news-details

الليكود عصابة لم تصل قاع الحضيض الأخلاقي بعد

*ملاحظات أولية وسريعة على الانتخابات *حينما تختلط العنصرية الأيديولوجية، مع الحضيض الأخلاقي فإن النهج السياسي يصبح أشد خطورة *الجماهير العربية تسجل ذروة جديدة في التمثيل ودحر الأحزاب الصهيونية (أرقام أولية) *مبعث على التفاؤل، لنهج كفاحي ميداني أشد، لتغيير الواقع المر وليس مسايرته*

تتواصل التقارير الصحيفة الإسرائيلية التي تكشف عن أساليب العصابات التي يتبعها حزب الليكود، بزعامة بنيامين نتنياهو، على تحالف "كحول لفان"، من بينها مسعى إلى شق التحالف، وحتى تهديد النائبة من الحريديم في كحول لفان، عومر ينكلوفيتش، بعرض "شريط محرج لها" عن حياتها الخاصة، إذا لم تنقلب على تحالفها وتنضم الى الليكود.

وأمام الكل الصهيوني، تظهر شراكة الجماهير العربية البرلمانية، كالمارد الذي يجب أن يبعث على التفاؤل، لنهج كفاحي ميداني أشد، لتغيير الواقع المُر وليس مسايرته.

وتكشف أساليب الليكود، كغيرها من الأحداث التي تم رصدها خلال الحملة الانتخابية، إلى أي درك، وصل اليه الليكود، وكما يبدو ليس القاع بعد، في سبيل انقاذ حكم بنيامين نتنياهو، فما بدأ بتحريض بهيمي ضد العرب، بات اليوم تحريضا مباشرا على الأشخاص، والتعرّض لحياة الناس في الكتل الصهيونية المنافسة، فقط من أجل انقاذ من بات ماثلا أمام المحكمة بتهم فساد، تكشف مدى الدناءة الشخصية لدى نتنياهو.

وقد اهتم نتنياهو بلملمة من هم على شاكلته، ليكونوا من حوله، إن كان على مستوى أعضاء الكنيست من حزبه، أو على مستوى المستشارين، الذين حتى وجهوا حرابهم لنواب الليكود ذاته، ومن بينهم ميري ريغيف، التي لم تشفع لها عنصريتها، وتبعيتها العمياء لسيد حزبها، حتى تم وصفها بالبهيمة.

بطبيعة الحال، لا نذرف الدموع هنا، بل هذا عرض موجز وقصير، لهذا الحضيض الأخلاقي، الذي من المنطقي جدا أن تصل اليه السياسة الإسرائيلية، وهذا ليس حضيضها الأخير، لأن فكر وحركة قائمة على العنصرية الاقتلاعية الاستعمارية، لا بد وأن ينعكس على ممارسات الافراد الذين يقودون الحكم، فما يبدأ بجرائم حرب، يصل أيضا الى جرائم أخلاقية في دوائرهم الخاصة القريبة.

وأساليب الزعرنة القذرة التي نقرأ عنها، بالذات في أوساط اليمين الاستيطاني وأوله الليكود، ليست محصورة عليه، فقد شهدناه بصياغات "دبلوماسية منمقة"، ولكن ليس بالقدر الكافي الذي يخفي وحشيتها ونتانتها، مثل تصريحات أخيرة، للنائب البارز في كحول لفان، يوعز هندل، الذي أظهر استعلاء صهيونيا ليس فقط على العرب، وإنما أيضا على اليهود الشرقيين، فقط لكونهم هاجروا الى فلسطين من دول عربية وإسلامية.

والقضية هنا ليست الأخلاق وحدها، فهذا شأن يعنيا أيضا، لأنه حينما تختلط العنصرية الأيديولوجية، مع الحضيض الأخلاقي وممارسات العصابات المافياوية، بما فيها بيع نظام الحكم لحيتان مال فاسدين، فإن النهج السياسي يصبح أشد خطورة، وبالذات على صعيد سياسات الحرب والاحتلال والاستيطان، لأن كل الضوابط، رغم هشاشتها، تصبح معدومة كليا، وقرار الحرب وسفك الدماء، يصبح أسرع وأشد خطورة، طالما أنه بات يخدم مصالح الأشخاص، وليس فقط الاستراتيجيات العليا.

