news-details

الأحزاب الدينية حازت على 30% من أصوات الإسرائيليين وزادت أصواتها بـ 45% خلال عامين! | برهوم جرايسي

أظهرت النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، أن الكتل الدينية، التي تمثل التيار الديني الصهيوني، والتيار الديني المتزمت، الحريديم، حصلت على 30% من أصوات اليهود، مقابل نسبة 27% في انتخابات العام 2021، ونسبة 22% في انتخابات العام 2020، وقد زادت أصوات الأحزاب الدينية بين انتخابات 2020 وانتخابات 2022 بنسبة 45%، وهذا بموجب فحص وتدقيق أجريته في مركز الأبحاث الفلسطيني "مدار" للدراسات الإسرائيلية، في النتائج النهائية الكلية، وتشمل القوائم اليهودية التي لم تجتز نسبة الحسم.
وقد وجدنا في المقارنة أن حزب شاس للمتدينين اليهود المتزمتين، من الحريديم الشرقيين، زادت أصواته بنسبة 24.4% مقارنة مع الأصوات التي حصل عليها في العام 2021، وهذا أعلى بكثير من نسبة تكاثر الحريديم الطبيعي، خلال 19 شهرا بين جولتي الانتخابات (التكاثر الطبيعي لدى الحريديم حوالي 6%، وبمعدل 4% سنويا). في حين أن تحالف يهدوت هتوراة للمتدينين المتزمتين، من الحريديم الغربيين (الأشكناز)، زادت أصواته بنسبة 12.8%، وهذا أيضا أعلى من نسبة التكاثر الطبيعي لهذا الجمهور التي هي أعلى مما لدى الحريديم الشرقيين. 
أما لدى التيار الديني الصهيوني، الذي خاض الانتخابات بقائمتين، "الصهيونية الدينية" وحصلت على 14 مقعدا، مقابل 6 مقاعد في انتخابات 2021، وقائمة "البيت اليهودي" التي لم تجتز نسبة الحسم، وحصلت على 1.2% من الأصوات، وكانت عمليا حلة جديدة- قديمة لحزب "يمينا" المنحل، وترأستها أييلت شاكيد، فقد زاد عدد أصوات القائمتين مجتمعة بنسبة 14.8%، وهذا أيضا أعلى من نسبة التكاثر لدى هذا الجمهور خلال 19 شهرا، بنسبة تقديرية 4.5%، وبمعدل 3% سنويا.
وكل نسب الزيادة الكبيرة هذه، في الوقت التي ارتفع فيه عدد الأصوات الصحيحة لجميع القوائم مجتمعة، بما فيها تلك التي لم تجتز نسبة الحسم، بنسبة 8%، مقارنة بانتخابات آذار 2021.
في البحث عن مصادر هذه الزيادة العالية، وجدنا أن نسب التصويت العالية جدا، أصلا، لدى هذين الجمهورين ارتفعت بشكل طفيف، بعد احتساب الأصوات التي حصلت عليها هذه القوائم، من خارج أماكن سكن المصوتين. بقصد أن تعديلات الأنظمة التي تتيح التصويت خارج أماكن التصويت، ساهمت في ارتفاع هذا النمط من التصويت بشكل حاد في انتخابات 2021، وبقدر أكبر في الانتخابات الأخيرة، إذ أن أكثر من 9.6% ممن مارسوا حق التصويت صوتوا خارج أماكن سكناهم، كنسبة عامة. وحسب التقديرات، فإن 5% من العرب الذين مارسوا حق التصويت، صوتوا خارج أماكن سكناهم، مقابل 10% بين اليهود. 
والقصد هنا أنه خلافا لسنوات سابقة، فإن نسبة التصويت المسجلة في التجمعات السكانية، باتت تعطي توجها، ولكن ليست نسبة تصويت نهائية للساكنين في كل تجمع سكاني.
وعلى هذا الأساس، في تقديرنا أن نسبة التصويت لدى جمهور الحريديم تراوحت ما بين 88% إلى 90%، بينما لدى جمهور التيار الديني الصهيوني تراوحت ما بين 84% إلى 86%، وإذا افترضنا أن من هذا الجمهور من هم في عداد المقيمين في الخارج بشكل دائم أو حتى المهاجرين (بنسبة أقل من العلمانيين) فإن هذا يعني أن أكثر من 92% من الأشخاص من هذين الجمهورين، الذين كانوا متواجدين في البلاد يوم الانتخابات، قد مارسوا حق التصويت، مقابل 76% من اليهود غير المتدينين. 

