news-details

"حماية حقول النفط السورية".. المبتز ترامب ينفذ جريمة حرب

 بعد تخبط الإدارة الامريكية بشأن الإبقاء على قواتها من عدمه في سوريا كشفت وسائل إعلام أمريكية أن الرئيس دونالد ترامب وافق، الثلاثاء الماضي، على توسيع المهمة العسكرية الأمريكية لحماية حقول النفط في شمال شرقي سوريا. ونقلت وكالة "أسوشيتيد برس"، عن مصادر مطلعة، إن قرار ترامب أتى عقب اجتماع عقده يوم الجمعة الماضي مع مسؤولين في وزارة الحربية، إذ تركزت المناقشات حول إبقاء جزء من القوات الأمريكية في سوريا بذريعة حماية حقول النفط شرق البلاد من سيطرة "داعش". رغم ان ترامب صرح، مفاخرًا أكثر من مرة، انه حسم أمر داعش في سوريا ولهذا قرر سحب قواته من هناك! 

يبدو أنَّ الإدارة الامريكية، تحت ستار حماية حقول النفط السوري من فلول داعش، كما تدعي، تسعى الى الاستفادة من تلك الحقول والتحكم بالمستفيدين منها إضافة إلى محاولة واشنطن الابتزاز السياسي عند أي تسوية سياسية للازمة السورية. وهو ما عبر عنه ترامب بصراحة أكثر من مرة، اذ قال ان حماية آبار النفط "تحرم تنظيم الدولة مِن عوائده، فيما سيستفيد منه الأكراد، وممكن أن تستفيد الولايات المتحدة منه أيضًا"، مضيفًا: إن "النفط غذّى تنظيم الدولة وعملياته، ويجب أن نأخذ حصتنا الآن". كذلك اقتراحه بأن تتولى إحدى شركات النفط الأميركية، إدارة حقول النفط شمالي سوريا، رغم تحذيرات خبراء قانونيين، من وصول ذلك إلى مستوى جريمة حرب. وهذا ما حمل أستاذ العلوم السياسية والدراسات الدولية بجامعة براون، جيف كولغان، على القول: "فكرة أن الولايات المتحدة ستحتفظ بالنفط في يد شركة إكسون موبيل أو شركة أميركية أخرى غير أخلاقية وربما غير قانونية".

وبموجب الخطة الامريكية الجديدة، ستحمي القوات الامريكية مساحة كبيرة من الأراضي التي يسيطر عليها المقاتلون الأكراد والتي تمتد على طول حوالي 90 ميلا (145 كم) من دير الزور إلى الحسكة شمال شرقي سوريا، لكن عدد الجنود لهذه المهمة لا يزال غير محدد، في حين رجح مسؤولون آخرون أن يكون العدد الإجمالي 800 عسكري على الأقل، بمن فيهم حوالي 200 في قاعدة التنف الامريكية في جنوب سوريا.

وكانت الولايات المتحدة دفعت في 29 من تشرين الأول الماضي، بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى سوريا، اتجهت إلى القواعد الأمريكية القريبة من حقول النفط والغاز في محافظتي دير الزور والحسكة، حيث دخلت 170 شاحنة محمّلة بمعدات عسكرية ولوجستية يرافقها 17 عربة مدرعة محمّلة بجنود أمريكيين، عبر معبر "سيمالكا" الحدودي إلى الأراضي السورية، وبرفقة الطيران الأمريكي.

وقرار ترامب هذا عدا عن انه يتناقض مع قراره السابق بسحب القوات الامريكية من سوريا ومع تصريحاته المتكررة بأنه سئم من حقيقة قيام الولايات المتحدة بدور الشرطي في العالم يتناقض مع الشرائع والمواثيق الدولية كون الوجود العسكري الأمريكي في سوريا لا يستند الى قرار من الأمم المتحدة ولا الى طالب رسمي من السلطة الشرعية في سوريا. كما ان هذا القرار يشطب قراره السابق بعودة 1200 جندي من سوريا الى البلاد في أقرب وقت. وتأكيدًا لهذا ما صرح به وزير الحربية الأمريكي مارك إسبر، بان القوات الامريكية ستقوم بحماية حقول النفط في شرقي سوريا وسترد بحزم على أي محاولات لسيطرة الجهات الأخرى عليها!! دون ان يحدد من هي الجهات الأخرى والتي قد يكون بضمنها الدولة السورية الامر الذي ينطوي على مخاطر كبيرة.

