news-details

مخططات الاستيطان والتهويد في القدس الشرقية تتواصل في الذكرى الثالثة والخمسين لاحتلالها

إعداد : مديحه الأعرج

المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان

عشية الذكرى الثالثة والخمسين لاحتلال وضم القدس الشرقية لا تزال سلطات الاحتلال الاسرائيلي تواصل محاولاتها الرامية لقضم ما تبقى من أراضي الفلسطينيين وترسيخ سيطرتها على أوسع مساحة ممكنة من أراضي المواطنين في المدينة والمحافظة في ظل  تجاهُل مطلق للواقع المعيشيّ الصعب الذي تفرضه على السكّان المقدسيين، هذا إلى جانب مواصلة سياسات تدعمها جميع حكومات إسرائيل المتعاقبة منذ 1967 تتمثل بهدم مساكن المقدسيين وممارسة جميع أشكال التضييق عليهم وأشكال من التطهير العرقي الصامت والمتواصل لتغيير معالم المدينة عن طريق تهويدها وتزوير تراثها وحضارتها وتاريخها خطوة خطوة . 

في هذا السياق وفي حفل حكومي إسرائيلي بهذه المناسبة قال بنيامين نتنياهو، إن حكومته الجديدة مستعدة للمفاوضات على أساس أن القدس ستبقى العاصمة الموحدة لإسرائيل وأنه سعيد بأن يسمع شركاؤه الحكوميون الجدد موقفه هذا فيما عهدت الحكومة الجديدة بوزارة شؤون القدس إلى الحاخام المتطرف رافي بيرتز الذي كان الحاخام الأكبر لجيش الاحتلال بين عامي 2010-2016، والذي صرح في 2014 بأن لا قداسة للأقصى في الإسلام، ولا شرعية لوجود المسلمين فيه.

وفي هذا التوقيت كشفت ما تسمى "سلطة الآثار الإسرائيلية" وما يسمى "مؤسسة تراث الحائط الغربي / حائط المبكى" قيام طواقمها بإنهاء عملية تنقيب كبيرة استغرقت عامين أسفل حائط البراق، وأنه تم اكتشاف غرف حجرية فوق بعضها البعض، تعود للعصور البيزنطية والأموية والعباسية، ولم تتوقف الحفريات الإسرائيلية منذ احتلال القدس الشرقية والبلد القديمة عام 1967، فيما يأتي هذا الكشف الجديد قبل ما يُسمى (يوم القدس)، حيث أشارت "الآثار الإسرائيلية" إلى وجود نية لترتيب جولة لكبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، وبعض الضيوف الأجانب، وفي مقدمتهم السفير الأمريكي المستوطن فريدمان إلى المكان رغم أن الاكتشافات الجديدة لا تشير من بعيد أو قريب لصلة يهودية في المكان .

وعشية يوم احتلال القدس وضمها، كشف مركز حقوق الإنسان (بتسيلم) حجم العنف والظلم والبطش الذي مارسه الاحتلال على مدى 53 عامًا من احتلال القدس وضمها بالقوة، وما ترتب على ذلك من انعكاسات على مواطنيها الفلسطينيين، وقد اتخذ المركز بلدة العيسوية ، شماليّ المدينة، نموذجًا لسياسات الاحتلال، وفي التقرير الذي يحمل عنوان "هنا القدس: نهبٌ وعُنفٌ في العيسويّة" يُحلّل بتسيلم السّياسة التي تطبّقها إسرائيل في الحيّ منذ ضمّته إلى حدودها، وهي سياسة قوامها نهب الأراضي والإهمال المتعمّد وغياب التخطيط - وعُنف الشرطة المطبّق بتطرّف وحشيّ. ونهب نحو 90% من أراضي العيسويّة، التي كانت تمتد آنذاك على مساحة نحو 10 آلاف دونم وتسخيرها لاحتياجات المستوطنين والاستيطان.