مصادر الزيادة

بحسب التقديرات المختلفة، فإن نسبة الحريديم من بين إجمالي السكان باتت تلامس 14%، لكن من بين ذوي حق الاقتراع فإنهم أقل من 11%، بسبب ارتفاع نسبة من هم دون سن 18 عاما، بفعل نسبة التكاثر والولادات العالية جدا. وكذا بالنسبة لأتباع التيار الديني الصهيوني، الذين تقدر نسبتهم من إجمالي السكان في حدود 15%، ومن بين ذوي حق الاقتراع حوالي 13%. لكن نسبة التصويت العالية جدا لدى هذين الجمهورين تجعل نسبتهم من بين من مارسوا حق التصويت أعلى بشكل ملحوظ.
ونسبة التصويت العالية لدى المتدينين اليهود هي ظاهرة دائمة في كل جولة انتخابية، ولذا فإن مصدر الأصوات الزائدة في الانتخابات الأخيرة، وبهذه النسبة الكبيرة، متعددة الاتجاهات.
أحد المصادر اللافتة في الزيادة الحاصلة في التصويت للأحزاب الدينية، وخاصة في التيار الديني الصهيوني، بالإمكان رؤيته في التراجع الكبير في عدد أصوات حزب الليكود، بنحو 237 ألف صوت، مقارنة مع انتخابات الكنيست الـ 23 التي جرت في آذار 2020. والتراجع كان أكبر بنحو 48 ألف صوت، في انتخابات الكنيست الـ 24 في آذار 2021. 
قسم جدي وملحوظ من تراجع عدد أصوات الليكود يكمن في جمهور التيار الديني الصهيوني، الذي توغل فيه الليكود بشكل خاص في انتخابات العام 2015 للكنيست الـ 20، والجولات الثلاث التي جرت في العامين 2019 و2020. لكن بعد فحص خسارة أحزاب لعدد أصوات بين جولات الانتخابات، تبقى زيادة كبيرة لدى قوائم الأحزاب الدينية، وبالإمكان الاستنتاج، أولا بالنسبة لحزب شاس الذي سجّل أعلى نسبة زيادة، 24.4%، أن هذا الحزب عاد إلى قطاع مصوتين خسر حصة الأسد منه منذ انتخابات 2015، وهو جمهور اليهود الشرقيين، من خارج المتدينين منهم. 
في المقابل، فإن زيادة أصوات تحالف يهدوت هتوراة، لليهود الأشكناز، الأشد تزمتا دينيا في جمهور الحريديم، بنسبة 12.4%، من الصعب معرفة مصدرها، لكن حوالي نصفها تعود للزيادة الطبيعية لدى هذا الجمهور.
الشيء الواضح، أيضا خلال الحملة الانتخابية، أن قائمة "الصهيونية الدينية" التحالفية بين الحزب الذي يحمل ذات الاسم، وحزب "عوتسما يهوديت" بزعامة إيتمار بن غفير، وأيضا قائمة "البيت اليهودي" السابق ذكرها، برئاسة أييلت شاكيد، ولم تعبر نسبة الحسم، قد حصلتا على كم جدي من الأصوات من الجمهور اليميني الاستيطاني المتشدد العلماني.
يمكن القول إن هذه المعطيات والاستنتاجات من شأنها أن تكون مقدمة لفحص أكثر عمقا في التحولات السياسية والدينية في الشارع اليهودي الإسرائيلي، ومن الصعب التقدير كيف ستكون حال المستقبل؛ لكن ما هو معروف منذ الآن هو أن الأحزاب والتحالفات الدينية اليهودية تعتمد بشكل ثابت في زيادة قوتها السياسية والبرلمانية على النسبة العالية جدا في التكاثر الطبيعي، مقارنة مع نسبة التكاثر الطبيعي لدى الجمهور العلماني اليهودي، والتي تحوم حول 1.5%. 

("المشهد الإسرائيلي"- مركز الأبحاث الفلسطيني "مدار")

أخبار ذات صلة