وهذا التناقض حمل السيناتور، تيم كين، الديمقراطي من ولاية فرجينيا، على وصف قرار ترامب حول إبقاء القوات العسكرية لحماية حقول النفط بشرق سوريا بأنها "مهمة مضللة". وأضاف: "المخاطرة بحياة قواتنا لحراسة حقول النفط في شرقي سوريا ليس مجرد أمر متهور، بل إنه غير قانوني.

اما المستشار السابق في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض والباحث في معهد بروكينغز، بروس ريدل، فقال: "هذه ليست خطوة قانونية مريبة فحسب، بل إنها تبعث كذلك رسالة إلى المنطقة بأسرها والعالم بأن أميركا تريد سرقة النفط".

وعقبت لوري بلانك الأستاذة بكلية إيموري للحقوق ومديرة مركز القانون الدولي والمقارن قائلة: "يسعى القانون الدولي إلى الحماية من هذا النوع من الاستغلال".

وتعليقا على خطط واشنطن توسيع وجودها العسكري لحماية حقول النفط في سوريا، قالت وزارة الخارجية الروسية، إن المناطق النفطية يجب أن تكون تحت سيطرة الحكومة السورية. وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، في تصريح صحفي الأربعاء، إن روسيا لا تنوي التعاون مع الولايات المتحدة حول مسألة تأمين مناطق إنتاج النفط في شمال سوريا.

وأكد فيرشينين أن النفط هو ملك للشعب السوري بأكمله، مضيفا: "نحن مقتنعون بأن الشعب السوري هو الذي يجب أن يدير موارده الطبيعية، بما في ذلك النفط".

اما وزارة الدفاع الروسية فاتهمت القوات الأميركية باللصوصية، عبر وضع يدها على حقول النفط السورية، مؤكدة أن ملكيتها تعود حصرا إلى الدولة السورية.

ويعيد قرار ترامب توزع السيطرة على مواقع إنتاج النفط والغاز في سوريا، بعد ان عادت الدولة السورية تسيطر على أهم حقول ومواقع الإنتاج، إثر الاتفاق الذي أبرمته قيادة قوات سورية الديمقراطية (قسد) مع الدولة السورية برعاية روسية، في تشرين الأول الماضي.

وتمتلك سوريا كميات كبيرة من احتياطيات النفط التي لم يتم اكتشافها تقدر بنحو 315 مليار برميل، بالإضافة إلى 69 مليار برميل من الاحتياطيات المكتشفة، وشكل إنتاج النفط فيها مطلع 2011، نحو 24% من الناتج المحلي الإجمالي و25% من عائدات الموازنة و40% من عائدات التصدير. وبلغ إنتاج سوريا من النفط مطلع عام 2011 نحو 385 ألف برميل نفط يوميا، تصدر منها نحو 150 ألف برميل، إلى مستوى إنتاج صفري عام 2015 قبل أن يصل الإنتاج الذي تسيطر عليه الدولة السورية إلى نحو 10 آلاف برميل يوميا عام 2016 وتوقعات بأن يزيد عن 60 ألف برميل في نهاية العام الجاري.

وتتوزع أهم حقول النفط والغاز في سوريا على ثلاث مدن هي: الحسكة ودير الزور والرقة، إضافة إلى شرق مدينة حمص، وسط سوريا، وبعض آبار النفط والغاز التي تم اكتشافها أخيرًا في ريف العاصمة السورية دمشق، أو ما يعرف بجبال القلون "قارة ودير عطية".

ويبدو أن إدارة ترامب تحاول جعل أفضل الموارد النفطية للبلاد رهينة من أجل استخدامها في زيادة توتير العلاقات بين الدولة السورية وبين "قوات سوريا الديمقراطية" بعد ان التقارب الذي فرضه العدوان التركي على الأراضي السورية وكورقة ابتزاز لإجبار النظام السوري وداعميه الروس على قبول مطالب الولايات المتحدة، خلال التسوية السياسية للنزاع السوري.

أخبار ذات صلة