمجتمعية والاقتصادية، والتي يمكن ان تؤدي للحد من انتشار الظاهرة أو التستر عليها.
واستعرضت مراحل البحث المختلفة بدءًا من تدريب الباحثات الميدانيات وإجراء 22 مقابلة مع عائلات ومقربين من 14 ضحية من الضحايا اللواتي قتلن خلال الخمس سنوات الماضية. وكذلك استعراض دور المجتمع، الإعلام، الشرطة والمؤسسات الرسمية كمكاتب الشؤون الاجتماعية، وهل ساهم في تعزيز الظاهرة أم الحد منها.
وعرضت محاجنة كذلك أهم الاقتباسات الواردة من البحث والمقابلات مع العائلات، ونوع العلاقة التي جمعت الضحايا بمحيطهن ودائرتهن القريبة، وكذلك نوع العلاقة التي ربط الضحية بالجاني أو الجناة، وحالات الإنكار التي سبقت الجرائم. وكذلك التعاطف المصحوب بالشك وتناقل الأقوال من قبل المجتمع من جهة، ونخبوية المجتمع المدني وغيابه عن الساحة من جهة أخرى.
وقالت رندة سنيورة المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي في رام الله  إن "العنف ضدّ المرأة لا زال يشكّل دوماً مظهرَ هيمنةٍ في مختلف المجتمعات، مهما كانت معتقداتها وثقافتها، وانعكس على دورها في مستويات عدّة، وتُعدُّ ممارستها خرقاً واضحاً لشتّى أحكام قانون حقوق الإنسان الدّوليّ من قبل الحقّ في عدم التعرُّض لسوء المعاملة، والحقّ في الأمان على الشخص. ويكون مصدر هذا العنف الأسرة وكذلك المجتمع، كما قد تنتهجه السّلطة الرّسمية، أو الهيئات الخاصّة، وقد تخضع له المرأة الراشدة وكذلك الطفلة، والمرأة الريفيّة، كما تتعرّض العاملات المهاجرات بدورهن إلى أفعال العنف بسبب وضعيّتهن، إضافةً إلى النساء المحتجزات وذوات الإعاقة".
وأشارت سنيورة إلى أن المركز تعرض لحملات انتقاد واسعة وهجمات شرسة بسبب دوره في الرصد والتوثيق ولأنه بات مرجعًا للكثير من المؤسسات الرسمية ووسائل الإعلام في كل ما يتعلق بالعنف ضد النساء في الضفة الغربية. ولفتت إلى أن معظم الاتهامات ادعت تضخيم الأرقام وأعداد الضحايا من قبل المركز لأن هناك مؤسسات رسمية تقدم معطيات وأرقام أخرى.
 
وتطرقت سنيورة إلى أن تعريف قتل النساء لا ينحصر بذلك المفهوم الشائع والمتداول على نطاق واسع وهو القتل المرتبط بما يسمى "شرف العائلة"، لأن المركز يعتمد مفهومًا أوسع. وهكذا فإن التعريف يمتد ليتناول بالنقاش بعض المفاهيم السائدة، والتي يمكن أن تستتر خلفها بعض عمليات قتل النساء كمفهوم "الانتحار" ومفهوم "السقوط من مكان مرتفع" او "الوفاة ظروف غامضة" وهي جميعها تؤدي الى انتزاع الحياة للنساء والفتيات.
 
وبدورها، عرضت المحامية عبير بكر، التي تعمل مستشارة قانونية لكيان- تنظيم نسوي، دور الشرطة وتقصيرها في قضايا قتل النساء العربيات، وعدم تعاونها مع البحث ورفض تزويد الجمعية بالمعطيات والمعلومات اللازمة. شددت على أنه "أتت الحاجة للتقصّي وراء عمل الشرطة والنيابة على ضوء ازياد عدد النساء المغدورات وسط تعتيم كبير حول قضاياهن. ونحن نفترض أن قضية كل امرأة مغدورة لا تبدأ مع جريمة القتل إنما لا بد أن يكون لها ماض سبق القتل من المهم أن يذكر بحيثيات كل قضية مع مراعاة خصوصية كل امرأة". وعلى ضوء تعنت الشرطة بعدم الإفصاح عن التحقيقات المتعلقة بقتل النساء العربيات آل بجمعية كيان إلى اللجوء للقضاء وتقديم التماس ضد الشرطة والنيابة العامة للكشف عن كل المعلومات المطلوبة. ولا يزال الالتماس عالقًا في المحكمة المركزية في القدس ولم تقدم الشرطة أو النيابة ردها حتى هذه اللحظة.
 
