news-details

شدوا الهمة.. وتصبحون على نصرٍ

 

صلاح دباجة

أيام معدودة تفصلنا عن انتخابات الكنيست الـ 22، وكلما اقتربنا من هذا اليوم تشتد المعركة ضراوة، ويتصاعد حمّى التحريض العنصري من جانب نتنياهو وسائر اليمن الفاشي ضد القائمة المشتركة التي تمثل الجماهير العربية في هذه البلاد كونها القوة التي بمقدورها، اذ ما استغلت كل طاقاتها، منع عودة نتنياهو الى سدة الحكم ومعه أعتى قوى اليمين الفاشي- أيتام المأفون كهانا.

لذلك فهذه المعركة بالنسبة لنتنياهو مصيرية اذ ستحدد عودته الى الحكم او دخوله السجن بتهم الفساد التي تلاحقه. اما بالنسبة للجماهير العربية ولشعبنا الفلسطيني فهي أكثر مصيرية خاصة بعد تبني الإدارة الامريكية برئاسة ترامب سياسة اليمين الاستيطاني وتآمرها السافر على حقوق الشعب الفلسطيني، ومحاولاتها تقويض الأسس المتفق عليها دوليًا لحل القضية الفلسطينية، من خلال طرحها لما يسمى "صفقة القرن" التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.

وخيار نتنياهو بين العودة الى الحكم او دخول السجن هو ما يملي تحركه المحموم في هذه المعركة، إذ يحاول في كل يوم ابتداع موضوع يشغل به وسائل الاعلام والرأي العام.

في مقدمة هذه المواضع المبتدعة تصعيد التحريض العنصري على القائمة المشتركة وعلى الجماهير العربية عامة، وهذا ما تجلى بشكل واضح في محاولته البائسة سن قانون إدخال كاميرات تصوير الى مراكز الاقتراع بحجة ضمان نزاهة التصويت في المجتمع العربي! وتصريح الليكودي ميكي زوهار: لو كانت لدينا كاميرات لتوثيق 140 صندوق اقتراع في الانتخابات الأولى لما كان بإمكان التجمع من تجاوز نسبة الحسم. هذا التصريح العنصري يعكس حقيقة ما يسعى اليه الليكود من وراء هذا القانون.

وبعد فشل نتنياهو المدوي في سن قانون الكاميرات في الكنيست ولإستيعاب الضربة زعم في خطاب استثنائي، الاثنين الماضي، أن إيران تطور أسلحة نووية في موقع سري جنوب مدينة أصفهان. وزعم نتنياهو "أجرت إيران في هذا الموقع تجارب لتطوير أسلحة نووية وأنها دمرت الموقع عندما أدركت أن إسرائيل كشفت امره. وهنا لا يتورع نتنياهو عن استغلال الموضوع الأمني لمصالح شخصية وحزبية. ومثل هذا الامر تجلى بوضوح في العدوان الذي نفذته إسرائيل مؤخرًا على العراق وسوريا ولبنان والكشف عما أطلق علية تمثيلية الجيش خلال عملية حزب الله في القاعدة العسكرية في افيفيم على الحدود مع لبنان.

ويأتي هذا الزعم ردًا على الضربة المحبطة لنتنياهو من قمة الدول الصناعية الكبرى السبع (G7) في مدينة بياريتس الفرنسية التي أظهر فيها ترامب بعض التراجع وأعلن انه مستعد للقاء الرئيس الإيراني.. فنتنياهو حافظ على بقائه في الحكم طيلة كل هذه السنوات من خلال التلويح المتواصل بالخطر الإيراني وكرس سياسته الخارجية لمعاداة إيران معتبرًا إياها السبب في عدم الاستقرار في المنطقة، بدافع توسيع عملية التطبيع مع أنظمة الذل والارتهان في العالم العربي وفي محاولة لطمس القضة الفلسطينية وطمس حقيقة ان عدم الاستقرار في المنطقة ومصدر كل الحروب التي شهدتها هذه المنطقة هي إسرائيل.

وعلى الرغم مما كشفه نتنياهو في خطابه الاستثنائي ذلك لم يتغير الموقف الأمريكي فيما يتعلق بإيران وكان رد الرئيس الأمريكي على الفور انه ما زال مستعدًا للقاء الرئيس الإيراني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. الأمر الذي نفس بلون نتنياهو هذا.