وفي القدس كذلك تواصل سلطات وبلدية الاحتلال سياستها القائمة على تهويد المدينة بالقوة. فقد أحضرت مؤخرا معدات حفر تحضيرا لمشروع قطار الأنفاق الذي تعتزم تنفيذه أسفل الأرض من وادي حلوة باتجاه باب المغاربة ضمن مشروع ما يسمى "تطوير مدينة داود" لجلب السياحة الاستيطانية إلى سلوان وجنوب المسجد الأقصى، هذا في الوقت الذي تتواصل فيه عمليات ترميم المنازل التي استولت عليها جمعية العاد الاستيطانية. وتجري التحضيرات لإقامة مشروع "كيديم" على الأرض المقابلة لحائط البراق مساحتها 4 دونمات مملوكة لعائلات سلوان ووقفية لعائلة أبو السعود، فيما يسعى الاحتلال لمصادرة أرض قطعة رقم 22 من أراضي وادي الربابة في حي سلوان بادعاء أنّها تندرج في عداد أملاك الغائبين وفي عداد الحدائق العامة الإسرائيلية.

وفي الوقت الذي بدأت فيه جرافات الاحتلال المرحلة الأولى من أعمال التجريف لشق طريق "التفافي حوارة" الجديد، والذي أقرته حكومة الاحتلال عام 2014 ضمن مجموعة طرق أخرى في الضفة الغربية تحت ما تسمى "خطة درج"، حيث يصل طوله نحو 7 كم، ويهدد نحو 406 دونمات من أراضي المواطنين بالاستيلاء والمصادرة، فقد أظهرت دراسة أعدها معهد (أريج) أن 31 مخططًا استيطانيًا تم المصادقة عليها في 26 مستوطنة اسرائيلية خلال الربع الأوّل من العام 2020، وتنتظر الشروع في التنفيذ. وتشمل القائمة كلاً من مستوطنات كوخاف يعقوف وكفار أدوميم وجيفع بنيامين في محافظة القدس وهي المحافظة الأكثر تضررًا من بين المحافظات الفلسطينية من حيث الأراضي التي سيتم الاستيلاء عليها لهذا الغرض.

على صعيد آخر اعتبر نتنياهو تحقيقات المحكمة الجنائية بما فيها تلك التي تتصل بجرائم الاستيطان تهديدًا استراتيجيًا لإسرائيل، حيث قال إن محاكمة إسرائيل على جرائم مزعومة ضد الفلسطينيين هو "تهديد استراتيجي نادر لإسرائيل"، مشددًا على أن منع إجراء التحقيق سيكون في مقدمة أولويات الحكومة الجديدة، وفي هذا الإطار وفي ظل الدعم الامريكي غير المحدود هاجمت الإدارة الأمريكية أيضًا المحكمة الجنائية الدولية، التي وصفها وزير الخارجية بومبيو بأنها جسم سياسي وليست مؤسسة قضائية وأن الولايات المتحدة تجدد معارضتها لأية تحقيقات غير شرعية تقوم  بها  المحكمة، فيما يضغط  السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة رون دريمر على أعضاء الكونغرس وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين وكذلك الصحفيين وقادة الرأي العام لإقناع الرئيس دونالد ترامب بتسريع اجراء خطة الضم الإسرائيلية لغور الأردن ومستوطنات الضفة الغربية. 

وما زالت ردود الفعل الأوروبية هي الأكثر حضورًا على المستوى السياسي والدبلوماسي في معارضتها لسياسة الضم الاسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية. ففي بيان مشترك أكد مندوبو الدول الخمس (فرنسا وبلجيكا وألمانيا واستونيا وبولندا) لدى الأمم المتحدة، قبيل بدء جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية، إن القانون الدولي يعد ركيزة أساسية للنظام الدولي، وأن بلادهم لن تعترف بأي تغيير على حدود 1967، ما لم يتفق الإسرائيليون والفلسطينيون على ذلك. كما أن "حل الدولتين مع كون القدس العاصمة المستقبلية لهما، هو السبيل الوحيد لضمان السلام والاستقرار المستدامين في المنطقة". وأكدت رئيسة مجموعة الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في البرلمان الأوروبي، إراتشا قارثيا بيريه بأن مجموعة الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في البرلمان الاوروبي لن تقبل سياسة الضم الاسرائيلية مطلقًا، وأنها تكرر اعتقادها الراسخ بأن حل الدولتين المتفاوض عليه، العادل، والقابل للتطبيق، والذي يدعمه الشعبان الفلسطيني والاسرائيلي هو السبيل الوحيد لإحلال سلام دائم في الشرق الأوسط. فيما أكد ممثل الاتحاد الأوروبي لدى فلسطين سفين كوهان فون بورغسدورف تضامن الاتحاد مع الشعب الفلسطيني في مواجهة تهديدات ضم أجزاء من الضفة الغربية باعتبار هذا الأمر يخالف القانون الدولي ويخرق الاتفاقيات القائمة ولا يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ومبادئ الاتحاد الأوروبي. 

