news-details

مخول: الشيوعيون وحدهم طرحوا في النكبة برنامجا كفاحيا للبقاء والعودة والدولة العربية الفلسطينية 

بمبادرة اتحاد الشبيبة الشيوعية، قدّم الرفيق عصام مخول، رئيس دائرة التثقيف الفكري محاضرة قيمة عن بعد، عن طريق منظومة "الزوم" بعنوان "72 عامًا... مشروع الشيوعيين التاريخي في مواجهة مشروع النكبة -الموقف والوثائق"، وقد شارك في هذه المحاضرة، رفاق الشبيبة وقياداتها ورفاق الحزب والأصدقاء من مختلف الفروع.
واعتبر أنه يجب ألّا نكتفي في ذكرى النكبة بتسخيف مقولة بن غوريون بأن الكبار يموتون والصغار ينسون، مؤكدًا على أهمية الخوض في تمايز المواقف الفاعلة على السّاحة الفلسطينية وفي طليعتها التعرّف على الموقف المتميّز في كل مراحل التطوّر للشيوعيين في عصبة التحرر الوطني وفي الحزب الشيوعي الفلسطيني، وصدامه مع مواقف القوى التقليدية والقوى المتماشية مع مشاريع الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية. وأشار إلى ضرورة التوقف عند بعض هذه الوثائق التاريخية التي هدفت إلى تجنب مشروع النكبة وتفادي تبعات المؤامرة على الشعب الفلسطيني وحقه في الحرية والاستقلال.

وقدّم عصام مخول موقف الشيوعيين في المواجهة الوجودية مع المشروع الكولونيالي الذي خطّطته الإمبريالية العالمية وقرينتها الحركة الصهيونية وتواطؤ الرجعية العربية، حيث دفع ثمن كل هذه المؤامرات الشعب العربي الفلسطيني.
وتطرّق المحاضر إلى التحوّلات البنيوية والطبقيّة الطارئة على المجتمع الفلسطيني في أواخر الثلاثينيات واعتبر أن حاجات الحرب والحاجة إلى ضمان الإمدادات والخدمات اللّازمة لمعسكرات الجيش البريطاني خلقت الظّروف لتوسيع الاقتصاد وتوسيع سوق العمل في الاقتصاد العربي في فلسطين، وما رافق ذلك من  نشوء طبقة عاملة عربية واسعة لأول مرة،  وانعكس ذلك سياسيًا بنشوء عصبة التحرر الوطني حزبًا للطبقة العاملة العربية الفتية في فلسطين في العام 1943، وذلك إثر انقسام داخل الحزب الشيوعي الفلسطيني بداية أربعينيات القرن الماضي.

 

وثائق العصبة وجهت الجماهير الشعبية الفلسطينية في أعقد اللحظات، وأجابت على السؤال ما العمل؟

وحلّل المحاضر البرنامج المبدئي الرّافض للتقسيم الذي وضعته عصبة التحرر الوطني في مؤتمرها الاول في أيار 1947، كما عرضه إميل توما في مؤتمر صحفي في القدس في السادس من حزيران من العام ذاته، وأكد فيه توما أن النضال ضد الإمبريالية في فلسطين، هو من أجل التحرر من الاستعمار. وأنّ العصبة تتقدّم بالحل الديمقراطي الدّاعي الى جلاء القوات الاجنبية وانهاء الانتداب البريطاني، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلّة واحدة حرة وديمقراطية لجميع سكانها. 

وأشار مخول إلى الأسباب والتطورات الميدانية التي استدعت انتقال عصبة التحرر الوطني من رفض قرار التقسيم في 29 من تشرين الثاني 1947، إلى قبوله بعد 15 شباط 1948. وقال: ان عصبة التحرر عندما رأت أن الخيارات الحقيقية المطروحة، لم تعد بين الحلّ في دولة واحدة كما حدد برنامج العصبة، وبين الحل وفق قرار التقسيم، وانما أصبحت بين خيار التقسيم وقيام الدولة العربية على جزء من فلسطين من جهة، وبين خيار النكبة المبيتة، مما حدا بالعصبة أن تعيد النظر في موقفها وذلك بهدف إنقاذ حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. 

