news-details

تقرير: عملية الإنزال الجوّي البوليسية في قرية أبو تلول – كانت عرضًا كاذبًا للكاميرات

 

كشف تحقيق استقصائي لصحيفة "هآرتس" اليوم الثلاثاء، عن حقيقة المداهمة التي شنّتها الشرطة قبل نحو شهر تخلّلتها عملية إنزال جوّي من مروحية في قرية أبو تلول في النّقب، والتي تبيّن أنها استعراضية، في ضوء حقيقة مداهمة المنطقة قبل ساعات قليلة من توثيق هذا الإنزال المستهجن فعليًا.

ويقول تقرير هآرتس إنه، في 24 تشرين الثاني، تفاخرت الشّرطة ببدء نشاط مكثف ضد بؤر الجريمة في بلدات النقب، أطلق عليها "المسار الآمن".  حيث أعلن حينها أن 1200 شرطي وعنصر من الوحدات الخاصة يشاركون فيها، حيث تم الكشف عن حقول مخدرات القنّب، و55 كيلوغرام حشيش وماريخوانا، كيلوغرام كوكايين، ثلاث بنادق كارلو والكثير من الذخيرة، كما تم القبض على 12 مشتبهًا وحققت الشرطة مع 29 آخرين.

 في ذلك اليوم، يقول التقرير، أعلن المفتش العام للشرطة كوبي شبتاي: "سنصل إليهم، لمنازلهم، في أي وقت وفي أي ساعة"، فيما أضاف وزير ما يسمى بالأمن الداخلي عومر بارليف: "لقد انتقلنا من الدفاع إلى الهجوم، من يعرضك للخطر، لا تنتظره حتى يأتي إليك، بل تذهب إلى منزله وتهاجمه هناك".

ونقلًا عن التقرير: كانت "صورة الانتصار" للمداهمة عبارة عن توثيق لعناصر من وحدة "اليمام" (وحدة النخبة البوليسية الخاصة) ينزلون من مروحية فوق مجمع سكني في بلدة أبو تلول. تم عرض تقرير يومها، لـ"أولبان شيشي" في القناة 12، وثّق فيه المفتش العام وهو يشاهد العملية من على تلة قريبة حيث كان المراسل داني كشمارو بجانبه. وفي نفس التقرير ظهر عناصر للشرطة وهم يقومون بتفتيش منزل، حيث أعلن شبتاي إتمام العملية. وعندها سأله المراسل الصحفي: "أهذه العملية المعقدة والكبيرة فقط من أجل "دفيئة مخدرات" صغيرة؟" فأجاب المفتش العام: "محور الشر، كل شيء يبدأ بالمخدرات".

 لكن تقرير "هآرتس" يقول، إنه حيث هبطت المروحية، لم يتم العثور على أي شيء ولم يتم القبض على أي شخص أو اعتقاله للاستجواب. وأضاف: "في الحقيقة، كشف تحقيق صحيفة "هآرتس" أن المداهمة كانت مدبرة: وكانت الشرطة تعلم أنه لا يوجد مبرر للعملية، لأنهم قاموا بالفعل بمداهمة المكان قبل ساعات قليلة".

العناصر الذين تم توثيقهم انضموا لأكثر من 20 شرطيا كانوا هناك من قبل، إلا أنه في أخبار القناة 12، لم يعرفوا أن العملية استعراضية، وعندما سأل المراسل كشمارو المفتش العام ما إذا لم يكن ذلك عرضًا لوسائل الاعلام تهرّب الأخير من الإجابة، وفق هآرتس.

وقال المواطن سالم أبو سبيلة، الذي هبطت الطائرة المروحية في ساحة منزله، إنه "في الساعة السادسة من صباح ذلك اليوم، أيقظه رجال شرطة ملثمون هو وعائلته واقتحموا المنزل". وأضاف ان "أربعة أو خمسة منهم دخلوا غرفة نومه مسلحين، وحينما سأل عما يجري قالوا له: اخرس، لا تتكلم".  متابعًا: "أخرجوني من المنزل بينما كانت زوجتي وأولادي يشاهدون ما يجري. وعندما سألت زوجتي عما يحدث، قام الشرطي بحركة ما وكأنه يهدد بضربها".

ووفقًا لأقوال أبو سبيلة، فقد كان ضابطان ينتظران خارج المنزل، وأخبراه أن لديهم أمرًا بتفتيش منزلي الأسرة. وعندما سأل عن العناصر الملثمين، قال له أحد الضباط: "هذه وحدة لا إله لها". سألته عما إذا كانوا فوق القانون فأجاب: "يمكنهم ضربي ولا يمكنني أن أفعل شيئًا".

وبعد إخلاء المنازل، قامت الشرطة بتفتيش مطول وشامل للبيوت والساحات المحيطة بها، ولم تجد أي شيء مثير للاشتباه، ثم طُلب من أبو سبيلة التوقيع على مستند يفيد بعدم حدوث أضرار بالمنزلين.

