news-details

إنقلاب بوليفيا بدعم امريكي مفضوح

 

 

صلاح دباجة

 

ربما يساور البعض الشك بان للولايات المتحدة ووكالة مخابراتها المركزية (السي آي أيه) لهما ضلع في الانقلاب العسكري اليمني في بوليفيا، خاصة ان ما يطفو على السطح في هذه المنطقة هو تآمر الإدارة الامريكية السافر على النظام اليساري التقدمي في فنزويلا. لكن تسلسل الاحداث التي سبقت الانقلاب قد يزيل هذا الشك. هذا إضافة الى السجل الحافل للولايات المتحدة في التآمر على الأنظمة التي ترفض الانصياع لهيمنتها في مختلف بقاع الأرض والامثلة بالمئات. كما ان اسقاط النظام اليساري في بوليفيا، بحسب تقديرات واشنطن، يساهم في زيادة محاصرة وإضعاف فنزويلا وإخضاعها فيما بعد.

يوم السبت 15 تموز الماضي أكد موراليس أن أجهزة الاستخبارات الأميركية لديها إمكانية الولوج إلى الرسائل الإلكترونية لـ"أعلى السلطات" في بوليفيا موضحًا أنه حصل على هذه المعلومات خلال مشاركته في قمة دول أميركا الجنوبية.

وأضاف أن الأميركيين "يمارسون التجسس، بالتأكيد للقيام بتدخل، من أجل الهيمنة. ولماذا يريدون الهيمنة؟ للاستيلاء على مواردنا الطبيعية، هذا هو جوهر القضية". وهذا سبق الانتخابات الرئاسية التي جرت في 20 تشرين الأول الماضي وادعت المعارضة في بوليفيا بانه تم تزويرها واستغلت ذلك لحشد قوى المعارضة وتنفيذ أعمال شغب في شوارع المدن الرئيسية في البلاد على مدار اسابيع.

الى ذلك كشفت إذاعة "إربول" البوليفية أن السيناتور الأميركي مارك روبيو، والسيناتور بوب منديز، والسيناتور تيد كروز، كانوا على تواصل دائم مع المعارضة البوليفية التي دعت إلى الانقلاب. مؤكدة وجود 16 تسجيلًا مسربًا لقادة المعارضة الذين دعوا للانقلاب مع مسؤولين أميركيين. وكشفت التسجيلات عن تورّط محافظ كوتشابامبا "مانفريدرييس فيلا" الذي اتُهم بالفساد عام 2009، وهرب من بوليفيا إلى الولايات المتحدة حيث يعيش حاليًا هناك. ومن بين المتورطين أيضًا، ماوريسيومونيوز، وضباط سابقون في الجيش هم أوسكار باتشيلووريمبرتو سيليس وخوليو مالدونادووتوبالدوكاردوزو.

هذا بالإضافة للاتهام الساخر لسيناتور أميركي سابق من وكالة المخابرات المركزية الأميركية لـ "سي.آي.أيه"، لقيامها بدور في أحداث بوليفيا. اذ كتب السيناتور السابق عن ولاية "ألاسكا" مايك غرافل، على تويتر "تهانينا على فوزكم بالسلطة في بوليفيا".

ويوم الاثنين 4 الجاري أعلن الجيش البوليفي أن طائرة مروحية كانت تقل الرئيس إيفو موراليس، نفذت هبوطا اضطراريا بعد تعرضها لعطل ميكانيكي، مما أثار شكوك أنصاره، خاصة بعد تعهد معارضين للرئيس الاطاحة به قريبا. وأشعل الحادث التوتر في البلاد التي تشهد منذ أسبوعين تظاهرات معارضة للرئيس منذ إعادة انتخابه لولاية رابعة.

وكان لويس فيرناندو كاماتشو أحد زعماء المعارضة المحافظة في منطقة سانتا كروز الشرقية معقل المعارضة الرئيسي قد هدد السبت 2 الجاري "باتخاذ إجراء حاسم" ليلة الاثنين لإبعاد موراليس عن السلطة.

ووصف وزير الداخلية السابق هوغو مولديز حادث المروحية في تغريدة على تويتر بأنه "هجوم إجرامي". واتهم الرئيس موراليس خصومه بالتخطيط للقيام بانقلاب ضده.

دعوة الإدارة الامريكية لقيادة الانقلاب الى الاحتفاظ بزمام الأمور والامتناع عن العنف ووعدها بمواصلة العمل مع الشركاء الدوليين "لضمان استمرار ديمقراطية بوليفيا ونظامها الدستوري"! هذا في حين امتنعت عن إصدار أي تصريح خلال الاحتجاجات واعمال الشغب التي نفذتها المعارضة على مدار ثلاثة أسابيع بعد الانتخابات!! وموقف الاتحاد الأوروبي لا يختلف عن الموقف الأمريكي المنحاز وكذلك مواقف دول الجوار الدائرة بالفلك الأمريكي.