ومن المعطيات المثيرة اللافتة للنظر التي عرضتها بكر والتي وافقت الشرطة على تزويدها كانت تلك المتعلقة بأداة القتل المستخدمة ضد النساء في حالة القتل. تحليل المعطيات التي حصلنا عليها يدل على أن نصف من النساء قتلن على يد أزواجهن جراء التعنيف الجسدي (50% من الحالات) في حين تم استخدام اداة حادة في 37.5% من الحالات واستعمال السلاح كان الأقل رواجًا بحيث تم استخدامه في 12.5% من الحالات. التسبب بالقتل جراء تعنيف جسدي يعكس حجم التعنيف الذي لحق بالنساء والذي بتقديرنا لا يمكن ان يكون وليد الصدفة او استثنائي بل يعكس صورة زوج اعتاد استخدام العنف الجسدي بوتيرة تصاعدية من حيث شدته إلى أن وصل حد إيذاء النساء بحياتهن.
 
واختتمت المديرة العامة لكيان – تنظيم نسوي، رفاه عنبتاوي، المؤتمر الصحافي بعرض أبرز توصيات ونتائج التقرير، قائلة إن " هذا التقرير يُظهِر بجوانبه المختلفة صورة الواقع المركّب الذي تعيشه النساء الفلسطينيّات في إسرائيل، والذي يعكس تجربة أكثر تركيبًا وتعقيدًا على مستوى ظاهرة العنف ضدّهنّ، وظاهرة قتل النساء لكونهنّ نساء في مجتمع ذكوريّ تقليديّ يُقصيهنّ ويميّز ضدّهنّ في مناحي الحياة كافّة، وفي ظلّ دولة عنصريّة تنتهج سياسات عنصريّة تمارس التمييز المنهجيّ ضدّ النساء الفلسطينيّات كجزء من التمييز ضدّ الأقليّة العربيّة في البلاد".
ومن أبرز الاستنتاجات والتوصيات التي تهدف إلى معالجة مسبّبات استمرار ظاهرة العنف ضدّ النساء وقتل النساء، اعتمادًا على ما ورد في أجزاء التقرير المختلفة، وعلى تجربة جمعيّة "كيان" الميدانيّة ضمن مشروعها لمناهضة العنف ضدّ النساء والحدّ من قتل النساء. كان الشعور العامّ لدى الأقليّة الفلسطينيّة في إسرائيل بأنّ الشرطة، والمؤسّسات الرسميّة عامّة، لا تقوم بالدور المنوط بها قانونيًّا في كلّ ما يخصّ العنف وجرائم القتل ضدّ النساء الفلسطينيّات، والشعور بعدم أداء مكاتب الشؤون الاجتماعية دورها كما يجب أصبح مثبتًا بالحقائق. وأن حقيقة كون المجتمع وبنيته الذكورية تساهم وترسخ العنف لا يمكن التحفظ عليها، كذلك حقيقة أن الاعلام بالغالب لا يساهم بحل مشكلة العنف وفي كثير يساهم بترسيخه. وأن قضية العنف ليست على سلم الأولويات.
 
وأرفق التقرير عدد من التوصيات التي يجب العمل عليها من اجل مكافحة الظاهرة والحد من انتشارها، بدءًا من الضغط على الشرطة لحوسبة المعطيات وتوثيقها، ومن ضمنها عدد الضحايا وعدد لوائح الاتهام التي قدمت وأوامر منع النشر وإصدار أوامر حماية للنساء التي تعانين من التعنيف ومهددات بالقتل. والعديد من التوصيات للعمل دوليًا وفي الأطر النسوية والحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني.

أخبار ذات صلة