من السابق لأوانه جدا حسم ما سيكون في الأيام المقبلة، على مستوى تشكيل الحكومة، وما إذا سينجح الأزعر المنفلت بنيامين نتنياهو تشكيلها، فكل الاحتمالات واردة، وأقواها هي أن يشكل نتنياهو حكومة بعدة سيناريوها:

-         انقلاب أفيغدور ليبرمان على موقفه السابق، رغم أنه لم يتلق الضربة التي توقعتها استطلاعات الرأي.

-         حكومة وحدة، وستكون بداية النهاية لتحالف كحول لفان.

-         انشقاق في كحول لفان، ما يعني أيضا نهاية هذا التحالف العابر.

-         انشقاق النائبة اليمينية أورلي ليفي، عن كتلة "العمل- ميرتس"، بكونها رئيسة حزب مسجل، ولا تحتاج لثلث الكتلة لتنشق. وهذا إذا بالفعل حصل تحالف نتنياهو على 60 مقعدا.

وفي كل الأحوال، فإن الحلبة السياسية خرجت من هذه الانتخابات مع علامات تعب واضحة على الأحزاب الصغيرة، التي كما يبدو يعد لها نتنياهو ضربة أخرى لتفتيتها أكثر، بنخفض نسبة الحسم لدخول الكنيست الى أقل من 2%، مكافأة لعصابة "كاخ" التي خاضت الانتخابات تحت اسم "عوتسما يهوديت"، فكل الدلائل تشير الى أن هذه العصابة التي حصلت على 83 الف صوت في أيلول 2019، لم تصل الى 20 ألف صوت في انتخابات هذا الأسبوع، على الأغلب بادرت بنفسها لتحويل عشرات آلاف الأصوات منها لحزب الليكود، وهذا أحد مصادر قوة الحزب الجديدة. ولكن هذا بالتأكيد بثمن سنلمسه قريبا، وليس فقط بإخلاء قرية الخان الأحمر.

في القراءة الأولية، نرى أن هذه الانتخابات سجّل الُحكم الإسرائيلي قاعا جديدا في الحضيض الأخلاقي، ولكنه ليس القاع الأخير.

وفي مقابل هذا الكل الصهيوني، فإن قوة القائمة المشتركة تقض مضاجع الصهاينة على مختلف تسمياتهم وتلاوينهم، فهذه الشراكة الجبارة، ومعها قوى تقدمية يهودية حقيقية، باتت أكثر جرأة في الانتخابات الأخيرة بدعمها للقائمة المشتركة، سجلت ذروة بعد ذروة:

-         15 مقعدا تعني زيادة بنسبة 50% بالتمثيل البرلماني لما كان في نيسان 2019

-         تم تقليص الفجوة في نسبة المصوتين بين العرب واليهود، من 22% في نيسان 2019، لصالح اليهود، إلى 10% في أيلول 2019، إلى 8% في آذار الجاري.

-         قوة الأحزاب الصهيونية بالأصوات، بدأت في نيسان 2019 بأكثر من 135 ألف صوت، وتراجعت الى قرابة 110 آلاف في أيلول، بينما التقديرات الأولية الآن، تشير إلى أنها هبطت في الانتخابات الأخيرة الى ما دون 94 ألفا، ولكن هذا عدد تقديري أولي، سنعرفه بعد أسبوع من الآن على الأقل.

إن تجربة القائمة المشتركة، وانجازها الجديد، يجب أن ينعكس على الجماهير العربية، برفع جهازيتها الكفاحية الميدانية، التي هي الأساس في مسيرتنا الكفاحية، من أجل تغيير الواقع المر، وليس مسايرته، كما أن يكون أداء كتلة المشتركة، تنسيقيا أكثر، مواجها أشد، لكل السياسات العنصرية والحربية.

قراءة الواقع يجب أن تكون بعيون مفتوحة، وبعمق أشد، وبموضوعية تحكمها المصلحة العليا لجماهيرنا العربية، التي أساسها قضية شعبنا الفلسطيني، لأن كل السياسيات العنصرية ضدنا مشتقة من كوننا أبناء الشعب العربي الفلسطيني فقط.  

أخبار ذات صلة