وصف تقرير صحفي إسرائيلي زيارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة ولقاءه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بأنها زيارة اتسمت بحفاوة علنية كبيرة من جانب ترامب، مقابل غموض سياسي مقصود في القضايا الجوهرية. خلال اللقاء العلني وأمام وسائل الإعلام وفي ساعة ذروة مشاهدة، أغدق ترامب على نتنياهو مديحًا لافتًا، واصفًا أداءه بـ«الظاهرة الاستثنائية»، ومؤكدًا أن العلاقة بينهما «لا يمكن أن تكون أفضل»، بل وذهب إلى حد الإشارة بثقة إلى أن «العفو في الطريق». ويضيف مراسل صحيفة "هآرتس" يوناتان ليس، الذي انتدبته صحيفته لتغطية الزيارة، أنه حتى عندما تطرّق ترامب إلى مسألة تثير قلق الدائرة القريبة من نتنياهو، وهي ميله لاتخاذ قرارات مستقلة قد تعرّض اتفاق غزة أو المصالح الدبلوماسية الأميركية للخطر، اختار ترامب صيغة تصالحية، معتبرًا أن نتنياهو قد يكون صعبًا أحيانًا، لكن إسرائيل بحاجة إلى «رجل قوي»، وأن وجود شخص ضعيف في الحكم كان سيؤدي – بحسب قوله – إلى زوال إسرائيل. في المؤتمر الصحافي المشترك عقب اللقاء، واصل ترامب سياسة الغموض. أعلن بشكل غير ملزم أن «اتفاقيات أبراهام» ستتوسع «بسرعة» لتشمل دولًا إضافية، دون ذكر أسماء أو جداول زمنية. كما اعترف بأن مسار التطبيع مع السعودية لا يزال بعيدًا عن النضج، مكتفيًا بالقول إن الرياض ستنضم في مرحلة ما. وعند سؤاله عمّا سيحدث إذا لم تنزع حماس سلاحها، اكتفى برد مقتضب مفاده أن ذلك سيكون «سيئًا جدًا جدًا» بالنسبة لها. وبشأن احتمال توجيه إسرائيل ضربات لمواقع حزب الله، قال إن الحزب «يتصرف بسوء»، مضيفًا: «سنرى ما سيحدث». فيما يتعلق بإيران، حذّر ترامب من ضربة أميركية جديدة، لكنه في الوقت نفسه وجّه تهديدًا مبطنًا، مؤكدًا أن طهران تعرف العواقب في حال عودتها إلى المسار النووي، وأن هذه العواقب قد تكون «أقوى من المرة السابقة». بالمقابل، تهرّب من تقديم إجابات واضحة حول قضايا حساسة أخرى، مثل فكرة «التهجير الطوعي» لسكان غزة إلى دولة ثالثة، أو موجة اعتداءات اليمين المتطرف على القرى الفلسطينية في الضفة الغربية. ويشير التقرير إلى أن العناق العلني الذي يمنحه ترامب لنتنياهو ليس جديدًا، بل هو جزء من تكتيك مدروس في إدارة العلاقة بينهما. ففي عام 2024، خلال حملته الانتخابية، تفاخر ترامب علنًا بأنه يعرف كيف يخاطب نتنياهو، وقال مازحًا إن «سلاحه السري» هو زوجة نتنياهو، سارة، مضيفًا أن الخلافات الكثيرة بينهما تُترك عادة للغرف المغلقة. مصدر في محيط نتنياهو أكد أن اللقاء المغلق كان «ممتازًا»، وأن ترامب أظهر تفهمًا لمواقف نتنياهو. مع ذلك، يسود قلق في الدائرة المقربة من نتنياهو من احتمال أن يفرض ترامب عليه قرارات لا تستطيع ائتلافه الحكومي تمريرها. ويطرح التقرير احتمال أن تكون المجاملات العلنية بمثابة «عناق دب»، إذ إن مواقف الطرفين متناقضة في قضايا عديدة، خاصة مع اقتراب الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة إعادة إعمار غزة. ولاحظ التقرير أن ترامب تهرّب من الإجابة عن أسئلة جوهرية، منها: هل سيدفع للانتقال إلى المرحلة الثانية قبل العثور على جثمان الأسير القتيل ران غويلي وإعادته للدفن؟ هل سيتجاوز شرط نزع سلاح حماس قبل بدء الإعمار؟ هل سيصرّ على إشراك قوات تركية ضمن قوة الاستقرار في غزة؟ وهل سيضغط على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق أمني مع الإدارة الجديدة في سوريا؟ في كل مرة، اكتفى ترامب بالقول: «سنتحدث عن ذلك»، في إشارة إلى أن الخلافات ما زالت قائمة. أما على صعيد الزيارة نفسها، فيلفت إلى أن سفر نتنياهو برفقة زوجته وابنه يائير، وخططه لحضور حفلة في ميامي لاحقًا، إضافة إلى جدول أعمال واسع وفارغ نسبيًا، أعطت انطباعًا بأن الزيارة تحمل طابع «عطلة مقنّعة». نتنياهو تجنّب الإعلام الإسرائيلي بشكل واضح: لم يصطحب صحافيين على متن طائرته بحجة قيود تقنية، لم يعلن عن مؤتمر صحافي أو إحاطة إعلامية، كما أن المراسلين الذين حضروا لتغطية الزيارة بالكاد دُعوا إلى الفعاليات القليلة المدرجة في برنامجه. في البداية، كان من المقرر أن يتم اللقاء مع ترامب في وقت متأخر (22:30 بتوقيت إسرائيل)، بعيدًا عن ذروة المشاهدة، ما عزّز الانطباع بأن الهدف الأساسي كان تغطية الطابع العائلي للزيارة. في محيط نتنياهو أبدوا استياءهم من التوقيت ومارسوا ضغوطًا لتغييره. وفي نهاية المطاف، وفي الليلة التي سبقت اللقاء، أعلن ترامب عن تقديم الموعد إلى ساعة الذروة في إسرائيل، في ما اعتُبر لفتة إضافية تجاه نتنياهو.