news-details

مع ارتفاع أعداد الضحايا: تداعيات حريق النصيرات في غزة تتزايد

على الرغم من مرور أكثر من عشرة أيام على احتواء الحريق الذي وقع في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة إلا أن سكانه ما يزالون يشعرون بالأسى والألم لما وقع بهم، وسط دعوات متزايدة بأخذ العبر من الحادث ومحاسبة المسؤولين والمتسببين به.

    ويتذكر خالد أبو شاويش (26 عاما) الذي يتلقى علاجه في مستشفى الشفاء الطبي، جراء إصابته بحروق متوسطة، الحادث بألم وأسى شديدين وقال "شعرنا أن النار حولنا في كل مكان والناس يهربون شمالا ويمينا، لقد كان حريقا لم أراه حتى في أفلام الرعب".

    ويقول أبو شاويش الذي كان يعمل في محل لبيع الملابس لوكالة أنباء ((شينخوا)) عبر الهاتف "لا نعرف كيف اندلعت النيران، فنحن سمعنا صوت انفجارات ضخمة متتالية، ورأيت ألسنة النيران تشتعل وتلتهم كل ما هو قريب منها".

    وأضاف "فقدت ثلاثة من أصدقائي كانوا يعملون في المخبز المجاور لمحل عملي وقت الحريق جميعهم تحولوا إلى جثث متفحمة". وذكر أن القلق لا يزال موجودا لوجود بعض زملائنا يتلقون العلاج في العناية المكثفة وأخشى أن نفقدهم أيضا".

    وكان الحريق الذي اندلع في الخامس من مارس الجاري، في منطقة مكتظة وسط سوق مخيم النصيرات، وأودى بحياة 11 شخصا على الفور، وإصابة 66 آخرين، كما ألحق دماراً هائلاً في الممتلكات، طال عشرات المحلات والبسطات التجارية والمركبات الخاصة.

    وعلى مدى الأيام العشرة الماضية توفي تسعة أشخاص آخرين متأثرين بجراحهم آخرهم امس (الثلاثاء) لشاب يبلغ (20 عاما) مما رفع الحصيلة الإجمالية للضحايا إلى 20 شخصا من بينهم 4 أطفال و4 سيدات بحسب وزارة الصحة في غزة.

    وأعرب مسؤولون صحيون عن أن القلق ما زال يساورهم بشأن سقوط المزيد من الضحايا، جراء الحريق، حيث لا يزال نحو 14 شخصا من بين المصابين في حالة خطيرة ويرقدون في المستشفيات.

    وفقد أبو خواص والده سعيد البالغ من العمر (64 عاما) أثناء تواجده في محل الحلاقة الخاص به، عندما وقع الحريق. ويقول لوكالة ((شينخوا)) "لم أتمكن من الوصول إلى والدي وإنقاذ حياته نتيجة اشتعال النيران في جسده".  وتابع والألم يعتصره وهو يتذكر الحادث "نقلنا والدي إلى المستشفى بسيارتي، وهو بحالة حرجة جدا، حيث مكث فيها ثلاثة أيام قبل أن يتوفى".    وحمل أبو خواص مسؤولية "الحدث الأليم" للبلدية والعاملين فيها" الذين لم يتخذوا احتياطات الأمن والسلامة للمحلات والمصانع التي في فيها خطورة على حياة الناس".

    ولم تعلن وزارة الداخلية في غزة حتى الآن عن أي نتائج نهائية رسمية للتحقيق الذي أجرته لوقوف على أسباب الحادث، لكنها قالت في موقف أولي إنه نتج عن تسرب للغاز من داخل أحد المخابز قبل أن يتوسع نطاقه ليشمل عشرات المحال التجارية والمركبات والمنازل السكنية.

    وفي أعقاب الحادث أعلنت قطر عن تبرعها بمساعدة عاجلة لضحايا الحريق بمبلغ 2 مليون دولار.

    وجاء التبرع بعد اتصال هاتفي جرى بين أمير قطر تميم بن حمد، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.

    وأقرت اللجنة الحكومية التي تشكلت من قبل حماس التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007 لمتابعة تداعيات الحادث بأنه ما زال يتعين "القيام بالكثير" للوقوف على أسبابه الذي وصفته بالأليم.

    وأعلنت اللجنة عن سلسلة قرارات اتخذت شملت إقالة رئيس بلدية النصيرات وأعضاء المجلس البلدي، ومسؤول الدفاع المدني لحين الانتهاء من التحقيق بالحادث، بينما أوصت بتحويل عدد من المسؤولين للتحقيق.

    كما أعلنت اللجنة عن رفع قيمة المساعدات المقدمة لضحايا الحريق إلى 10 آلاف دولار لكل عائلة، بما يشمل المصابين بحالات خطيرة.

    وانتقدت مؤسسات حقوقية فلسطينية الأداء الحكومي في قضية الحريق الذي أثار مشاعر وحفيظة السكان.

    وأتهم المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة في تحقيق أجراه حول ملابسات الحريق، الجهات المختصة متمثلة في بلدية النصيرات، جهاز الدفاع المدني، ووزارات الصحة والعمل والاقتصاد "بالتقصير في عملها".

    وقال المركز أن الجهات المذكورة ورغم اكتشافها وجود عدد من المخالفات التي تتعارض مع اشتراطات السلامة العامة والصحة المهنية في مخبز البنا الذي وقع به الحادث، لم تقم بأي إجراءات جادة من شأنها منع وقوع "الكارثة".

    وأشار المركز إلى وجود "خلل خطير" في تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية في المخبز الذي تسبب في الحريق، ومن ضمنها تخزين كميات كبيرة من الغاز تفوق الاستهلاك الاعتيادي، والواقع في منطقة مكتظة بالسكان، عدا عن وضع صهريج غاز احتياطي بين منشآت صناعية وتجارية وقريبة من مساكن المواطنين.

    ونبه المركز إلى ضعف تعامل جهاز الدفاع المدني وطواقم الاطفاء مع الحريق جراء تواضع إمكانياته، وتقادم سيارات الإطفاء والمعدات اللازمة للتعامل مع الحرائق، خاصة في ظل منع إسرائيل توريد سيارات الإطفاء الحديثة إلى قطاع غزة منذ عام 2007.

    وأشار إلى أن قطاع غزة شهد وفاة 12 شخصا وإصابة العشرات في حوادث حريق مشابهة نتيجة تسرب الغاز منذ عام 2009.

    وطالب المركز الحقوقي بمحاسبة "المقصرين" في الحريق واتخاذ المقتضى القانوني اللازم، والبلديات وجهاز الدفاع المدني، والوزارات ذات العلاقة بالشروع فوراً في تشديد تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية على المنشآت التي تستخدم مواد خطيرة وقابلة للاشتعال، للتأكد من تمتعها بشروط الأمان.

    وختم المركز بدعوة المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للسماح بتوريد سيارات الإطفاء الجديدة والمعدات الحديثة اللازمة لإطفاء الحرائق إلى قطاع غزة، حتى يتسنى لجهاز الدفاع المدني القيام بمهامه، وإنقاذ المواطنين وحماية ممتلكاتهم في أوقات الكوارث والأزمات.

أخبار ذات صلة