وصف قاضي المحكمة العليا المتقاعد يتسحاق زامير، حكومة إسرائيل بأنها "تتصرف تقريبًا كما في الروضة، على الأقل في المجال القضائي. في الغالب، عندما لا تعجبها جهة ما، خصوصًا عندما لا تتصرف وفق إرادتها، تبدأ بالشجار معها بل وحتى بتهديدها". زمير الذي شغل سابقًا وظيفة المستشار القضائي للحكومة، وعميد كلية الحقوق في الجامعة العبرية أورد مثالا على أقواله يتمثل "بمخطط الثورة القضائية الضخمة التي عرضها وزير القفضاء أمام الجمهور في كانون الثاني/يناير 2023. تم إعدادها في الخفاء كما لو كانت عملية عسكرية، من دون إشراك أي جهة قضائية. كان واضحًا أن الحكومة كانت في خصام، على الأقل في تلك الفترة، مع الجهاز القضائي كله. وما كان مصير الخطة؟ بسبب المعارضة الشديدة من الجهاز القضائي والجمهور الواسع، تعثرت معظمها. أُقرّ قانونان فقط، ولا تزال دستوريتهما بانتظار الحسم أمام المحكمة العليا، وربما (وأنا آمل ذلك) سيُلغيان أيضًا". وتابع في وصف ما رآه سلوكا صبيانيًا أن الوزير "امتنع عن عقد اجتماعات لجنة تعيين القضاة(في مخالفة للقانون)، ولم يكن مستعدًا لرؤية أعضائها أو سماعهم أو الحديث معهم. وكيف انتهى الخصام؟ اضطر الوزير لعقد اللجنة بأمر من المحكمة العليا. وبعد نحو عامين، حين عُقد اجتماع للجنة اختيار القضاة (...)أعلن الوزير مجددًا خصامه وامتنع عن المشاركة في الاجتماع. وعندما اختارت اللجنة، رغمًا عن الوزير، القاضي يتسحاق عميت رئيسًا للمحكمة العليا، أعلن خصامه أيضًا على الرئيس عميت. وأعلن أنه لا يعترف بقانونية التعيين (كما لو أن القانون فوّضه هو وليس المحكمة بالبتّ في ما هو قانوني وما هو غير قانوني)، ومنذ ذلك الحين امتنع عن التعاون مع عميت. وإلى أين قاده هذا الخصام؟ عميت يؤدي مهامه كما يجب، فيما جعل الوزير نفسه موضع سخرية وازدراء". وتابع زمير عبر مقال نشرته هآرتس أن الأمر نفسه حدث مع المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراب-ميارا "عندما تبيّن أن آراءها القانونية بشأن بعض القرارات الحكومية لا تعجب الحكومة، فبدأت الأخيرة بالشجار معها وتهديدها: نالت شتائم وإهانات من وزراء الحكومة في كل جلسة حضرتها. وعندما لم تتراجع المستشارة القضائية واستمرت في أداء واجبها كما ينبغي، قررت الحكومة إقالتها. الذريعة التي سُوّغت بها الإقالة هي أن المستشارة القضائية "سياسية بالكامل". هذا الادعاء لم يستند إلى أي دليل أو إثبات، وأنا مقتنع أنه ليس سوى افتراء. واتضح أن الخصام مع المستشارة القضائية لم يغيّر شيئًا، لا الشتائم في جلسات الحكومة، ولا حتى استبدال قفل مكتبها في تل أبيب ليلًا". وذكّر أنه "في اجتماع لمنتدى رؤساء الاقتصاد، بمشاركة الهستدروت العامة للعمال، قيل إنهم مستعدون لشل الاقتصاد إذا تجاوزت الحكومة "الخط الأحمر": إذا رفضت بوضوح الامتثال لحكم المحكمة العليا. بالفعل، لا توجد ديمقراطية حقيقية في العالم ترفض حكومتها تنفيذ أحكام القضاء. إذا حدث ذلك، وأصبحت الحكومة هي التي تقرر (وليس المحكمة) ما هو قانوني وما هو غير قانوني، فسيكون ذلك نهاية الديمقراطية في إسرائيل. وأخيرًا، أسمح لنفسي أن أقترح على الحكومة أن تتوقف عن سياسة الخصام. فعادةً الخصام يدل على ضعف، إذ إن الطفل الضعيف الذي خسر الشجار هو وحده من يعلن الخصام. وفي كل الأحوال، حتى الآن لم تجلب هذه السياسة للحكومة سوى السخرية من قبل الجمهور، ولم تحقق لها أي فائدة"، اختتم.