ووفقًا لما نقلته الصحيفة عن أبو سبيلة، انتهى التفتيش بين الساعة 8:00 و 8:30، لكن الشرطة لم تستعجل مغادرة المكان، اذ قال أبو سبيلة مسترجعًا ما حدث: "ربما بعد ساعتين من انتهاء التفتيش، جلسوا وصنعوا القهوة وانتظروا، لم يتبق سوى أن يفتحوا طاولة. كانوا يعرفون أنه لا يوجد شيء، الجميع كانوا هادئين".

وأضاف التقرير: "في تمام الساعة 10:41، أي بعد أربع ساعات ونصف الساعة من اقتحام منزل أبو سبيلة وبعد ساعتين على الأقل من انتهاء التفتيش في المكان دون نتائج، ظهرت مروحية فوقه وبدأت بعملية الإنزال".

وقال أبو سبيلة لـ"هآرتس": "سمعت في أحد التقارير الإخبارية العربية أنهم قفزوا من أعلى لمطاردة المجرمين الذين فروا، لكنهم لم يطاردوا أحدًا، لقد حطت المروحية عند المنزل فقط". وأضاف: "قفز اثنان إلى منزلي حيث كنت، واثنان إلى منزلي الآخر (الرجل متزوج من امرأتين)، وأمسكوا السلاح كما لو كانوا مستعدين في كل ثانية لظهور ارهابي أمامهم، ولكنهم كانوا يعرفون مسبقًا أنه لا يوجد شيء، لقد كنت في البيت في نفس اللحظة مع ستة أو سبعة عناصر من الشرطة حيث انتظروا في منزلي".

وأضاف: "هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها شيئًا كهذا، لقد رأيته في أفلام الأكشن فقط. لم تدم القصة بأكملها أكثر من عشر دقائق. قدم العناصر عرضًا أنهم يركضون نحو المنازل، ثم خرجوا منها، ركبوا سيارة جيب وانطلقوا بعيدًا". وتابع: " قال عناصر الشرطة الآخرون "هذا هو، انتهينا"، وتقريبًا، غادر الجميع على الفور، وبقي ثلاثة أو أربعة لا مكان لهم في السيارات، وانتظروا حتى عادوا لأخذهم".

وبحسب أبو سبيلة، فقد رأى في اليوم السابق أشخاصًا على التل المطل على المكان، لكنه لم يولِ أهمية لذلك. فقط في وقت لاحق أدرك أنه تم تشكيل قوة شرطية هناك، حيث كان المفتش واقفًا أثناء العملية: "منازلنا تحت الجبل. كان مناسبًا له أن ينظر من خلال منظار من الجبل على هذا التدريب".

وتابع للصحيفة: "يقولون في وسائل الإعلام "ضبطنا"، لكنهم لم يقبضوا على أي شيء ولم يأخذوا أي شخص حتى للاستجواب. في عائلتنا بأكملها، هناك 3000 شخص، لم يقتادوا حتى شخص واحد". وأضاف: "تم ضبط مخدرات في أماكن أخرى، وربطته وسائل الإعلام بالصور التي التقطوها عندي، كما لو أنها ضبطت هنا، يبدو لي أن عناصر الشرطة الذين كانوا ينتظرون عندي المروحية كانوا يعلمون أنه كان تمرينًا، ولكن إذا كان الأمر كذلك، فيجب ألا يأتوا إليّ بأمر تفتيش لإخافة الأطفال، كيف يقومون بتمرين ويقفزون من أعلى أمام أعين الأطفال؟".

وعن المعاناة التي تلقتها عائلته، قال أبو سبيلة إن المداهمة تسببت بأضرار نفسية لأسرته وخاصة لأطفاله الصغار الذين يحتاجون الآن إلى علاج نفسي. مضيفًا "لقد أخافوا زوجتي والأطفال، لقد اعتادوا رؤية الشرطة، لكن الآن إذا قال أحدهم لطفل هناك شرطة يهرب كالمجنون".

كما أضاف أن تقريرًا لطبيب نفسي، قابل الأطفال قال إنّهم قلقون بشأن الحادث ويعانون من "مخاوف وصعوبة في النوم واسترجاع الماضي".

وأضاف التقرير أن الشرطة رفضت الإجابة على سؤال عما إذا كان المفتش العام على علم بأن هذا عمل استعراضي، وكذلك أسئلة حول الأضرار التي لحقت بأفراد عائلة أبو سبيلة. كما لم يتم الرد على السؤال عن عدد المعتقلين والمستجوبين في العملية الذين تم الإفراج عنهم في النهاية، وضد كم منهم تم رفع دعاوى جنائية.

أخبار ذات صلة