كذلك الولايات المتحدة سارعت للاعتراف بنائبة مجلس الشيوخ في بوليفيا، جانين آغنيس، كقائمة بأعمال الرئيس التنفيذي في البلاد في اليوم الذي انتخبت فيه لهذا المنصب رغم عدم وجود نصاب قانوني للجلسة التي جرى فيها الانتخاب. وسبقت الولايات المتحدة في ذلك البرازيل. 

كما ان ردود الفعل الدولية الخجولة المنددة بالانقلاب على الشرعية في بوليفيا لا تظهر مجرد الانحياز السافر الذي تقوده الولايات المتحدة وانما تظهر المنسوب الكبير من العداء لرئيس شعبي يساري كرس كل إمكاناته لخدمة بلده وتمكن خلال ما يقارب 14 عاما من الحكم من تحقيق الكثير الكثير من المكاسب والإنجازات لبلده وحاز على ثقة شبه مطلقة من شعبه. ففي انتخابات 2005 حصل على 54% من الأصوات وفي انتخابات 2009 حاز على 64% من الأصوات وفي انتخابات 2014 فاز بـ 61% وفي الانتخابات الاخيرة حصل على 46,87 بالمئة من الأصوات مقابل 36,73 بالمئة لمنافسه الرئيسي ميسا، ما يعني أن الفارق بينهما هو 10,14 نقاط مئوية أي أكثر من 10 نقاط مئوية وهذا لن يضطره لخوض جولة ثانية. وعلى الرغم من ذلك طلب موراليس من منظمة الدول الأمريكية التي راقبت الانتخابات إجراء مراجعة لنتائج الانتخابات لتهدئة البلاد وتوضيح ما إذا كان هناك تزوير أم لا. وتم الكشف عن التقرير الأولي للوكالة في 10 الجاري وتم ذكر بعض المخالفات التي لم تكن مفصلة. وقررت منظمة الدول الأمريكية أن الرئيس فاز بالجولة الأولى، لكنه لم يحصل على 10 نقاط لتجنب الجولة الثانية. لذلك، أعلنت حكومة موراليس أن الانتخابات ستتكرر. الا ان المعارضة المتطرفة رفضت ذلك وأوصت القوات المسلحة بأن يقدم الرئيس استقالته ويبدو ان هذا الموقف المتصلب من المعارضة يحظى بدعم خارجي مشبوه. قبل موراليس السلام في بوليفيا وتجنب المزيد من الاعتداءات على السكان الأصليين وأعضاء حزبه وأعلن استقالته ولجأ الى المكسيك.

كان شعار موراليس العدالة الاجتماعية، من خلال التوزيع العادل لثروة البلاد. كما أعطى الأولوية لحقوق القطاعات الأكثر ضعفا في المجتمع، والتي تم تجاهلها لعقود، وكذلك الإدماج الاجتماعي والسياسي للشعوب الأصلية والفلاحية.

وهدف البرنامج الاقتصادي والاجتماعي موراليس وحزبه حركة الاشتراكية بتحويل بوليفيا إلى واحدة من أكثر الدول المتقدمة في المنطقة.

- تأميم الشركات وموارد البلاد من المواد الهيدروكربونية، مثل الغاز الطبيعي.

- نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 327% في السنوات الـ 13 الماضية ووصل إلى 44885 مليون دولار في عام 2018. في أحدث تقرير عن التوقعات الاقتصادية لصندوق النقد الدولي، كانت بوليفيا هي الاقتصاد الذي حقق أعلى نمو اقتصادي في نهاية هذا العام مع توقعات 3,9 في المئة.

- ارتفاع الدخل السنوي للفرد في الفترة 2006 - 2017، من 1120 دولارًا إلى 3130 دولارًا.

- في عام 2005، كانت بوليفيا تحتل المركز الثاني من ناحية حجم الدين الخارجي بنسبة 52% من الناتج المحلي الإجمالي. وبحلول عام 2018 أصبحت سابع أقل بلد مديون في أمريكا اللاتينية، بديون 24%.

- انخفض الفقر المدقع بأكثر من النصف في العقد الماضي، من 38 إلى 17% بين عامي 2006 و2017.

- انخفض معدل البطالة من 8,1 إلى 4,2% خلال ولاية موراليس. وقد سمح النموذج الاقتصادي لإدارتها بـ 62 في المائة من السكان بالحصول على دخل متوسط.

- كان الحد الأدنى للأجور 440 بوليفيا. وهو حاليا 2060 بوليفيين.

- وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تم زيادة ميزانية الصحة بين عامي 2007 و2014 بنسبة 173%.

أخبار ذات صلة