news-details

قانونيون: اعلان بومبيو الاستيطاني، ردٌّ على الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة

 

أجمع متخصصون في القانون الدولي، على أن الادارة الأميركية لا تمتلك الأهلية القانونية لشرعنة الاستيطان، وأن اعلان وزير خارجيتها الأخير، يأتي في إطار ردة فعلها على قرار محكمة العدل الأوروبية وسم بضائع المستوطنات، وعلى الإجماع الدولي لتجديد ولاية "الاونروا".

وكان بومبيو قد أعلن مساء الاثنين، أن بلاده لم تعد تعتبر المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة "غير متسقة مع القانون الدولي".

واعتبر المحامي والمختص في القانون الدولي صلاح موسى، أن اعلان بومبيو موقف سياسي ولا أثر قانوني له، مشيرا إلى أن أميركا لا يحق لها أن تغير الواقع.

ورأى أن الاعلان يأتي ردا على محكمة العدل الاوروبية، التي قررت وسم بضائع المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال موسى: إن موقف الادارة الاميركية الحالي، امتداد لمواقفها السابقة المعادية للشعب الفلسطيني وحقوقه، والمتمثلة باعترافها بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارتها إليها، ووقف دعم "الاونروا" ومحاولة انهاء تفويضها، واغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وهو ما يؤكد أن هذه الإدارة لا تعطي قيمة ووزنا للقانون الدولي.

وعن كيفية مواجهة هذه القرارات، أوضح أن على منظمة التحرير طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية، وفتح ملف المستوطنات كجريمة حرب، وملاحقة الشركات الأميركية التي تتعامل مع المستوطنات، وتحريك دعوات فردية من الفلسطينيين الحاملين للجنسية الاميركية ضد الاحتلال وشركاته في المحاكم الأميركية. ودعا إلى ضرورة مواصلة المعركة الدبلوماسية للقيادة الفلسطينية، إلى جانب اتخاذ قرارات ومواقف عربية موحدة، وإثارة اعلان بومبيو وتداعياته في المحافل الدولية.

 

من جهته، قال خبير القانون الدولي حنا عيسى، إن أميركا غير مخولة بأن تناقض القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، خاصة المتعلقة بالاستيطان. وذكر أن الولايات المتحدة اعترفت وعلى لسان مندوبها في الأمم المتحدة عام 1967 بـ"أن الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة محتلة"، وبالتالي تسري عليها اتفاقيتي لاهاي وجنيف. كما صوتت أميركا على قرارات مجلس الامن 242-338، اللذين يعتبران الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة اراضي محتلة، وبالتالي هي اعتبرت أن الاستيطان غير شرعي.

وقال عيسى: إن ما أعلنه بومبيو بشأن الاستيطان لا يعبر عن ارادة المجتمع الدولي، لافتا الى أن دول العالم دون استثناء حتى حلفاء الولايات المتحدة، اعتبرت الاستيطان غير شرعي، كما يتعارض القرار مع القانون الدولي ويشكل خرقا لميثاق الامم المتحدة 1945.

بدوره، قال وزير القضاء الفلسطيني محمد الشلالدة: إن لا أثر قانوني لهذا الاعلان، الذي شـكل سابقة خطيرة تـشجع علـى انتهـاك القـانون الـدولي والشرعية الدولية، وتقوض جهود تحقيق السلام، وتعمق التوتر والعنف وعدم الاستقرار في المنطقة بما يهدد الأمن والسلم الدوليين .

وطالب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بالاسراع في متابعة الشكوى الخاصة بالاستيطان المقدمة من قبل دولة فلسطين، مع الاخذ بالاعتبار تصريحات وزير الخارجية الاميركي، وموافقة الرئيس الاميركي على نقل السفارة الامريكية الى القدس. وذكر بتبني مجلس الأمن الدولي بأغلبية ساحقة عام 2016 قرارا يدين الاستيطان ويطالب بوقفه في الأرض الفلسطينية المحتلة (القرار رقم 2334)، والذي أكد أن على جميع الدول عدم تقديم أي مساعدة لإسرائيل تستخدم خصيصا في النشاطات الاستيطانية.

وشدد شلالدة على أن جميع المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس مستوطنات غير شرعية ومقامة على جزء من أرض فلسطين المحتلة ومقر بالقانون الدولي، وذلك استناداً إلى عشرات من قرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، وبتأكيد وإقرار ذلك من الأغلبية الساحقة لدول العالم، أن المستوطنات المقامة على الأرض المحتلة عام 1967م والتي تشمل القدس، هي غير شرعية.

وأضاف وزير القضاء، إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية تتعارض تماما مع القانون الدولي لما تنطوي عليه من خرق واضح لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة، كما أنها في الوقت نفسه تنطوي على تجاوز وتعدٍ على الشرعية الدولية.

واعتبر أن تصريح وزير الخارجية الأميركي بمثابة إعطاء تصريح من لا يملك لمن لا يستحق، وكأن التاريخ يعيد نفسه ليخرج "وعد بلفور" جديد، في الذكرى الثانية بعد المائة للوعد القديم، ولكن بلسان أميركي هذه المرة.

وقال: "بموجب ذلك التصريح تصبح الولايات المتحدة الأميركية شريكاً في جريمة الاستيطان مع دولة الاحتلال، ويحق للمحكمة الجنائية الدولية ملاحقة المسؤولين الأمريكيين عن هذا القرار وعلى رأسهم الرئيس ترمب ووزير خارجيته".

الاعلان الاميركي ليس الاول ولن يكون الاخير، فمنذ تولي ترمب الرئاسة اتخذت سلسلة من القرارات المعادية لشعبنا وحقوقه المشروعة، والمتمثلة بالاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، واغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وعدم التوقيع على مذكرة إبقاء مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية مفتوحاً في العاصمة واشنطن، وتجميد 125 مليون دولار من مخصصات "أونروا"، وإعادة توجيه 200 مليون دولار كانت مخصصة إلى قطاع غزة والضفة الغربية إلى مشاريع في أماكن أخرى، وحجب دعم مستشفيات القدس بـ25 مليون دولار.

اعلان بومبيو، المخالف لجميع قرارات الأمم المتحدة ولجانها وهيئاتها المختلفة، يعتبر أيضا تراجعًا عن رأي قانوني صدر عن الخارجية الأميركية عام 1978، يقضي بأن المستوطنات في الأراضي المحتلة "لا تتوافق مع القانون الدولي".

 

كلام الصورة: مستوطنة بيتار عيليت في صورة جويّة من العام 2018؛ السياسة الخارجية الأميركية هي التي تتعارض تماما مع القانون الدولي! (رويترز)

أخبار ذات صلة