news-details

في مواجهة الكابوس المسمى بالكورونا: لنتذكّر، أننا نبتعد كي نحمي من نحب

*ستمر هذه الفترة وسنعود للقاء من نحب، ولتوطيد علاقاتنا الاجتماعيّة والعائليّة، التي على كل حال من الأحوال، ستختلف عما كانت عليه من قبل. وشخصيًا، كلي إيمان أنها ستختلف لتصبح أفضل....* 

شوارع شبه فارغة، طواقم طبيّة ترتدي لباسًا غريبًا يخفي معالمهم الإنسانيّة، تعتقدهم كائنات فضائية، مذيعة تفتتح النشرة الإخباريّة اليوميّة بحتلنة لعدد الإصابات بفيروس الكورونا حتى الآن.. قد يبدو هذا المشهد وكأنه خرج للتو من فيلم خيال علمي، ولو قيل لي قبل سنة إن هذا ما سيحدث، لكنت قد ضحكت من غرابة المشهد ولانعدام صلته بالواقع.

أكاد لا أصدق، كيف أصبح هذا الكابوس واقعًا؟ كيف أصبح العالم فارغًا؟ كيف تحوّل المشهد السريالي، خلال أيام، إلى وضع قائم نحاول أن تعايش معه؟

 في ظل كل ذلك، أجد نفسي أدعو لتنفيذ توصيّات رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو! ذلك الشخص الذي لا ثقة لي به، والذي يستغل هذه المصيبة علنًا من أجل مصالحه وفساده. الشخص الذي كلي ثقة أنه لا يريد لنا خيرًا.. ولكني أنظر لما يحدث في العالم، في إيطاليا والصين وإسبانيا وفرنسا ورومانيا.. وغيرها من الدول، فأجدني مضطرة هذه المرة لتصديق أكاذيب نتنياهو! هو يكذب من حيث نواياه، ولكن ما يقوله نقلا عن المختصين حوله هو حقيقة، إن لم نسيطر على الفيروس سيسيطر الفيروس علينا.

أضيق ذعرًا بأخي الأصغر مني سنًّا: "حتى لو هالكلام صحيح، وهاي مؤامرة على الشعوب، مش بايدك تغيّر إشي، عالأقل التزم وما تزيد الطين بلّة!".. كيف أقول له أمرًا كهذا، أنا التي أؤمن بقدرة الشعوب على تقرير مصيرها. كيف أدعوه للاستسلام والتأقلم وعدم التفكير خارج الصندوق...

أتابع الأخبار، وأعلم أن الحل الوحيد هو الحجر التام، حظر تجوّل وإغلاق كافة المرافق، وأعلم أن ذلك لم يحدث حتى الآن بسبب بضعة آلات حاسبة، قررت أن حياة عدد من البشر هي خسارة محمولة أكثر من الخسائر الاقتصاديّة التي قد تنجم عن قرار كهذا... أسبُّ النظام الرأسمالي.. وأتابع الأخبار حول البطالة غير المسبوقة، الناجمة عن الوضع الراهن.

ثم أشاهد تقريرًا عن أم قررت مرافقة ابنها في غرفته المعزولة عن العالم في المستشفى، وهي تعلم جيّدًا أن قرارها هذا هو بمثابة موافقة واضحة وصريحة على انتقال الفيروس إليها.

 نعيش مرحلة لا نُحسد عليها، وما سيكون بعدها سيكون مختلفًا عما عرفناه قبلها. وأنا على يقين تام أن التناقضات هذه التي أواجهها يوميًا في ظل الكورونا، ليست قصتي الشخصيّة فقط، وأن القسم الأكبر من شعبنا وسائر الشعوب يشاركني هذا المخاوف والتساؤلات. 

ولكنها ساعة الامتحان، وعلينا أن ننجح ونمرّ هذه المرحلة التي ما زلنا لا نرى النور في آخرها.. ولا نرى آخرها. 

تقع علينا كمجتمع وكأفراد مسؤولية كبيرة، حتى لو تطلب ذلك منا تغيير عاداتنا. مطلوب منا أن نلتزم بالحد من أي تواصل اجتماعي، وهذا ليس أمرا سهلا لمجتمع مبني على الترابط الاجتماعي والعائلي، ولكن لنتذكّر، أننا نبتعد كي نحمي من نحب، لأننا قد نعرّض كل من نلتقي به للاصابة بالفيروس، وقد يعرضنا كل لقاء للاصابة أيضًا. 

لا أريد أن أتخيّل وضعيّة تختار بها المستشفيّات من ستعالج ومن لا، وضعيّة يموت بها أناس نعرفهم لأنهم لم يجدوا من يعطيهم علاجًا. 

لا أريد أن أشاهد نشرة الأخبار لأسمع كم عدد الوفيّات قبل عدد الاصابات... ولا أريد أن أخسر أحد أحبائي بسبب ذلك!

قد يبدو الأمر صعبًا، وهو كذلك فعلًا. لكن مع قليل من الصبر وتبسيط للأمور، كل ما علينا فعله هو التزام منازلنا وعدم الخروج منها إلّا للضرورة القصوى.

ستمر هذه الفترة وسنعود للقاء من نحب، ولتوطيد علاقاتنا الاجتماعيّة والعائليّة، التي على كل حال من الأحوال، ستختلف عما كانت عليه من قبل. وشخصيًا، كلي إيمان أنها ستختلف لتصبح أفضل.... 

 

أخبار ذات صلة