 

في الأعوام 1947 – 1948 

لم تكن علامة السؤال على فرصة قيام دولة يهودية بل كانت وما زالت حول إمكانية قيام دولة عربية! 

وحلّل مخول الظروف التي وضعت الشعب الفلسطيني أمام الخيار الصعب، إما مشروع النكبة واندثار حقوق الشعب الفلسطيني وإما قبول حل الدولة العربية الفلسطينية إلى جانب دولة يهودية في حدود قرار التقسيم. وأكد المحاضر أن علامة السؤال في هذه المرحلة، لم تكن على الفرصة لقيام الدولة اليهودية التي كانت قائمة على الأرض فعلًا، وإنّما كانت تدور حول الفرصة لقيام الدولة العربية الفلسطينية والتآمر عليها. 

واعتبر أن العصبة قبلت الحل كما جاء في قرار التقسيم  فقط في 15 شباط 1948، حين بات واضحًا أن ثلاثي الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية قد أصر على الدفع نحو تقسيم إمبريالي كبديل للتقسيم الذي أقرته الأمم المتحدة، يفضي إلى قيام الدولة اليهودية وإجهاض الدولة العربية الفلسطينية في فلسطين، بحيث أجمع أطراف هذا الثلاثي ليس على منع قيام الدولة اليهودية، بل تآمروا معًا لمنع قيام الدولة العربية الفلسطينية وتقسيم أراضيها بين الرجعية العربية التي تستولي على الضفة الغربيّة وغزة، بينما تستولي إسرائيل على الجليل وما تبقى من مناطق الدولة العربية. إنّ مطالبة عصبة التحرر الوطني بانسحاب جيوش الاحتلال الصهيونية وجيوش الأنظمة الرجعية العربية من المناطق المعدة لقيام الدولة العربية الفلسطينية، كانت شرطًا حتميًا لقيام دولة عربية مستقلة في فلسطين. 

وقال إن القيادة التقليدية للشعب الفلسطيني بوحي من الأنظمة الرجعية العربية والاستعمار البريطاني، وبسبب إحباطها، فرت من فلسطين ونشرت الوهم بأن الموقف الوطني يقتضي من الجماهير الشعبية الفرار خارج الوطن إلى أن تعود القيادة والجيوش العربية لتدمير الدولة اليهودية وتحرير الوطن!

 

أنتم تنتمون إلى أعرق حركة سياسية 

وأرقاها فكرا ثوريا وأنقاها وطنيا 

وقال: إن عصبة التحرر الوطني كانت القوة الوحيدة التي حاولت منع النزوح من فلسطين، وتوجيه الجماهير المشرّدة من أجل "النضال " في هذه المرحلة العصيبة، وخاضت دون غيرها من القوى معركة البقاء في الوطن، ومعركة عودة اللاجئين، ودعت إلى النضال من أجل قيام الدولة العربية الفلسطينية في الحدود الّتي حدّدها قرار الأمم المتحدة. 

واستعرض وثيقة توفيق طوبي الصادرة باسم عصبة التحرر الوطني في ايلول 1948، والتي وضعت برنامجًا كفاحيًا، تحت عنوان: "لماذا علينا أن نناضل من أجل إقامة الدولة العربية الفلسطينية" في وقت كانت فيه كل جروح النكبة تنزف دون توقف وهو سؤال ما زال ماثلا حتى يومنا هذا. وكان المحاضر قد استعرض وثيقة صدرت في تموز 48 في جوهرها الدعوة إلى بناء الجبهات الشعبية على أساس برنامج كفاحي ينظم الجماهير الشعبية وينظم نضالها ويتجاوب مع حاجاتها الاقتصادية والاجتماعية والسكنية ولضمان أمنها وتنظيمها لأخذ دورها في النّضال من أجل اقامة الدولة العربية الفلسطينية.

وأنهى مخول حديثه إلى رفاق الشبيبة الشيوعية قائلًا: كونوا على ثقة، أنكم تنتمون الى أعرق حركة سياسية نشأت في هذه البلاد وأرقاها فكرا وأنقاها وطنية وأممية، وأشجعها في المعركة لمناهضة الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية في هذه البلاد، تاريخكم مشرّف، وموثق ويا جبل ما يهزك ريح.

أخبار ذات صلة