وفي تقرير جديد صادر عن منظمة "ييش دين"  التي تعتبر من المنظمات العاملة في الدفاع عن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة قالت المنظمة إن اتفاق تشكيل الحكومة الجديدة يؤشر إلى رغبة الحكومة الإسرائيلية بخلق وضعيّةٍ دائمةٍ أُحاديّة الجانب، تعمق انتهاك حقوق الفلسطينيّين بشكلٍ دائم الانتهاك بما فيها انتهاك حريّة الحركة والتنقّل وفرض تدابير أمنيّة في أرجاء الضفّة، هذا إلى جانب انتهاك الحقّ بالملكيّة من خلال مصادراتٍ كبيرة لأراضٍ بمُلكيّة فلسطينيّة، وفقد الفلسطينيين الذين لم تُصادَر أراضيهم بشكل رسميّ قدرتهم الفعليّة على استصلاح وزراعة الأراضي وكسب أرزاقهم منها، نتيجةً لتقييد الوصول إليها، على نحو يُعمّق ويُكرّس وجود المستوطنات، ويؤدّي إلى توسيعها بشكل جارف.

أما على صعيد الانتهاكات التي وثقها المكتب الوطني للدفاع عن الأرض فقد استأنفت بلدية الاحتلال في القدس إصدار الغرامات والمخالفات وتوزيع أوامر الهدم حيث أخطرت بهدم 56 عقارًا ومنزلًا وجزء من بناء قائم بحجة البناء غير المرخص في أحياء وقرى محافظة القدس، حيث تشن بلدية الاحتلال حملة غير مسبوقة في محافظة القدس يدفع بها أعضاء اليمين المتطرف في بلدية الاحتلال بالقدس، فيما دعا نائب رئيس بلدية الاحتلال المتطرف أريه كنغ عراب الاستيطان عبر صفحته على موقع فيسبوك، إلى هدم أسوار القدس التاريخية التراثية، وقال: بنى أسوار القدس الديكتاتور المسلم سليمان القانوني في القرن السادس عشر، وفي رأيه هذه فرصة ذهبية ينبغي إزالة هذا السور ان لم يكن كله فجزء منه على الأقل، فبوابة المغاربة ضيقة جدا ولا تتسع للدخول والخروج، لأجل توحيد المدينة.

وفي الخليل احترقت أراض زراعية شرق مدينة يطا جنوبًا، بفعل قنابل ضوئية أطلقتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتسببت باحتراق ما يزيد عن دونمين من أراضي المواطنين المزروعة بالقمح والشعير. فيما داهمت قوات الاحتلال، قرية بيرين جنوب الخليل وقامت بتصوير منازل وآبار وشبكة الكهرباء قيد الانشاء في المنطقة. وهاجمت مجموعة من المستوطنين، منزل لمواطن فلسطيني وسط مدينة الخليل، واعتدوا على صاحب المنزل. 

وفي سياق متصل، قام جنود الاحتلال باحتجاز الرجال والشباب وبعض الفتية من أهالي شارع الشهداء، بحجة القاء حجارة عليهم. واستولت قوات الاحتلال على كوخ خشبي في بيت عينون شرق الخليل، تصل مساحته الى 16 مترا مربعًا.

وفي بيت لحم قطع مستوطني "جفعوت" الواقعة في التجمع الاستيطاني "غوش عصيون" قطعوا 40 شجرة زيتون في منطقة وادي جمجوم. وأقدم مستوطنون على رشق مبنى بلدية تقوع شرق بيت لحم، بالحجارة. وهدمت قوات الاحتلال سقيفة في قرية الولجة غرب بيت لحم، تبلغ مساحتها 80 مترا مربعا في منطقة نبعة الهدفة.

اما في رام الله فقد اعتدى مستوطنون، على مواطن فلسطيني أثناء مروره من منطقة ظهر هاشم. وأدى الاعتداء إلى تحطيم زجاج مركبته. ومن حين لآخر يقوم مستوطنون في منطقة المغير بحملة اعتداءات على المزارعين. واعتدى مستوطنون على عدد من المزارعين في قرية دير نظام شمال غرب رام الله. بينما كانوا يفلحون أرضهم في منطقة “وادي ريا ” التي يمر بجوارها شارع استيطاني.

 

 

أخبار ذات صلة