news-details

الشرطة توقعت تفاقم الجريمة بسبب الأزمة وتقاعست كالعادة

كشفت وثائق حصلت عليها صحيفة هآرتس، صباح اليوم الأربعاء، عن تقديرات الشرطة ووزارة الأمن الداخلي لزيادة كبيرة في الجريمة بعد أزمة كورونا، وذلك على خلفية الوضع الاقتصادي الذي أرهق المواطنين.
وتوقع بحسب الجهات الرسمية، زيادة كبيرة تتعلق بالممتلكات، أي السرقة، اذ تكشف سلسلة من الوثائق التي حصلت عليها الصحيفة عن مناقشات داخلية أجرتها الشرطة ووزارة الامن الداخلي خلال الإغلاق الأول والثاني، بحيث قدر الضباط أن الأزمة ستؤدي الى اعتماد كبير لرجال أعمال على السوق الرمادية.
وتشير الوثائق إلى أن هذه التقييمات عززت أكثر بعد الاغلاق الثاني، ففي أواخر نيسان قال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الداخلية: "على الشرطة الاستعداد للأزمة الاقتصادية اللاحقة بالإغلاق". مضيفًا انه "من المهم تصوير الشرطة على انها تعمل لصالح الجمهور وليس ضده"، وتلفت الصحيفة بأن شكوكًا هناك حول بلوغ الشرطة لهذه الصورة المثلى. 
وكانت التقديرات من جانب الشرطة خلال جلسات آذار، نيسان وأيار، انه الى جانب ارتفاع عدد الجرائم الجنائية، سيكون هنالك زيادة في عدد المظاهرات على خلفية الأزمة الاقتصادية وهذا ما تحقّق خلال وقت قصير بالفعل، في حين قدرت أيضًا مصلحة السجون أن بعد الأزمة سيرتفع عدد السجناء.
وخلال جلسة أخرى في وزارة الأمن الداخلي نهاية نيسان، قدر رئيس قسم الأبحاث في مصلحة السجون أن "الضغط المتولد في المنازل سيزيد من عدد السجناء"، كما اعتقدت الشرطة وفقًا للوثائق أن الأزمة ستزيد من العنف الأسري، وهذا ما أثبتته عدة وثائق لاحقة بعد أشهر قليلة، اذ تبين ان هنالك زيادة مرعبة للعنف الأسري بحق النساء والأطفال.
وتكشف الوثائق أن ضابطًا كبيرًا في الشرطة كان يقدر "استخدام القوة لفرض الاغلاق"، وكانت هذه الحجج الواهية التي تذرعت فيها الشرطة خاصة في المظاهرات خدمةً لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، من أجل تخفيف المظاهرات ضده في بلفور. 
كما قدرت الشرطة ان الازمة ستؤدي الى زيادة في عدد قضايا الجرائم عبر الانترنت مع التركيز على الحاق الضرر بالقاصرين والقاصرات عبر الشبكة، وقد تحقق هذا التوقع القاتم كذلك. 
يشار إلى أن الجلسات تطرقت بشكل خاص للحريديم، المجتمع العربي وطالبي اللجوء وفق ما وصفوا، قد خشيت الشرطة بالنسبة للفئة الأخيرة من ان يؤدي الوضع الاقتصادي وزيادة معدل البطالة الى دفع العديد منهم الى الجريمة. فيما استعدت الشرطة الى انتشار الفيروس في مجتمعاتهم، وذلك يُقال إن الشرطة تعاملت معهم بشكل استثنائي و"قدمت مساعدات خاصة لهم".
وتدعي الشرطة أن أكثر ما اثار اهتمامها التعامل مع جمهور الحريديم والعرب، اذ كانت هنالك تخوفات من عدم امتثال الحريديم للتعليمات، وادعائها بأن هنالك ثغرات في ضبط البلدات العربية خاصة في الجنوب، اذ كتب في أيار الماضي عن المجتمع العربي أنه "مع تعمق الأزمة وتفاقمها، سيكون من الصعب فرض قيود على الحريات الشخصية والتصدي للعنف والجريمة المتصاعدة".
وفي نقاش عقد عشية الاغلاق الأول في آذار، أثيرت مسألة ما أسموه "تعاون" الحريديم والعرب مع جهاز انفاذ القانون. وكانت هناك توقعات بوجود مشكلة في هذا الجانب. وقيل من قبل مسؤولين كبار انه "يجب فحص كيفية تطبيق القانون بشكل فعال امام هذه المجموعات" كما ورد في الجلسة أنه "لو كنا في حالة طوارئ مدنية، لكان من الممكن فرض إغلاق وتجنب النزاعات القانونية. إرشادات وزارة الصحة ليست واضحة".
وكانت بالفعل توقعات جدية بحلول مشاكل بالقرب من الحريديم وكتبت توصية خاصة بكيفية التعامل معهم اذا لم يمتثلوا للتعليمات خاصة بسبب الكثافة السكانية العالية واحتمال انتشار الفيروس بشكل كبير وافتقارهم للتعامل مع مؤسسات الدولة وفقًا للوثائق،  (رأينا منها سابقًا التعامل الخاص خلال الأعياد وعدم فرض غرامات وذلك بشكل سري على أن يحتفل الحريديون بأعيادهم دون توثيقها)، اذ كانت هنالك تقديرات برد فعل معاكس اذا فرض القانون "بالقوة"، وبعد فترة وجيزة ظهر انعدام امتثال الحريديين للتعليمات وكانت هنالك محاولات لحشد الصحافة الخاصة بهم لمساعدة الشرطة.

ما يهم الشرطة كان الخروج بـ"صورة النصر" اذ جندت مستشارين خارجيين للنظر في الإشكاليات المطروحة أعلاه، ولكن يبقى السؤال، اذا كانت الشرطة ووزارة الأمن الداخلي على علم بالفعل بكل السيناريوهات الممكنة والمتعلقة بشكل خاص بالجريمة وتوقع زيادتها -وهذا ما رأيناه في المجتمع العربي بشكل مروع ومخيف-، لمَ لم تقدّم احتياطاتها اللازمة للتعامل مع "مجتمع خاص" كما تصفه؟ واذا كان الاغلاق مسببًا بالفعل لأزمات كبرى قضت على حياة ضحايا في جرائم قتل فلمَ فُرض مرّتين؟ وهذا ما ينذر بإخفاق الشرطة وكذلك الحكومة وعدم التنسيق بين الجهتين، إلّا إذا كانت الشرطة معنية بالفعل بنشر الفوضى في مجتمعات مهمّشة أصلًا.

أخبار ذات صلة