اما في اليوم التالي (الثلاثاء الماضي) فقد أعلن نتنياهو، في خطاب أُذيع على الهواء مباشرة على القنوات التلفزة الرئيسية في البلاد، عن عزمه ضم غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة إذا ما فاز في الانتخابات في محاولة لابتزاز أصوات اليمين المتطرف الذي يطالب بضم المستوطنات للسيادة الإسرائيلية. إضافة الى، وهذا لا يقل أهمية، القضاء على أي إمكانية للعودة الى حل الدولتين. وهذا ما حمل الرئيس الفلسطيني على التهديد بإلغاء جميع الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل وما يترتب عليها من التزامات.

ويوم أمس الأول (الأربعاء) كشف نتنياهو عن منسوب حقده الدفين في تصريح عنصري دموي موجه لنشطاء اليمين ادعى فيه بان المواطنين "العرب يريدون إبادتنا جميعًا - أطفال، نساء ورجال" هذه فرية دموية تنطوي على توجهات عنصرية، نزع شرعية، تخويف وتحريض وخطورتها انها صادرة عن زعيم سياسي ينافس على رئاسة الحكومة!!

ولا ندري ما سيبتدعه نتنياهو من مقامرات في الأيام القليلة المتبقية حتى الانتخابات، ربما الإعلان عن اتفاق دفاع مشترك مع الولايات المتحدة وربما الإعلان عن بناء استيطاني جديد او شن هجمات جديدة في سوريا والعراق او استهداف منشآت إيرانية او شن المزيد من الغارات على قطاع غزة. لكن ما هو مؤكد ان نتنياهو يسعى الى السيطرة شبه المطلقة على الاعلام حتى يوم الانتخابات باي ثمن ويسعى بكل قوية للفوز بدورة جديدة رئيسا للحكومة القادمة.

وفي خضم هذه المخاطر الحقيقية على مستقبل العيش في هذه البلاد لا بد للجماهير العربية ان تعي حقيقة ان وحدتها هي الضمانة الوحيدة لبقائها وتطورها رغما عن كل المتربصين العنصريين وان ما يسهم في تعزيز هذه الوحدة اليوم هو النجاح في تشكيل القائمة المشتركة التي كانت قبل الانتخابات الماضية مطلبا شعبيا لم يتحقق. وان ما يثلج الصدر ان القائمة المشتركة نجحت في طرح الشعارات الملحة والواضحة والواقعية في هذه المعركة كما انها كثفت من نشاطها الانتخابي في المدن والبلدات العربية، معرية سياسة اليمين العنصري وتمكنت من كسب ثقة أوساط واسعة في المجتمع العربي وهذا لا بد ان ينعكس بقوة على نتائج الانتخابات القادمة في زيادة التمثيل العربي في الكنيست على حساب قوى اليمين العنصري. ففي الانتخابات الماضية استطعنا ان نسقط "اليمين الجديد" بزعامة بينيت وكدنا ان نسقط ليبرمان. ويبدو اننا في هذه الانتخابات قد ننجح في منع وصول ايتام كهانا الى الكنيست وقطع الطريق امام نتنياهو من العودة الى الحكم وهذا الامر يتطلب مجرد رفع نسبة التصويت في المجتمع العربي.

فبعد كل هذه الضربات المتلاحقة لنتنياهو تمسي إمكانية إسقاطه أكثر واقعية. ودورنا كجماهير عربية وقوى دمقراطية في الشارع اليهودي، سئمت من هذه السياسة العنصرية والمعادية للسلام، ان تشدد نضالها موحدةً ضد مخططات نتنياهو ومن يدعمه في البيت الأبيض. وان تزيد من ترنحه من خلال مضاعفة الدعم للقائمة المشتركة ومن خلال التدفق الجماهيري بالباصات الى صناديق الاقتراع لان مقاطعة الانتخابات تحت أي مبرر وحرق الأصوات مهما كان عددها، ما هو الا دعم مباشر لليمين العنصري بزعامة المفتري العنصري نتنياهو. وهذا ما لن يغفره شعبنا وهذا ما لا يغفره التاريخ. فتاريخنا وتاريخ شعبنا كان ناصعا وسيبقى ناصعًا وملهمًا فشدوا الهمة وتصبحون على نصر يوم الأربعاء.

أخبار ذات صلة