كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلًا عن مصادر أميركية، عن مسودة خطة أعدّها فريق مقرّب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بقيادة صهره جاريد كوشنر، وبمشاركة المبعوث الخاص ستيف ويتكوف ومستشارين بارزين آخرين في البيت الأبيض، لإعادة إعمار قطاع غزة بكلفة تتجاوز 112 مليار دولار. وبحسب التقرير، عُرضت الخطة في عرض تقديمي مؤلف من 32 شريحة، اطّلعت الصحيفة على عدد منها، وتحمل اسم "مشروع الشروق". وتقدّر الخطة الكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار خلال السنوات العشر الأولى بنحو 112.1 مليار دولار، تشمل رواتب القطاع العام، مع تخصيص جزء من التمويل في المراحل الأولى للاستجابة للاحتياجات الإنسانية العاجلة في القطاع المدمَّر بفعل العدوان الإسرائيلي. وتقترح الخطة تمويل المشروع عبر مزيج من المنح والديون الجديدة، بقيمة تقارب 60 مليار دولار، تشمل نحو 41.9 مليار دولار على شكل منح و15.2 مليار دولار ديونًا، مع استعداد الولايات المتحدة لضمان ما لا يقل عن 20% من التمويل، إضافة إلى دور متوقَّع للبنك الدولي. غير أن مسؤولين أميركيين عبّروا، بحسب الصحيفة، عن "شكوك جدّية" في إمكانية إقناع الدول المانحة بتمويل إعادة الإعمار في ظل غياب أفق سياسي مستقر واحتمال تجدّد الحرب. وتعرض الخطة رؤية بعيدة المدى لتحويل غزة إلى مدينة "عصرية ومتقدمة تقنيًا"، تشمل إقامة فنادق فاخرة على الساحل، وخط قطار سريع، وشبكات كهرباء ذكية تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي. إلا أن هذه الرؤية، كما تلاحظ الصحيفة، تتجاهل واقع الدمار الواسع والأزمة الإنسانية العميقة التي يعيشها سكان القطاع. ويُعدّ الشرط المركزي لتنفيذ الخطة نزع سلاح حركة حماس وتفكيك جميع الأنفاق والأسلحة، وهو شرط ورد، وفق التقرير، بخط عريض وأحمر في الصفحات الأولى من العرض. ويثير هذا الشرط انتقادات وتساؤلات حول ما إذا كانت الخطة تشكّل أداة ضغط سياسي وأمني أكثر منها مشروعًا لإعادة إعمار غزة، في ظل استمرار الاحتلال والحصار. وتشير الوثائق إلى أن عملية إعادة الإعمار ستُنفّذ على أربع مراحل، تبدأ من جنوب القطاع في رفح وخان يونس، قبل الانتقال شمالًا إلى "المخيمات المركزية"، وصولًا إلى مدينة غزة. وتوضح خريطة طريق تمتد لأكثر من عشرين عامًا أن المرحلة الأولى ستشمل إزالة المباني المدمّرة، والذخائر غير المنفجرة، وأنفاق حماس، إلى جانب توفير مأوى مؤقت، ومستشفيات ميدانية، وعيادات متنقلة للسكان. وبعد الانتهاء، ستبدأ مرحلة بناء المساكن الدائمة، والمرافق الطبية، والمدارس، وأماكن العبادة، وشق الطرق، ومدّ شبكات الكهرباء، وإعادة إحياء الزراعة. وفي المراحل اللاحقة، سيُشرع في تنفيذ المشاريع طويلة الأمد، بما في ذلك تطوير عقارات فاخرة على الشاطئ. وتتضمن إحدى الشرائح، المعنونة "رفح الجديدة"، تصورًا لتحويل المدينة إلى مركز لحكم غزة وموطن لأكثر من 500 ألف نسمة، تضم أكثر من 100 ألف وحدة سكنية، وأكثر من 200 مدرسة، ونحو 75 مرفقًا صحيًا، إضافة إلى 180 مسجدًا ومركزًا ثقافيًا. وفي المقابل، يرى بعض مؤيدي الخطة داخل الأوساط الأميركية أن ترك غزة من دون إعادة إعمار واستمرار الأزمة الإنسانية المتفاقمة سيكون "خيارًا أسوأ بكثير"، معتبرين أن هذه الخطة تمثّل حتى الآن "الرؤية الأكثر تفصيلاً وتفاؤلًا" لمستقبل القطاع، في حال توافرت الشروط الأمنية وتعاونت الأطراف المعنية. وأشارت الصحيفة إلى أن التحديات أمام تنفيذ المشروع تبقى هائلة، في ظل تقديرات تشير إلى وجود آلاف الجثامين تحت عشرات ملايين الأطنان من الأنقاض، وتلوّث الأرض بالذخائر غير المنفجرة. ورغم ذلك، قال مسؤولون في إدارة ترامب إنه في حال توافرت الظروف "الأمنية" المناسبة، يمكن البدء بتنفيذ الخطة خلال شهرين.